طبيب الغفلة !

لن يكون الطبيب المزيف الذي قبضت عليه شرطة جدة أول طبيب مزيف أو مشعوذ يمارس مهنة الطب، فالدخلاء على هذه المهنة ربما كانوا أكثر من المرضى أنفسهم، لكن لماذا يجد هؤلاء المزيفون فرصة سانحة لممارسة خداعهم؟!
برأيي أن غياب الرقابة أحد الأسباب، وكذلك ضعف وعي الناس، لكن من الأسباب أيضا أن لجوء المرضى لمثل هذه العيادات المشبوهة سببه عجز العيادات الحكومية عن تلبية احتياجاتهم في الوقت المناسب وغلاء أسعار العيادات الأهلية، وبالتالي صارت العيادات المشبوهة ملجأ لكل ممتعض من قوائم الانتظار الطويلة والمواعيد البعيدة والتكاليف الباهظة، ولأن في هؤلاء أصحاب موارد دخل قليلة، فإن المزيفين والمشعوذين يجدون فرصة لفتح عياداتهم الوهمية لاستقبال المرضى بتكاليف مغرية تغلب حاجة المريض على مصلحته!
قبل أن نبحث وسائل التصدي للمزيفين، يجب أن نبحث وسائل تطوير أداء ومستوى الخدمات الصحية الحكومية لتواكب الحاجات الفعلية للناس، فما نقرأه على صفحات الصحف من جهود وعقود ومشاريع يجب أن نجد أثره في واقع حياة الناس، فالصحة ليست حروفا مقروءة في الأخبار، وإنما آلام محسوسة في الأبدان!
اللافت في قضية الطبيب المزيف زعمه أنه يملك من الخبرة والمهارة في التشخيص والمعالجة ما يفوق قدرات الأطباء الحقيقيين، ولم ينقصه إلا أن يقول مع أمثالي لا تحتاجون لكليات الطب.. نوفر المال ونختصر الوقت!.