يتعين الوقوف إزاء اختلاف التقديرات بالنسبة لتقدير حجم ونسبة البطالة بين الجهات الرسمية، وغير الرسمية في بلادنا، ناهيك عن تقارير المنظمات والجهات الإقليمية «مجلس التعاون، الجامعة العربية، منظمة العمل العربية»، والدولية «البنك الدولي وصندوق النقد الدولي».. وغيرها المعنية بدراسة وبحث آفاق الاقتصاد الإقليمي والعالمي، ومن بينها أزمة البطالة في العالم. غير أنه في جميع الحالات هناك اتفاق على كون البطالة بيننا تعتبر ضمن خانة المعدلات العالية، والتي لا تتناسب وفقا لكل المعايير مع وجود عمالة وافدة تقدر بحوالي 9.2 مليون يشكلون 31% من العدد الإجمالي للسكان وأكثر من 60% من حجم العمالة الكلي، في حين كشفته مصادر الاستقدام بمجلس الغرف السعودية عن بدء شركات الاستقدام العاملة بالسوق المحلي استقدام مليوني عامل من كافة الدول بعد رفعهم طلبات الموافقة على منح تأشيرات الدخول والعمل بكافة القطاعات الاقتصادية، وذلك لسد النقص الحاصل بعد تنفيذ إجراءات ترحيل العمالة المخالفة، وهذا يعني وجود أكثر من 11 مليون وافد أجنبي. الجدير بالذكر أن المملكة ــ وفقا لتقرير أصدره قسم السكان التابع للأمم المتحدة مؤخرا ــ احتلت المركز الرابع عالميا في استقدام العمالة بعد أمريكا وروسيا وألمانيا، وإذا أخذنا نسبتهم إلى عدد السكان، فإن المملكة تحتل المرتبة الأولى في العالم، كما تمثل تحويلات العمالة الوافدة في المملكة المرتبة الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة، وتماثل مجموع تحويلات العمالة الوافدة في كل من ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، وتقدر تلك التحويلات بأكثر من 100 مليار ريال (26.7 مليار دولار) سنويا. وقد كشف عميد كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أيمن فاضل أن 97% من المنشآت الصغيرة تمارس فيها عمليات تستر تجاري، وأن حالات التستر التي تم الكشف عنها حاليا وصلت إلى 340 ألف حالة، مضيفا أن العديد من الشباب السعودي المتواكل قد سلموا سجلاتهم التجارية لوافدين ليديروها لمصلحتهم الخاصة مقابل عائد زهيد.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا ضمن الوضع الاقتصادي الجيد نسبيا مقارنة بالبيئة القاتمة للاقتصاد العالمي، تتفاقم أزمة البطالة، بل هي معرضة للارتفاع في المستقبل في ظل ازدياد نسبة المواليد من السكان التي تصل إلى 2.5 %سنويا، وانخراط مئات الآلاف من الشباب والشابات الجدد في سوق العمل سنويا، بمن فيهم خريجو الجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم في داخل المملكة وخارجها؟ من الواضح بأن التوظيف المباشر في مرافق ومؤسسات وقطاعات الدولة (باستثناء القطاع الصحي) المختلفة وصل حد الإشباع مع وجود حوالي مليون ومائة ألف موظف وعامل سعودي، وبما يماثل البطالة المقنعة في حالات كثيرة، ومع أنهم يستنزفون نسبة كبيرة من النفقات الجارية في الميزانية، غير أن قطاعات كبيرة منهم (ولأسباب مختلفة) لا تحقق إضافة فعلية للعملية الاقتصادية/ الإنتاجية، ومع مرور الوقت، أو انخفاض عائدات الدولة سيتحولون إلى عبء ومشكلة كبيرة.
يتعين هنا التأكيد على مسؤولية القطاع الخاص في ترجمة الأنظمة والقرارات والتوجهات الصادرة من قبل الدولة على أرض الواقع، غير أن المعطيات والبيانات والإحصاءات المتعلقة بسوق العمل تؤكد عدم التزام الغالبية الساحقة من شركات ومؤسسات القطاع الخاص بتلك الأنظمة والقرارات أو محاولة الالتفاف عليها بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة على الصعيد العملي. قبل كل شيء لا يمكن فصل النمو الحثيث والمطرد الذي شهده القطاع الخاص على مدى العقود الأربعة الماضية، عن الدور والدعم المباشر وغير المباشر وجملة المزايا والتسهيلات التي يحظى بها من قبل الدولة. يتمثل ذلك في حصول الشركات والمؤسسات الخاصة على غالبية المناقصات والتوريدات والتعهدات الحكومية بشكل مباشر أو كشريك من الباطن، والتي شملت مجالات مختلفة، والأمر ذاته ينسحب على الشركات العملاقة التابعة للدولة مثل شركة أرامكو ــ السعودية وشركة سابك، ناهيك عن القروض الضخمة الميسرة (بدون فوائد) التي حصل عليها القطاع الخاص من قبل بنوك التنمية (الصناعية والزراعية) الحكومية، والتي بلغت عشرات المليارات من الريالات، إضافة إلى منحه الأراضي الواسعة لغرض الاستثمار الزراعي مجانا، إلى جانب توفير المدن والمناطق الصناعية المخططة وتقديمها للقطاع الخاص بأسعار زهيدة ورمزية. باستثناء الزكاة الشرعية (2.5 %) فإن مداخيل تلك الشركات (وبعضها تقدر عائداتها بمليارات الريالات) على خلاف بلدان العالم معفاة من الضرائب، كما تتمتع أنشطتها ومنتجاتها بالحماية من المنافسة الأجنبية. غير أنه ــ في المقابل ــ لم يقم القطاع الخاص بوجه عام بمسؤولياته في التفاعل الإيجابي مع القرارات والأنظمة المتعلقة بتوطين (سعودة) العمالة لديها.
na_alkhonaizi@yahoo.com
للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا ضمن الوضع الاقتصادي الجيد نسبيا مقارنة بالبيئة القاتمة للاقتصاد العالمي، تتفاقم أزمة البطالة، بل هي معرضة للارتفاع في المستقبل في ظل ازدياد نسبة المواليد من السكان التي تصل إلى 2.5 %سنويا، وانخراط مئات الآلاف من الشباب والشابات الجدد في سوق العمل سنويا، بمن فيهم خريجو الجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم في داخل المملكة وخارجها؟ من الواضح بأن التوظيف المباشر في مرافق ومؤسسات وقطاعات الدولة (باستثناء القطاع الصحي) المختلفة وصل حد الإشباع مع وجود حوالي مليون ومائة ألف موظف وعامل سعودي، وبما يماثل البطالة المقنعة في حالات كثيرة، ومع أنهم يستنزفون نسبة كبيرة من النفقات الجارية في الميزانية، غير أن قطاعات كبيرة منهم (ولأسباب مختلفة) لا تحقق إضافة فعلية للعملية الاقتصادية/ الإنتاجية، ومع مرور الوقت، أو انخفاض عائدات الدولة سيتحولون إلى عبء ومشكلة كبيرة.
يتعين هنا التأكيد على مسؤولية القطاع الخاص في ترجمة الأنظمة والقرارات والتوجهات الصادرة من قبل الدولة على أرض الواقع، غير أن المعطيات والبيانات والإحصاءات المتعلقة بسوق العمل تؤكد عدم التزام الغالبية الساحقة من شركات ومؤسسات القطاع الخاص بتلك الأنظمة والقرارات أو محاولة الالتفاف عليها بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة على الصعيد العملي. قبل كل شيء لا يمكن فصل النمو الحثيث والمطرد الذي شهده القطاع الخاص على مدى العقود الأربعة الماضية، عن الدور والدعم المباشر وغير المباشر وجملة المزايا والتسهيلات التي يحظى بها من قبل الدولة. يتمثل ذلك في حصول الشركات والمؤسسات الخاصة على غالبية المناقصات والتوريدات والتعهدات الحكومية بشكل مباشر أو كشريك من الباطن، والتي شملت مجالات مختلفة، والأمر ذاته ينسحب على الشركات العملاقة التابعة للدولة مثل شركة أرامكو ــ السعودية وشركة سابك، ناهيك عن القروض الضخمة الميسرة (بدون فوائد) التي حصل عليها القطاع الخاص من قبل بنوك التنمية (الصناعية والزراعية) الحكومية، والتي بلغت عشرات المليارات من الريالات، إضافة إلى منحه الأراضي الواسعة لغرض الاستثمار الزراعي مجانا، إلى جانب توفير المدن والمناطق الصناعية المخططة وتقديمها للقطاع الخاص بأسعار زهيدة ورمزية. باستثناء الزكاة الشرعية (2.5 %) فإن مداخيل تلك الشركات (وبعضها تقدر عائداتها بمليارات الريالات) على خلاف بلدان العالم معفاة من الضرائب، كما تتمتع أنشطتها ومنتجاتها بالحماية من المنافسة الأجنبية. غير أنه ــ في المقابل ــ لم يقم القطاع الخاص بوجه عام بمسؤولياته في التفاعل الإيجابي مع القرارات والأنظمة المتعلقة بتوطين (سعودة) العمالة لديها.
na_alkhonaizi@yahoo.com
للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة