-A +A
شتيوي الغيثي
كلما حاولت أن أتجاهل قضايا الغذامي الثقافية وتناقضاته العجيبة ومثالياته التي دائما ما أسميها بـ«الهياط الثقافي» ـ الذي أستعيره من عنوان مقال لوضحاء آل زعير في الجزيرة قبل سنوات حول بعض المثقفين وليس عن الغذامي تحديدا ــ لأنها لا نفع فيها ثقافيا لا للغذامي ولا لجمهوره ولا للمثقفين بشكل عام.. أقول: كلما حاولت أن أطوي صفحة الغذامي، كوني لا أحمل شيئا شخصيا للرجل مطلقا لا من قريب ولا من بعيد، إلا أنني أضطر أن أعود إليه لسبب بسيط، وهو أن الغذامي يمارس «تعمية ثقافية» متعمدة، على الرغم من ادعائه المنهجية في كثير من مقولاته وتغريداته ويصم غيره باللامنهجية أو «العمى الثقافي» لمخالفيه، خصوصا أنه يحمل جماهيرية عريضة يمارس عليها فحوليته ونسقيته التي يصم مخالفيه بها، فهو أقرب إلى المقولة: (رمتني بدائها وانسلت).
وآخر ما طلع علينا الغذامي من عجائبه أن حاول تحويل قضية اتهام الدكتور عبدالرزاق الصاعدي بسرقة فكرة المجتمع اللغوي الافتراضي، وحينما طالبه الصاعدي بإثبات دعواه، أخرج الغذامي بيانا ركيك المبنى والمعنى ــ للأسف ــ على غير عادة الغذامي في ذكاء مفرداته وأسلوبه يبرر فيه أهمية التقاضي في المحاكم على القضايا الثقافية، محاولا من خلال ذلك مكابرته عن الاعتذار حينما لم يثبت صحة كلامه بعدما طالبه الصاعدي وبعض الجمهور بذلك، وهي سابقة غريبة، إذ لم نعرف مثقفا يطالب بتحويل الخلافات الثقافية إلى المحاكم.

وبعيدا عن القضية بين الرجلين، إلا أن مفهوم التقاضي الثقافي ــ بحد ذاته ــ مفهوم يضرب تماما في حرية التعبير، كون التقاضي يصب في مسألة الجريمة الثقافية كالسرقات وغيرها، أما قضايا الخلافات الثقافية، وتحويلها إلى عملية قضائية، فهذا ما لا يمكن أن يقبل، كونها تفتح مجالا لكل خلاف ثقافي أن يتحول إلى جريمة ثقافية يعاقب عليها القانون.