بعد انتهاء موسم الحج بدأت القطاعات المختلفة في دراسة السلبيات لتفاديها في الحج المقبل، ومن أهم الأمور التي تحتاج إلى الدراسة والتخطيط هي التي لها علاقة بالصحة لدرء أسباب بعض الأمراض المهمة.
من المشاهد التي رصدتها في حج 1431هـ أمر قد لا يعطيه البعض الاهتمام بينما ننظر إليه نحن الأطباء المتخصصين بمنظور مختلف جدا، وهو توفير الماء البارد أو ماء الشرب داخل مخيمات الحج، فقد ذهلت وأنا أرى أن ثلاجات الماء أو ما يعرف (بالترامس) كمصدر المياه السائد في وسط المشاعر والتي يتم تبريدها عن طريق وضع الثلج داخل تلك الترامس، والثلج المستخدم عادة ما يكون في مكعبات صغيرة جاهزة ومعبأة في أكياس متوسطة الحجم وهو أمر مقبول إلى حد ما، إذا ما تجاهلنا أمور أخرى كنوعية الماء المستخدم لتصنيع مكعبات الثلج.
إلا أن العجب العجاب هو استخدام قوالب الثلج الكبيرة التي يصل حجم الواحدة منها قرابة المتر، والتي يتم تكسيرها عن طريق السكين الخاص بالثلج أو ما يعرف (بالمغراز)، فبعد تكسير الثلج يتم وباستخدام الأيدي وضع الثلج داخل الترامس ثم يضاف عليه الماء مباشرة وباستخدام الأيدي العارية عن طريق عمال المخيم الذين عادة ما يكونون من العمالة غير العربية والذين ليس لهم أي خلفية في الاشتراطات الصحية.
وقد يكون أحدهم خرج لتوه من دورة المياه والتي نعرف جميعا أحوالها في الحج ومستوى نظافتها، وبالتالي تزداد فرصة تلوث ماء الشرب عن طريق لمس الثلج وقت تحضيره، وأصبح ذلك العامل مصدرا أساسيا في إصابة كل من يشرب من ذلك الماء الممزوج بالثلج الملوث بأمراض معوية تظهر غالبا بإسهال مفاجئ قد يكون شديد، وقد يؤدي إلى الجفاف ومن ثم بحياة الحاج متى ما كان كبيرا في السن أو مصابا بأحد الأمراض المزمنة كالسكر أو القلب أو أمراض الكلى، فالأمراض التي تنتقل من المخلفات الآدمية تتفاوت مسبباتها بين البكتيريا والفيروسات والطفيليات وجميعهم يتشابهون في الأعراض، ولكن تمتاز الفيروسات والطفيليات بإحداثها للعدوى بجرعات صغيرة وقدرتها على مقاومة تراكيز مختلفة من الكلور.
لا أريد الخوض في ميكانيكية حدوث العدوى ولا جودة الثلج ونوعية المياه المستخدمة كما أسلفت، إلا أنني أحس بالقلق كشخص متخصص لأمر آخر عندما يزداد الازدحام ولا تستطيع السيارات الخاصة بشركات الثلج الوصول إلى المخيمات، مما يؤدي إلى نقل القوالب الكبيرة للثلج من السيارات إلى المخيم بواسطة عربات صغيرة تستخدم أصلا في الخدمات العامة ونقل النفايات الخاصة بالمخيم وبالتالي زيادة فرص تلوث الثلج.
وبنظرة بسيطة إلى إحصائيات المستشفيات المنتشرة في المشاعر، نرى أن النزلات المعوية من الأسباب الرئيسة لشكوى الحجاج ودخول البعض منهم للتنويم، ولو تم تفادي ذلك الأمر، خاصة من ناحية الشرب الصحي، لما شغرت الكثير من الأسرة بمرضى يعانون من الإسهال الشديد والجفاف الخطير، ولتفرغت المستشفيات للأمراض الأكثر خطورة كأمراض القلب والجهاز التنفسي والحوادث.
والسؤال الذي يطرح نفسه، ألا توجد طريقة أخرى لتبريد المياه داخل المخيمات بدل الطرق البدائية السالفة الذكر؟ لا أريد أن أوجه سؤالي إلى قطاع معين فأنا على يقين بأن الكل سوف يرمي بالكرة في ملعب الآخر، إلا أنني أضع الكرة في ملعب أمانة العاصمة المقدسة ووزارة الحج والمؤسسة المعنية بالحجاج لعلنا نجد إجابة قبل الحج المقبل؟
* استشاري مكافحة العدوى ووبائيات المستشفيات في صحة جدة.
من المشاهد التي رصدتها في حج 1431هـ أمر قد لا يعطيه البعض الاهتمام بينما ننظر إليه نحن الأطباء المتخصصين بمنظور مختلف جدا، وهو توفير الماء البارد أو ماء الشرب داخل مخيمات الحج، فقد ذهلت وأنا أرى أن ثلاجات الماء أو ما يعرف (بالترامس) كمصدر المياه السائد في وسط المشاعر والتي يتم تبريدها عن طريق وضع الثلج داخل تلك الترامس، والثلج المستخدم عادة ما يكون في مكعبات صغيرة جاهزة ومعبأة في أكياس متوسطة الحجم وهو أمر مقبول إلى حد ما، إذا ما تجاهلنا أمور أخرى كنوعية الماء المستخدم لتصنيع مكعبات الثلج.
إلا أن العجب العجاب هو استخدام قوالب الثلج الكبيرة التي يصل حجم الواحدة منها قرابة المتر، والتي يتم تكسيرها عن طريق السكين الخاص بالثلج أو ما يعرف (بالمغراز)، فبعد تكسير الثلج يتم وباستخدام الأيدي وضع الثلج داخل الترامس ثم يضاف عليه الماء مباشرة وباستخدام الأيدي العارية عن طريق عمال المخيم الذين عادة ما يكونون من العمالة غير العربية والذين ليس لهم أي خلفية في الاشتراطات الصحية.
وقد يكون أحدهم خرج لتوه من دورة المياه والتي نعرف جميعا أحوالها في الحج ومستوى نظافتها، وبالتالي تزداد فرصة تلوث ماء الشرب عن طريق لمس الثلج وقت تحضيره، وأصبح ذلك العامل مصدرا أساسيا في إصابة كل من يشرب من ذلك الماء الممزوج بالثلج الملوث بأمراض معوية تظهر غالبا بإسهال مفاجئ قد يكون شديد، وقد يؤدي إلى الجفاف ومن ثم بحياة الحاج متى ما كان كبيرا في السن أو مصابا بأحد الأمراض المزمنة كالسكر أو القلب أو أمراض الكلى، فالأمراض التي تنتقل من المخلفات الآدمية تتفاوت مسبباتها بين البكتيريا والفيروسات والطفيليات وجميعهم يتشابهون في الأعراض، ولكن تمتاز الفيروسات والطفيليات بإحداثها للعدوى بجرعات صغيرة وقدرتها على مقاومة تراكيز مختلفة من الكلور.
لا أريد الخوض في ميكانيكية حدوث العدوى ولا جودة الثلج ونوعية المياه المستخدمة كما أسلفت، إلا أنني أحس بالقلق كشخص متخصص لأمر آخر عندما يزداد الازدحام ولا تستطيع السيارات الخاصة بشركات الثلج الوصول إلى المخيمات، مما يؤدي إلى نقل القوالب الكبيرة للثلج من السيارات إلى المخيم بواسطة عربات صغيرة تستخدم أصلا في الخدمات العامة ونقل النفايات الخاصة بالمخيم وبالتالي زيادة فرص تلوث الثلج.
وبنظرة بسيطة إلى إحصائيات المستشفيات المنتشرة في المشاعر، نرى أن النزلات المعوية من الأسباب الرئيسة لشكوى الحجاج ودخول البعض منهم للتنويم، ولو تم تفادي ذلك الأمر، خاصة من ناحية الشرب الصحي، لما شغرت الكثير من الأسرة بمرضى يعانون من الإسهال الشديد والجفاف الخطير، ولتفرغت المستشفيات للأمراض الأكثر خطورة كأمراض القلب والجهاز التنفسي والحوادث.
والسؤال الذي يطرح نفسه، ألا توجد طريقة أخرى لتبريد المياه داخل المخيمات بدل الطرق البدائية السالفة الذكر؟ لا أريد أن أوجه سؤالي إلى قطاع معين فأنا على يقين بأن الكل سوف يرمي بالكرة في ملعب الآخر، إلا أنني أضع الكرة في ملعب أمانة العاصمة المقدسة ووزارة الحج والمؤسسة المعنية بالحجاج لعلنا نجد إجابة قبل الحج المقبل؟
* استشاري مكافحة العدوى ووبائيات المستشفيات في صحة جدة.