مدينة الإسكندرية مدينة جميلة وهادئة، خاصة خلال فصل الشتاء، حيث يخيم الهدوء على معظم أرجائِها، وتكاد لا تسمع فيها غير تلاطم أمواج البحر على الساحل. حتى فنادقها، ونزلها، فلا تشهد الصخب الذي تشهده فنادق القاهرة، بل هي إلى الهدوء أميل، ويميل أهلها إلى السكينة، فلا غرو إذن أن تكون حضنا لمكتبة عريقة وضخمة، هي مكتبة الإسكندرية.
وقد عرِف عن الإسكندرية التسامح الديني العظيم الذي يعم أرجاءها، ويظهر ذلك في تاريخها القديم المجسد في متاحف المدينة، وأشهرها المتحف الإغريقي ــ الروماني القديم، الذي تجسد توابيته صورا من تسامح سكان المدينة القدامى من الفراعنة مع الأديان القادمة والمستحدثة في مدينتهم قبل الدين المسيحي. فكل تابوت تراه من توابيت تلك الفترة يحمل شعارين؛ فرعوني ونصراني، علما بأن النصرانية لم تفد إلى المدينة إلا في زمنٍ متأخر.
كل هذا الهدوء وتلك السكينة وذلك التسامح انهار فجأة على أيدي مجموعة من المتطرفين الذين لا يمثلون الإسلام ولا يمتون إليه بصلة. فهم قد فجروا كنيسة مسيحية لذميين يمارسون شعائرهم الدينية في يوم عيدهم. ولو كانت تلك الممارسات مرفوضة، لما صدر الأمر الإلهي إلينا كمسلمين أن نحترم أتباع الديانات الأخرى، خاصة من أهل الكِتاب.
غير أن الاستخفاف بدماء البشر وقيمهم وأخلاقهم قد قاد هؤلاء المفجرين إلى اقتراف هذا الجرم العظيم. وهم وأجناسهم قد اقترفوا جرائم مماثلة في تفجيراتهم للمساجد والمعابد في باكستان وغيرها من بلاد المسلمين.
ومثل هذه الأعمال الدنيئة لا تسيء إلى هؤلاء القوم من المجرمين فحسب، بل تسيء إلى جميع المسلمين وتشوه صورة الإسلام أمام بقية البشر، وتظهرنا وكأننا دمويون، نرتع في العنف ونسعى إلى التدمير ونعيش على أشلاء المدنيين والعزل!
رب من قائلٍ بأن نفرا من أتباع الديانات الأخرى يقومون بنفس هذه الأعمال ضد أبناء المسلمين، وهذا حق. ولكن لا يمكن أن يدفع الباطل بالباطل، وأن يصحح الضرر بالضرر. فالموقف الأخلاقي لجماعة المسلمين يجب أن يكون أعلى من أن يسمح لأنفسهم بأن يجروا إلى مهاوي الجرم.
ثم إن هؤلاء الناس هم من أبناء جلدتنا، وعرب ومصريون مثلنا، وإن اختلفت دياناتهم أو مذاهبهم، ولنا أن نحمد لجماعة الإخوان المسلمين موقفها القوي من هذه الجرائم وإدانتها لها، ودعوة بعض من رؤسائها لإقامة حاجز بشري حول هذه الكنائس أيام احتفالاتها بالسنة الميلادية الشرقية ليلة السابع من يناير، كي تحمي هذه الكنائس من عبث المجرمين الذين لا يحترمون دينا ولا ذمة. والحقيقة أن الإسلام الوسطي الذي يعود إلى الأصول النقية للدين السماوي الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، وأصحابه الكِرام، هو حري أن ينقذنا من هذه المأساة الأخلاقية التي تكاد أن تزج بالمجتمعات الإسلامية إلى الهاوية، وتقتل من أبناء المسلمين أكثر من قتلها لأتباع الديانات الأخرى. وتحيل الجماعات الإسلامية إلى جماعات متطرفة ومتحجرة لا تستطيع أن تساهم مجددا في الحضارة الإنسانية.
ولعل العنف الذي حل اليوم بالإسكندرية لم يكن العنف الأول، فلقد تعرضت المدينة للعديد من الغزوات في تاريخها الطويل، ولعل تحول الرومان إلى الديانة المسيحية حوالي نهاية القرن الرابع الميلادي، وما قاموا به من اضطهاد لغير المسيحيين، دليل على مدى التطرف الديني وما يسببه من صراعات لا نهاية لها، ولعل الحادثة الأخرى التي تستحق الذكرى في تاريخ الإسكندرية تتجسد في قيام الإمبراطور الروماني (كاراكلا) بقتل جميع الشبان من أهالي الإسكندرية من القادرين على حمل السلاح، وذلك انتقاما لما كانوا يوجهونه إليه من نكت وفكاهة لاذعة، وهو طبع المصريين على مر الزمان.
رد الفعل الشعبي المصري على مثل هذه الأعمال المشينة كان واضحا في جميع أرجاء القطر المصري، ولكن تعليق بابا روما تجاه ما يسميه باضطهاد المسيحيين في المشرق العربي، قد جاء في غير محله، وكان الأجدر به أن ينتقد ما يحل بالعرب مسلمين كانوا أم مسيحيين في فلسطين تجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
وما قام به بعض علمائنا من انتقاد حاد وإدانة لهذه الأعمال الإجرامية، هو أمر يحمد لهؤلاء العلماء والدعاة، والأمل أن تتواصل هذه الإدانات حتى نقضي على العنف المستشري في أرجاء العالم الإسلامي، وننكب على عملية البناء والتنمية، بدلا من الاقتتال والتناحر.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 119 مسافة ثم الرسالة
وقد عرِف عن الإسكندرية التسامح الديني العظيم الذي يعم أرجاءها، ويظهر ذلك في تاريخها القديم المجسد في متاحف المدينة، وأشهرها المتحف الإغريقي ــ الروماني القديم، الذي تجسد توابيته صورا من تسامح سكان المدينة القدامى من الفراعنة مع الأديان القادمة والمستحدثة في مدينتهم قبل الدين المسيحي. فكل تابوت تراه من توابيت تلك الفترة يحمل شعارين؛ فرعوني ونصراني، علما بأن النصرانية لم تفد إلى المدينة إلا في زمنٍ متأخر.
كل هذا الهدوء وتلك السكينة وذلك التسامح انهار فجأة على أيدي مجموعة من المتطرفين الذين لا يمثلون الإسلام ولا يمتون إليه بصلة. فهم قد فجروا كنيسة مسيحية لذميين يمارسون شعائرهم الدينية في يوم عيدهم. ولو كانت تلك الممارسات مرفوضة، لما صدر الأمر الإلهي إلينا كمسلمين أن نحترم أتباع الديانات الأخرى، خاصة من أهل الكِتاب.
غير أن الاستخفاف بدماء البشر وقيمهم وأخلاقهم قد قاد هؤلاء المفجرين إلى اقتراف هذا الجرم العظيم. وهم وأجناسهم قد اقترفوا جرائم مماثلة في تفجيراتهم للمساجد والمعابد في باكستان وغيرها من بلاد المسلمين.
ومثل هذه الأعمال الدنيئة لا تسيء إلى هؤلاء القوم من المجرمين فحسب، بل تسيء إلى جميع المسلمين وتشوه صورة الإسلام أمام بقية البشر، وتظهرنا وكأننا دمويون، نرتع في العنف ونسعى إلى التدمير ونعيش على أشلاء المدنيين والعزل!
رب من قائلٍ بأن نفرا من أتباع الديانات الأخرى يقومون بنفس هذه الأعمال ضد أبناء المسلمين، وهذا حق. ولكن لا يمكن أن يدفع الباطل بالباطل، وأن يصحح الضرر بالضرر. فالموقف الأخلاقي لجماعة المسلمين يجب أن يكون أعلى من أن يسمح لأنفسهم بأن يجروا إلى مهاوي الجرم.
ثم إن هؤلاء الناس هم من أبناء جلدتنا، وعرب ومصريون مثلنا، وإن اختلفت دياناتهم أو مذاهبهم، ولنا أن نحمد لجماعة الإخوان المسلمين موقفها القوي من هذه الجرائم وإدانتها لها، ودعوة بعض من رؤسائها لإقامة حاجز بشري حول هذه الكنائس أيام احتفالاتها بالسنة الميلادية الشرقية ليلة السابع من يناير، كي تحمي هذه الكنائس من عبث المجرمين الذين لا يحترمون دينا ولا ذمة. والحقيقة أن الإسلام الوسطي الذي يعود إلى الأصول النقية للدين السماوي الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، وأصحابه الكِرام، هو حري أن ينقذنا من هذه المأساة الأخلاقية التي تكاد أن تزج بالمجتمعات الإسلامية إلى الهاوية، وتقتل من أبناء المسلمين أكثر من قتلها لأتباع الديانات الأخرى. وتحيل الجماعات الإسلامية إلى جماعات متطرفة ومتحجرة لا تستطيع أن تساهم مجددا في الحضارة الإنسانية.
ولعل العنف الذي حل اليوم بالإسكندرية لم يكن العنف الأول، فلقد تعرضت المدينة للعديد من الغزوات في تاريخها الطويل، ولعل تحول الرومان إلى الديانة المسيحية حوالي نهاية القرن الرابع الميلادي، وما قاموا به من اضطهاد لغير المسيحيين، دليل على مدى التطرف الديني وما يسببه من صراعات لا نهاية لها، ولعل الحادثة الأخرى التي تستحق الذكرى في تاريخ الإسكندرية تتجسد في قيام الإمبراطور الروماني (كاراكلا) بقتل جميع الشبان من أهالي الإسكندرية من القادرين على حمل السلاح، وذلك انتقاما لما كانوا يوجهونه إليه من نكت وفكاهة لاذعة، وهو طبع المصريين على مر الزمان.
رد الفعل الشعبي المصري على مثل هذه الأعمال المشينة كان واضحا في جميع أرجاء القطر المصري، ولكن تعليق بابا روما تجاه ما يسميه باضطهاد المسيحيين في المشرق العربي، قد جاء في غير محله، وكان الأجدر به أن ينتقد ما يحل بالعرب مسلمين كانوا أم مسيحيين في فلسطين تجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
وما قام به بعض علمائنا من انتقاد حاد وإدانة لهذه الأعمال الإجرامية، هو أمر يحمد لهؤلاء العلماء والدعاة، والأمل أن تتواصل هذه الإدانات حتى نقضي على العنف المستشري في أرجاء العالم الإسلامي، وننكب على عملية البناء والتنمية، بدلا من الاقتتال والتناحر.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 119 مسافة ثم الرسالة