لازالت ملامح معلم اللغة العربية منذ عشرين عاما تقبع في الذاكرة.. لازالت ملامحه الصارمة تداعب المخيلة حين أمسك بالورقة وقرأ مقطعا ثم تبسم دون أن تتخلى قسماته عن جديتها، ليخط بيديه لحظتها «مقدمة شاعرية تنبئ عن مستقبل أدبي»!!
مرت سنون طويلة عن المقاعد والسبورة والمنضدة الخشبية منذ أن كنت صبيا، لم أر أستاذ مصلح لسنين عديدة، ولا أدري عن مستقبلي الأدبي ولا إلى أين المصير فالطريق طويل، لكن شيئا واحدا بقي وما نال منه الزمن.. هو ذائقة الحس!!
إلى اليوم وفي كل مرة أخط فيها مقدمة تغازل فكري ينتابني نفس إحساس اللقاء الأول!! كأني أرى الأستاذ القدير يمسك بورقتي ويقرأ، وأراني أترقب.. دقات قلبي تتسابق، رائحة الحروف وأنا أبعثرها بقلم بسيط يحلم أن يصنع عقدا يليق بعناق الأوراق، حوار الفكرة التي تدور وتفر ما بين يدي لتعود مشاكسة فترتمي في دلال على السطور دون اكتراث.. وابتسامة معلم يطل معجبا بتلميذه من تحت نظارة تتأرجح في صمت متمعنة في النص البسيط.. لازلت أذكر صمت الفصل، همس الطلبة حين طلب مني الأستاذ أن أقرأ ما كتبت، مقدمة بسيطة عن قرب حلول رمضان.. شعور الخوف والسعادة والمفاجأة حين نطق باسمي متبسما وهو ذاك الجدي المناضل.
ماذا صنعت كلمات بسيطة لأستاذ في وجدان صبي لم يبلغ الرابعة عشرة من عمره !!، بقي الإحساس إلى اليوم وما غاب وسط الزحام.. بقيت ملامح الأستاذ مصلح وما ذابت وما تبخرت بفعل الحرارة ولم تقض نحبها متجمدة جراء صقيع الزمن!!، بقي ذلك المخضرم الجاد ذو الصوت الأجش ينافس نجوم الشباك ويتحدى ثورة التكنولوجيا وصرعة الاتصالات في المخيلة الشابة لسنين طويلة.
اليوم لا أذكر الكثير من التفاصيل!! كل ما أرويه الآن من ذاكرة القلب. ذاكرة الإحساس لا تموت، في حين أن ذاكرة العقل تذبل مع الأيام وتنتهي!!.
متى يا ترى ندرك أننا حين نزرع في أبنائنا قيمة فإننا نستثمر فيهم لغد قادم.. متى نعي أن أدوارنا في الحياة تتعدى الوصايا والتلقين وتأدية وظائفنا في برود مقيت، دون أن ندرك أن كلمة أو لفتة قد تغير مصير فرد فإما كان وإما تاه وسط عثرات الطريق ؟!.
متى نعرف أننا حين نبني إنسانا فإننا نرتقي إلى درجة الخلود ولا نموت بعد أن بقيت بصماتنا للأبد .. متى نعي أن أعمارنا الفعلية تمتد بنجاحات من حولنا، متى يا ترى نعرف قيمة القدوة وقيمة المعلم الحقيقي الذي يتحول لعراف فجأة فيقرأ الكف ويمتهن الفراسة، ويخبرك أن لديك شيئا ثمينا وأنها فقط البداية، أما الباقي فهو عليك.. بإصرارك وجهدك وعملك وإخلاصك ستتحول البذرة إلى غابات تثمر نجاحا وأملا..
آخر كلمات بيل جيتس حين سألوه عن أهم المناصب التي تولاها قال: أن تكون المحفز الأول في حياة إنسان!!. وحين سأل أحدهم جون ماكسويل مدرب القيادة المعروف، ماذا تريد من كل هذا الضجيج وهذا العمل الشاق المؤرق، قال مبتسما: أريد أن أساعدك كي تصل للقمة، فقط لا تنس أن تترك لي ورقة صغيرة تخبرني فيها بخبر الوصول، وهذا كل شيء.. هذا ما أريد أن أعرفه حتى أستمر في أداء عملي للأبد.
كل ميسر لما خلق له، فهلا أدركنا لماذا خلقنا، وماذا تركنا.. هي البصمة الخالدة التي بها سنتغير ونغير وندفع بالعجلة للأمام..
دمتم ودام الوطن بألف خير..
مرت سنون طويلة عن المقاعد والسبورة والمنضدة الخشبية منذ أن كنت صبيا، لم أر أستاذ مصلح لسنين عديدة، ولا أدري عن مستقبلي الأدبي ولا إلى أين المصير فالطريق طويل، لكن شيئا واحدا بقي وما نال منه الزمن.. هو ذائقة الحس!!
إلى اليوم وفي كل مرة أخط فيها مقدمة تغازل فكري ينتابني نفس إحساس اللقاء الأول!! كأني أرى الأستاذ القدير يمسك بورقتي ويقرأ، وأراني أترقب.. دقات قلبي تتسابق، رائحة الحروف وأنا أبعثرها بقلم بسيط يحلم أن يصنع عقدا يليق بعناق الأوراق، حوار الفكرة التي تدور وتفر ما بين يدي لتعود مشاكسة فترتمي في دلال على السطور دون اكتراث.. وابتسامة معلم يطل معجبا بتلميذه من تحت نظارة تتأرجح في صمت متمعنة في النص البسيط.. لازلت أذكر صمت الفصل، همس الطلبة حين طلب مني الأستاذ أن أقرأ ما كتبت، مقدمة بسيطة عن قرب حلول رمضان.. شعور الخوف والسعادة والمفاجأة حين نطق باسمي متبسما وهو ذاك الجدي المناضل.
ماذا صنعت كلمات بسيطة لأستاذ في وجدان صبي لم يبلغ الرابعة عشرة من عمره !!، بقي الإحساس إلى اليوم وما غاب وسط الزحام.. بقيت ملامح الأستاذ مصلح وما ذابت وما تبخرت بفعل الحرارة ولم تقض نحبها متجمدة جراء صقيع الزمن!!، بقي ذلك المخضرم الجاد ذو الصوت الأجش ينافس نجوم الشباك ويتحدى ثورة التكنولوجيا وصرعة الاتصالات في المخيلة الشابة لسنين طويلة.
اليوم لا أذكر الكثير من التفاصيل!! كل ما أرويه الآن من ذاكرة القلب. ذاكرة الإحساس لا تموت، في حين أن ذاكرة العقل تذبل مع الأيام وتنتهي!!.
متى يا ترى ندرك أننا حين نزرع في أبنائنا قيمة فإننا نستثمر فيهم لغد قادم.. متى نعي أن أدوارنا في الحياة تتعدى الوصايا والتلقين وتأدية وظائفنا في برود مقيت، دون أن ندرك أن كلمة أو لفتة قد تغير مصير فرد فإما كان وإما تاه وسط عثرات الطريق ؟!.
متى نعرف أننا حين نبني إنسانا فإننا نرتقي إلى درجة الخلود ولا نموت بعد أن بقيت بصماتنا للأبد .. متى نعي أن أعمارنا الفعلية تمتد بنجاحات من حولنا، متى يا ترى نعرف قيمة القدوة وقيمة المعلم الحقيقي الذي يتحول لعراف فجأة فيقرأ الكف ويمتهن الفراسة، ويخبرك أن لديك شيئا ثمينا وأنها فقط البداية، أما الباقي فهو عليك.. بإصرارك وجهدك وعملك وإخلاصك ستتحول البذرة إلى غابات تثمر نجاحا وأملا..
آخر كلمات بيل جيتس حين سألوه عن أهم المناصب التي تولاها قال: أن تكون المحفز الأول في حياة إنسان!!. وحين سأل أحدهم جون ماكسويل مدرب القيادة المعروف، ماذا تريد من كل هذا الضجيج وهذا العمل الشاق المؤرق، قال مبتسما: أريد أن أساعدك كي تصل للقمة، فقط لا تنس أن تترك لي ورقة صغيرة تخبرني فيها بخبر الوصول، وهذا كل شيء.. هذا ما أريد أن أعرفه حتى أستمر في أداء عملي للأبد.
كل ميسر لما خلق له، فهلا أدركنا لماذا خلقنا، وماذا تركنا.. هي البصمة الخالدة التي بها سنتغير ونغير وندفع بالعجلة للأمام..
دمتم ودام الوطن بألف خير..