-A +A
عبدالله عمر خياط
نحن الآن في النصف الأول من شهر ربيع الأول عام 1432هـ وقد عشنا هذا العام والذي قبله من المآسي ما يندى له الجبين ولست بحاجة لاستعادة التفاصيل، لكني أريد أن أسأل: ما هو الفارق بينها وبين ما شهدته جدة قبل واحد وخمسين عاما بالوفاء والتمام، فقد جاء في ما نشرته صحيفة «البلاد السعودية» بعددها الصادر بتاريخ 19/6/1380هـ الموافق 9/12/1960م مانصه:
«هطلت أمطار غزيرة على جدة أمس، عامت جدة في مياه السيل، دخلت المياه في المحلات التجارية بشارع الملك عبد العزيز والخاسكية وباب شريف وتحولت شوارع جدة إلى برك كبيرة، سحبت السيارات في المياه، تعطلت معظم السيارات بسبب وصول الماء إلى محركاتها.
ظلت السماء ملبدة بالغيوم طوال نهار أمس حتى الساعة التاسعة، بدأت الأمطار تهطل بغزارة في التاسعة وعشر دقائق، استمرت حتى الساعة العاشرة والنصف، ظهرت الشمس في الحادية عشرة إلا ربعا ثم غابت مرة ثانية.
تعطلت أجهزة التليفونات الأتوماتيكية في جدة كلها، كالعادة عندما ينزل من السماء مطر غزير، دخلت المياه خيام سلاح المظلات بشارع المطار، واضطر جنود السلاح إلى نشر ملابسهم التي غرقت وتنظيف خيامهم، تكون مجرى سيل من شارع المطار قرب خيام الجنود واتجه إلى الشرق.
وفي شارع الملك عبد العزيز غمرت المياه كازينو المنتزه، ومحلات دبوس واستديو الشرق والدكاكين المجاورة، تحول شارع الأمير فيصل وشارع قابل إلى برك من الماء، غمرت المياه فندق الحرمين ودخلت الغرف الواقعة في الدور الأرضي، كما غمرت مقر البنك الأهلي الباكستاني، تحول حي باب شريف كله إلى مستنقع كبير، تكونت بركة كبيرة أمام بيت الزاهر للتجارة، وأمام محطة الكتبي بشارع المدينة المنورة بالبغدادية تكونت بركة كبيرة امتدت إلى قرب مخبز وحلواني فينسيا.
وفي جميع شوارع جدة تجمعت المياه وبدأت تسيل في كل اتجاه، نزل عمال بلدية جدة عقب توقف المطر إلى الشوارع وبدأوا يكسحون المياه، استمروا في عملهم حتى بعد الغروب.
انقطعت الكهرباء عن مناطق متفرقة في جدة، حدث تماس في أسلاك الكهرباء بأحد المحلات التجارية في شارع الشباب بالخاسكية وشبت النار فيه، أسرعت قوة من مطافئ جدة إلى مكان الحادث وجدت أن مياه المطر والناس أطفأوا النار، على الرغم من أن فرقة المطافئ وصلت عقب وصول التبليغ إليها في أسرع وقت مستطاع.
وفي حي الهنداوية دخلت المياه المساكن وخرج الناس من بيوتهم يحاولون عمل مسالك للماء، حدثت مشادات بينهم. وفي حي الصحيفة توقف مرور السيارات بسبب تجمع المياه بكميات غزيرة».
وبموقع آخر بنفس الصحيفة ونفس العدد نشر خبر جاء فيه: «هطلت أمطار غزيرة عصر أمس على وادي فاطمة، وسقطت أمطار أخرى على طول الجبال الممتدة بين الطائف وجدة، كما سقطت أمطار على الساحل جنوب جدة، سقطت أمطار على جدة أخف من أمطار أمس الأول، استمرت أمطار أمس على جدة 20 دقيقة سقطت أمطار على خط مكة جدة يوم أمس استمرت 10 دقائق من الثالثة وخمس دقائق حتى الثالثة والربع من الصباح. وفي جدة تسببت الأمطار التي هطلت يوم أمس الأول في إلحاق الضرر بكثير من دفاتر القيد في قسم الزيت بالمديرية العامة للزكاة والدخل، عرضت الدفاتر الرسمية يوم أمس للشمس حتى تجف، دخلت المياه جميع المكاتب الموجودة بداخل القسم وأصابت السجاد، توقف الموظفون عن العمل في القسم يوم أمس، دخلت مياه المطر من السقف.
وتوقف جهاز التكييف العام التابع لمقر وزارة المالية بجدة، صرح المهندس المسؤول بأن سبب توقفه هو دخول مياه الأمطار على الطريق الممتد منه التيار الكهربائي والذي دعا الشركة لقطع التيار عنه».
هذا ما حدث قبل أكثر من نصف قرن، فما هو الفرق بينه وبين ما عايشناه العام الماضي وما غرقنا فيه هذا العام غير الاهتمام الكبير الذي أولته الدولة بالتعويض والإصلاح والمعاقبة للمتضررين؟.

فاكس: 6671094



aokhayat@yahoo.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة