عندما يتدخل فرد ما للعبث بآلة من الآلات التي لم يكن له دور في صنعها أو تصميمها، فإنه حتما سيفسدها، حتى ولو كانت نواياه طيبة، كأن يسعى مثلا لتحسينها ورفع كفاءتها. هكذا الكون، ولله المثل الأعلى.
فالمرء لم يخلق الأرض أو السماء، ولا البحار ولا الأنهار، ولا الجبال أو السهول أو الوديان، لكنه «يتفلسف» ويدعي أنه يسعى لإصلاح الكون وما فيه، والله سبحانه وتعالى قد خلق كل ما في الكون من أجل الإنسان، خلقه نقيا، صالحا، معينا على الحياة، وهو جل شأنه أعلم بما يصلح الأحوال «ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير».
فتدخلات الإنسان، بزعم إصلاح الكون واستقلاله دون مراعاة لنواميس الخلق، قد أدت إلى إفساد كثير من جوانب الحياة. أقول هذا وأنا أقرأ يوميا عن تداعيات زلزال اليابان وتوابعه، وما ألحقه من دمار بمفاعلات نووية يابانية يهدد لا اليابان وحدها، بل البشرية جمعاء.
اليابان التي تأتي في المرتبة الثالثة عالميا من ناحية القوة الاقتصادية، التي تغزو كل بيت في العالم من خلال أجهزتها المنزلية الشهيرة، التي دخلت إلى كل هيئة ومؤسسة من خلال حاسوباتها ومعداتها العلمية والتقنية، تقف عاجزة الآن عن إصلاح ما أفسدته ــ نفسها ــ من الطبيعة النقية التي سخرها الله لخدمة الإنسانية.
تتسابق الدول الكبرى وتتنافس في إقامة المفاعلات النووية بحجج وذرائع مهما تباينت إلا أنها تعكس رغبة هذه الدول في السيطرة على مقدرات سائر الدول والبشر.
وتحلم الدول الصغرى بعمل الشيء ذاته، ولو تمكنوا لفعلوا ما تفعله أمريكا واليابان وغيرهما.
لقد تضررت المفاعلات النووية اليابانية ــ واليابان قد اكتوت بنيران القنابل النووية في الحرب العالمية الثانية ــ وبخاصة في محطة فوكوشيما، وهذا الضرر قد امتدت آثاره لا إلى الأجساد البشرية وحسب، بل إلى شتى المظاهر الكونية والطبيعية كالماء والغذاء. لقد وصفت منظمة الصحة العالمية وضع سلامة الغذاء في اليابان «بالخطير»، وذلك بعد رصد مستويات من الإشعاعات أعلى من الطبيعية في بعض المنتجات الغذائية في المناطق الواقعة بالقرب من مقاطعة فوكوشيما المتضررة من الزلزال.
بل لقد جاءت تحذيرات وزارة الصحة اليابانية للسكان ومطالبتهم بعدم شرب مياه الصنبور «البزبوز» بعد اكتشاف وجود مستويات عالية من اليود المشع في الماء، تزيد ثلاثة أضعاف عن المعدل الطبيعي، وكانت الوزارة قد اكتشفت تلوث أحد عشر منتجا غذائيا بالإشعاع النووي.
فسيطرت حالة من الذعر على اليابانيين والدول المحيطة بهم نتيجة مخاوف من تلوث مياه الشرب بل مياه البحر المحيطة بمنطقة فوكوشيما بعد التأكد من أن نسبة اليود ترتفع عن المعدل الطبيعي بنحو 147مرة.
اليابان التي تصدر أعقد الأجهزة والآليات إلى العالم، بدأت في استيراد مياه الشرب والمكرونة من كوريا الجنوبية. بإمكان أي دولة أن تستغني عن استيراد الأجهزة ــ أو بعضها ــ لكن أن يصل الحد إلى استيراد الماء، فتلك طامة كبرى.
هذه كلها صور من صور إفساد المرء في الأرض، الأرض التي خلقها الله تعالى ليعمرها الإنسان «هو الذي خلقكم في الأرض واستعمركم فيها»، وهذا الفساد والإفساد الذي نراه في الكون هو من صنعنا نحن «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس»، فلا نلومن إلا أنفسنا. مطلوب ــ بعد أحداث اليابان، ومن قبلها «تشيرنوبل» في روسيا ــ إعادة النظر في التسابق النووي الذي بات إثمه أكبر من نفعه. والله المستعان.
dr_rasheed@windowslive.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة
فالمرء لم يخلق الأرض أو السماء، ولا البحار ولا الأنهار، ولا الجبال أو السهول أو الوديان، لكنه «يتفلسف» ويدعي أنه يسعى لإصلاح الكون وما فيه، والله سبحانه وتعالى قد خلق كل ما في الكون من أجل الإنسان، خلقه نقيا، صالحا، معينا على الحياة، وهو جل شأنه أعلم بما يصلح الأحوال «ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير».
فتدخلات الإنسان، بزعم إصلاح الكون واستقلاله دون مراعاة لنواميس الخلق، قد أدت إلى إفساد كثير من جوانب الحياة. أقول هذا وأنا أقرأ يوميا عن تداعيات زلزال اليابان وتوابعه، وما ألحقه من دمار بمفاعلات نووية يابانية يهدد لا اليابان وحدها، بل البشرية جمعاء.
اليابان التي تأتي في المرتبة الثالثة عالميا من ناحية القوة الاقتصادية، التي تغزو كل بيت في العالم من خلال أجهزتها المنزلية الشهيرة، التي دخلت إلى كل هيئة ومؤسسة من خلال حاسوباتها ومعداتها العلمية والتقنية، تقف عاجزة الآن عن إصلاح ما أفسدته ــ نفسها ــ من الطبيعة النقية التي سخرها الله لخدمة الإنسانية.
تتسابق الدول الكبرى وتتنافس في إقامة المفاعلات النووية بحجج وذرائع مهما تباينت إلا أنها تعكس رغبة هذه الدول في السيطرة على مقدرات سائر الدول والبشر.
وتحلم الدول الصغرى بعمل الشيء ذاته، ولو تمكنوا لفعلوا ما تفعله أمريكا واليابان وغيرهما.
لقد تضررت المفاعلات النووية اليابانية ــ واليابان قد اكتوت بنيران القنابل النووية في الحرب العالمية الثانية ــ وبخاصة في محطة فوكوشيما، وهذا الضرر قد امتدت آثاره لا إلى الأجساد البشرية وحسب، بل إلى شتى المظاهر الكونية والطبيعية كالماء والغذاء. لقد وصفت منظمة الصحة العالمية وضع سلامة الغذاء في اليابان «بالخطير»، وذلك بعد رصد مستويات من الإشعاعات أعلى من الطبيعية في بعض المنتجات الغذائية في المناطق الواقعة بالقرب من مقاطعة فوكوشيما المتضررة من الزلزال.
بل لقد جاءت تحذيرات وزارة الصحة اليابانية للسكان ومطالبتهم بعدم شرب مياه الصنبور «البزبوز» بعد اكتشاف وجود مستويات عالية من اليود المشع في الماء، تزيد ثلاثة أضعاف عن المعدل الطبيعي، وكانت الوزارة قد اكتشفت تلوث أحد عشر منتجا غذائيا بالإشعاع النووي.
فسيطرت حالة من الذعر على اليابانيين والدول المحيطة بهم نتيجة مخاوف من تلوث مياه الشرب بل مياه البحر المحيطة بمنطقة فوكوشيما بعد التأكد من أن نسبة اليود ترتفع عن المعدل الطبيعي بنحو 147مرة.
اليابان التي تصدر أعقد الأجهزة والآليات إلى العالم، بدأت في استيراد مياه الشرب والمكرونة من كوريا الجنوبية. بإمكان أي دولة أن تستغني عن استيراد الأجهزة ــ أو بعضها ــ لكن أن يصل الحد إلى استيراد الماء، فتلك طامة كبرى.
هذه كلها صور من صور إفساد المرء في الأرض، الأرض التي خلقها الله تعالى ليعمرها الإنسان «هو الذي خلقكم في الأرض واستعمركم فيها»، وهذا الفساد والإفساد الذي نراه في الكون هو من صنعنا نحن «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس»، فلا نلومن إلا أنفسنا. مطلوب ــ بعد أحداث اليابان، ومن قبلها «تشيرنوبل» في روسيا ــ إعادة النظر في التسابق النووي الذي بات إثمه أكبر من نفعه. والله المستعان.
dr_rasheed@windowslive.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة