تدرس لجنة خماسية وضع آليات تنظيمية صارمة لتقليص حجم تأشيرات العمالة الموسمية، والحد من المتاجرة فيها، ومنع تسرب العاملين خلال الموسم لأداء فريضة الحج، والتقليل من حجم المبالغ المالية التي تضخها الشركات والمؤسسات للخارج، والقضاء على السلبيات التي تنتج عن استقدام قرابة 70 ألف عامل في موسم الحج.
وأوصت اللجنة بالإسراع في إحلال العاطلين من الشباب السعودي والمقيمين من أبناء الجاليات في المملكة لشغل الوظائف الموسمية بدلا عن استقدام العمالة من الخارج، ووضع حد لتجاوزات بعض الشركات والمؤسسات العاملة في الحج بتحديد الاحتياج الفعلي لها من الوظائف الموسمية ووضعها تحت الرقابة الصارمة، وإيقاع أشد العقوبات على من يثبت تورطهم في البيع أو المتاجرة بالتأشيرات، ودعت إلى ضرورة السماح للعاملين في وظائف رسمية بالعمل الموسمي، ومخاطبة جهات العمل وديوان الخدمة المدنية لمنحهم إجازات رسمية.
قضية بيع التأشيرات التي ضبطتها الجهات الأمنية الحج الماضي والتي تورطت فيها إحدى شركات النظافة ببيع قرابة 2200 تأشيرة حصلت عليها نظاما لاستقدام عمالة موسمية، دفع الجهات المعنية بالعمل منذ وقت مبكر لفتح ملف الاستقدام وإعادة بحث الوظائف الموسمية، حيث عكفت لجنة مكونة من إمارة منطقة مكة المكرمة، وزارة الداخلية، وزارة التجارة ووزارة الحج على دراسة كيفية تقليص التأشيرات الموسمية ومنع السلبيات التي تنتج عن استقدام العمالة والتكاليف المالية الباهضة من الرواتب التي تصرف لها، وتأمين التنقلات والسكن في ظل الظروف التي تعيشها مكة خلال موسم الحج، واستغلال الوظائف المتوافرة وشغلها بالشباب السعودي، وإحلال المقيمين الدائمين في مكة المكرمة في بقية الوظائف.
وحرصت اللجنة على تخفيض نسب التأشيرات بما لا يؤثر على الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، ومنح المؤهلين لشغل الوظائف الموسمية، وأوصت اللجنة بتكليف الغرفة التجارية بدراسة احتياجات الشركات والمؤسسات العاملة في موسم الحج والعمرة.
وعلمت «عكاظ» أن الغرفة التجارية ستبدأ قريبا تنفيذ المرحلة الأولى للتسجيل على الوظائف الموسمية المخصصة للشباب السعودي، في حين ستخصص المرحلة الثانية للمقيمين إقامة دائمة في مكة لحصر المتوافر من الكوادر العاملة وتحديد المهن التي يرغبون العمل بها والتي تشمل وظائف الجزارين وسائقي الحافلات والمراقبين والمرشدين والعمال والطباخين والحلاقين وحراس الأمن وغيرها من الوظائف الموسمية.
تحديد الاحتياجات
وأوضح نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة زياد فارسي، أن الغرفة التجارية بدأت حصر طلبات الشركات والمؤسسات العاملة في الحج لتحديد احتياجاتها ومعرفة تخصصات الوظائف المطلوبة وبحث إمكانية تعيين الشباب السعودي عليها، ومن ثم الاستفادة من المقيمين في مكة المكرمة من الراغبين في العمل الموسمي.
وأضاف «تتولى الغرفة التجارية حاليا مع الجهات ذات العلاقة ترتيب إصدار التأشيرات الموسمية لكل الشركات والمؤسسات العاملة في الحج، ونحن على اتصال مباشر لترتيب التأشيرات الموسمية للحد من الطلب الكبير للشركات والمؤسسات على التأشيرات الموسمية، حيث إننا نرى أن أبناء الوطن أحق بشغل هذه الوظائف في الدرجة الأولى ومساهمة الشركات في ذلك يعد خدمة للمجتمع، وسيتم حصر الوظائف الموسمية التخصصية التي لا يتحقق اكتفاء في شغلها من الشباب مواطنين ومقيمين».
وتأسف على الوضع الحالي الذي تشهده مواسم الحج عندما يعلن عن الوظائف الموسمية الشاغرة في النقابة العامة للسيارات والبنك الإسلامي والتي لا يتنافس عليها سوى عدد قليل جدا لا يرتقي للمطلوب فتضطر تلك الجهات إلى البحث عن البدائل من الخارج. وأكد فارسي أن التأشيرات التي سيتم منحها للجهات الراغبة في الاستقدام للوظائف الموسمية ستخضع للتدقيق والتمحيص للتثبت من حاجة الجهة الطالبة للتأشيرات، ولا تساهل في ذلك وهناك رقابة صارمة في هذا الأمر الذي يحتاج إلى تنظيم والتزام.
واعترف بسلبيات يسجلها الاستقدام في العمالة الموسمية في مقدمتها تسرب العمالة من مواقع العمل من أجل أداء فريضة الحج ما يضيف عبئا على ما توفره الدولة من خدمات.
وأشار إلى إيجاد تنظيم بين الجهات العاملة في الحج وديوان الخدمة المدنية لمنح العاملين في الوظائف الموسمية من السعوديين إجازات رسمية لتضافر وتكامل الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.
الاستفادة من المقيمين
وكشف رئيس اللجنة الوطنية الموحدة للحج والعمرة سعد جميل القرشي أن اللجنة المشكلة من الإمارة، وزارة الداخلية، الجوازات والغرفة التجارية أوصت بضرورة الاستفادة من المقيمين في مكة المكرمة لشغل الوظائف الموسمية وفق الاحتياج، لاسيما مع استقدام 70 ألفا من العمالة الموسمية، وفتح المجال أمام العاملين في وظائف دائمة للعمل في الوظائف الموسمية.
مشيراَ إلى فتح مكتب لاستقدام العمالة الموسمية في الغرفة التجارية في مكة لدراسة طلبات الشركات وحاجتها للعمالة الموسمية لمنع المتاجرة بالتأشيرات، كما أن اللجنة تعكف على وضع آلية لحصر العمالة من المقيمين في العاصمة المقدسة للبدء في توفير العاملين من داخل المملكة ومنع الاستقدام وستكون الأولوية للسعوديين.
ووصف عدد الوظائف الموسمية بالكبير جدا، حيث إن العمالة التي يتم استقدامها للعمل في البنك الإسلامي يصل عددها إلى 14 ألفا في حين تصل حاجة مؤسسات الطوافة من العمالة الموسمية لـ 20 ألف وظيفة، كما تسجل كل شركة من إجمالى 241 من شركات حجاج الداخل ما يقارب 200 وظيفة من العمالة الموسمية، ويندرج تحت ذلك 51 شركة عمرة تعلن عن حاجتها لشغل وظائف مراقبين ومشرفين ومفوجين ومرشدين وسائقين وحراس أمن وعمال نظافة وطبخ.
وذهب القرشي إلى أن «استقدام العمالة الموسمية يترتب عليه ضخ مبالغ مالية كبيرة خارج المملكة في الوقت الذي نستطيع تقليصها بشغل الوظائف بعاملين من داخل المملكة وسنقضي بذلك على تكاليف تأمين السكن والمواصلات ورسوم التأشيرات وسنحقق الاستقرار للمقيمين داخل المملكة وأيضا سيقلل ذلك من معاناة الشركات في البحث عن العمالة في كل موسم».
دمج في المجتمع
فهد الوذيناني يقول «لا يخفى على الجميع أن الأفارقة والبرماوية ممن قدموا إلى المملكة منذ سنوات طويلة وأصبحوا مقيمين دائمين، ونقترح وضع حوافز للشركات والمؤسسات واحتساب من يوظف المقيمين، على أن يتم تشغيلهم في أعمال النقل والمواصلات بدل أن يتم استقدام قرابة 16000 من خارج المملكة للعمل خلال موسم الحج ومن ثم مغادرتها، فلماذا لا يتم تدريب وتأهيل المواطنين والمقيمين في المملكة للقيام بهذه الأعمال».
واقترح إطلاق معاهد لتدريب العمالة على الوظائف الموسمية يستفاد منهم في الأشغال الخدمية كالطبخ والحراسة والنظافة والإرشاد السياحي لمكاتب الحج والعمرة نظرا لإلمامهم بالعديد من اللغات.
واعتبر الوذيناني أن «التأشيرات الموسمية وما تتطلبه من إجراءات قبل إصدارها وما يلحق بها من تبعات مادية وتنظيمية يجب أن تدفع الجهات التنظيمية إلى إيجاد حلول مناسبة للقضاء على ما يصاحبها من إشكاليات خلال موسم الحج، عطفا على أن العمالة التي يتم استقدامها للعمل الموسمي تزيد من أعداد الوفود التي تصل إلى مكة لأداء النسك في حين أن المقيمين في مكة لا يشكلون زيادة على أعداد الحجاج وهذا أمر يجب أخذه بعين الاعتبار».