تجربة السفير السعودي في الهند فيصل بن حسن طراد تصلح أن تكون أنموذجا لكيفية إعداد الدبلوماسيين الجدد في وزارة الخارجية، فقد عاصر الكبار وتعلم في مطبخ الوزارة بعيدا عن الضوء، وعايش ظروفا وأزمات، وتعايش مع مؤتمرات ومواقف كانت فيها المملكة مستهدفة، فظهرت فيها شخصيته التي أهلته ليكون سفيرا فوق العادة في اليابان والهند، ومندوبا دائما في الجامعة العربية، وصف القمم العربية منذ مطلع عام 2000م بأنها أضحت أكثر عمقا. وأوضح أن العلاقة مع الهند أصبحت شراكة استراتيجية. ونفى تهمة نجاح الدبلوماسي بالاعتماد على قوة بلاده الاقتصادية، ونصح الدبلوماسيين الجدد بعدم التعجل ومحاولة صعود السلم في يوم واحد وكأن العمل في الخارجية منصب وظيفي فقط.
قال إن عدم قيادة المرأة للسيارة في المملكة التي يسمعها دائما كانتقاد من الغربيين ليست أكبر اهتماماتها، وهي شأن اجتماعي ومسألة لابد أن يتفق عليها أفراد المجتمع، وأبدى أسفه لعدم حدوث تقدم في مبادرة السلام العربية التي قدمها الملك عبدالله في قمة بيروت.. حوار بدأه ضيفنا معترفا بفضل الرجال الذين أثروا مسيرته قائلا: حياتي -إن تم اعتبارها ناجحة دبلوماسيا- نتيجة طبيعية لما حظيت به من توجيه ونصائح، بدءا من والدي الذي وجهني ورباني وحرص على مستقبلي حين تخرجت من الثانوية العامة وكانت موضة الذهاب لأمريكا سائدة في تلك الفترة، وكان يعمل مديرا عاما للشؤون الهندسية في وزارة الإعلام، فتمنيت أن تبتعثني الوزارة، لكنه نصحني بالبحث عن خطوط رجعة فالإنسان لا يدري أين يكون رزقه وإنما عليه السعي والاجتهاد.
فذهبت للخطوط السعودية لرغبتي في أن أكون طيارا، ثم سجلت في جامعة الملك سعود، لكني لم ألتحق بالبعثة، ونسيت الخطوط، ثم طلبت مني جامعة الملك سعود دخول كلية العلوم ومن ثم التحويل إلى كلية الهندسة، فقلت ما دامت المسألة كذلك فجامعة الملك عبدالعزيز لديها كلية للعلوم وكان الدكتور محمد عبده يماني -رحمه الله- مدير الجامعة في 1974 حينها، حيث انتقلت الجامعة في العام نفسه من نظام السنوات إلى الساعات، فكانت نقلة. ولم يكن في الجامعة سوى مبنيين آنذاك أحدهما لكلية الاقتصاد والآخر لكلية العلوم، ودرسنا من ضمن المواد الحرة مادة تسمى «اقتصاد دولي» فقررت مع بعض الزملاء الانتقال إلى كلية الإدارة والاقتصاد بناء على مادة الاقتصاد الحر، فحين انتقالنا تم احتساب 24 ساعة من الساعات المسجلة لنا، وانتهى بي الأمر أن تخرجت في كلية الإدارة بمعدل «جيد جدا» بعد أن كان «مقبول» في كلية العلوم. وبعد التخرج كان لوالدي زميل في وزارة الخارجية وهو السفير سالم سنبل فعينت خلال أسبوع واحد، حيث لم تكن هنالك متطلبات أو منافسة -اليوم يتقدم للخارجية أكثر من ألف متقدم ويتم قبول 40 أو 50 حسب الوظائف المتاحة، وتم تعييني على وظيفة ملحق دبلوماسي في وزارة الخارجية في عام 1398هـ، ولم أعرف في حينها معنى هذه الوظيفة، ثم وجهت لمقابلة وكيل وزارة الخارجية للشؤون الاقتصادية، فالتقيت بالشيخ عبدالله محمد علي رضا الذي يعتبر القاعدة الأساسية في مسيرتي في وزارة الخارجية، حيث عملت معه خمس سنوات غمرني فيها بالعطف والدعم والتشجيع، وكانت كلماته الأولى مؤثرة في مسيرتي، حين أشعرني بأهمية الشهادة التي حصلت عليها عندما قال لي: نحن في الإدارة الاقتصادية نبحث عن خريجي الاقتصاد. فأشعرني بأهميتي وكنت وقتها في الثانية والعشرين من عمري، وما زلت اذكر أول تجربة كعضو في اللجنة السعودية الإيطالية وكان يرأسها معالي الوكيل وتقابله في الجانب الإيطالي سيدة إيطالية نظرت إلي ضمن الوفد فخاطبتني مباشرة بلطف: ما زلت صغيرا على أن تصبح دبلوماسيا، فضحك كل من حولي، وكان هذا من المواقف التي أفادتني كثيرا في التركيز والتعلم والاستفادة من تجربة من عملت معهم.
• إلى أي مدى تأثرت بمدرسة جميل عبدالجبار وصرامته المعهودة؟
ــ رحم الله هذا الرجل، فقد كان بالفعل مربي أجيال لقدرته على أن يجعل الجميع يحترمه، فقد صنع كثيرا من الرجال في مدرسة الشاطئ الثانوية في جدة وأتذكر أول محاولة هروب قمت بها للقفز من فوق السور فأذاقني طعم العصا التي لم أعتدها من والدي، فكانت تلك المرة الأولى والأخيرة، لكنه ظل يعاملني بعدها بحنو وتفهم وكأنني لم أفعل شيئا، لقد تعلمت منه (رحمه الله) حسن السلوك وطريقة التعامل مع أبنائي، وهذا يستدعيني لأطرح بألم؛ الفارق بين معلم الأمس واليوم، تعليما وإخلاصا في أداء الرسالة، وما أوسعه من فارق.
• هل تعرضت لمواقف محرجة في عملك الدبلوماسي؟
ــ الحقيقة تعرضت لتجربة غريبة، فبعد وصولي إلى القاهرة نهاية عام 2000م. كانت الجامعة العربية تعد لعقد لقاء المندوبين الدائمين وسفراء الدول، فسافرنا بطائرة واحدة إلى الأردن، وبعد نزولنا إلى المطار رتبونا كل اثنين في سيارة، ولحسن حظي فقد رافقني مشكورا سفير الصومال لدى الجامعة العربية وهو رجل وطني مخلص ومثقف، فبدأ بالحديث عن بلاده وما صنعوا عام 1970م، ثم التفت إلي وقال: أعتقد أنك كنت تحبو في ذلك التاريخ، فانزعجت من ذلك، ولكن على الدبلوماسي ألا يظهر مشاعر الغضب، فقلت له: يا سعادة السفير في عام 70 كنت في المرحلة الثانوية، فتنبه الرجل ثم اعتذر ولكني فهمت أنه ينظر إلي على أنني صغير جدا لكي أكون مندوبا دائما. وعندما بدأ اجتماع المندوبين الدائمين برئاسة الأمين العام عصمت عبدالمجيد، أخذت الكلمة فبدأت بالتعريف عن نفسي فأوضحت تاريخ ميلادي خوفا من تكرار الحديث عن صغر سني كمندوب دائم، فقلت إنني من مواليد عام 1956م، وقد كنت حريصا على التوازن ولم أعرض نفسي لمواقف محرجة، ومارست حقوقي كاملة في الرد على أي أشياء تمس المملكة، أو تتجاوز حدود التعامل الدبلوماسي.
• مامدى صحة المقولة التي تربط بين نجاح الدبلوماسي والقوة الاقتصادية لبلاده؟
ــ هذه أشبه بتهمة لا صحة لها، ولا أعتقد على الإطلاق ــ على الأقل في الجيل الذي رباني ــ أنها كانت صحيحة، فالرجال يصنعون بغض النظر عن اقتصاديات بلادهم من خلال تجارب وخبرات من سبقهم، وقد أكرمني الله بالعمل مع أسماء كبيرة في وزارة الخارجية بدءا من الشيخ عبدالله محمد علي رضا والسفير عمر كردي (رحمه الله) والسفير عبداللطيف الميمني وعبدالرحمن منصوري مساعد وزير الخارجية وناصر المنقور -رحمهما الله- والدكتور نزار مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية، ولكن النقلة الأكبر في حياتي كانت مع معالي محمد مأمون كردي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الاقتصادية الأسبق، هذا الرجل بالتأكيد يعود له الفضل فيما وصلت إليه من علم وثقافة، وتعدني بعدها الدكتور نزار مدني، ويأتي قبل هؤلاء وبعدهم صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية الذي كان له معي مواقف إنسانية وعملية وأفضال لا يمكن نكرانها، فهذه النماذج هي التي تصنع رجالا ودبلوماسيين للخارجية، وهم أشبه بجامعة متحركة، تعلمنا منهم الكثير.
• كيف وجدت لندن كتجربة أولى؟
ــ جئت إليها مندفعا نحو التعلم لأصبح باحثا اقتصاديا، فانخرطت في العديد من الدورات وعملت مع العديد من أساتذة الجامعات، وقد تم إعدادي بشكل جيد حيث كنت تحت رعاية مباشرة من معالي مأمون كردي -رحمه الله- الذي كان آنذاك رئيسا لمكتب الوحدة الاقتصادية في السفارة في لندن، ووجدت تقديرا ورعاية خاصة من السفير الشيخ ناصر المنقور - رحمه الله. وقد حضرت لأول مرة عشاء ملكيا في قصر باكنجهام بحضور الملكة إليزابيث مع خمس بعثات دبلوماسية من بينها بعثة المملكة عام 1983م، وقابلت العائلة المالكة، ومن حسن حظنا كان تشارلز في بداية زواجه بالأميرة ديانا، وتمنيت في تلك الأيام أن أحظى بالبروتوكول الذي يعده القصر الملكي لاستقبال السفراء الجدد، حيث يؤخذ السفير في عربة ملكية من محطة لندن إلى القصر الملكي، وشاء الله سبحانه وتعالى أن تتحقق أمنيتي بعد 21 عاما، عندما عينت سفيرا في اليابان فحظيت ببروتوكول مشابه عندما قابلت إمبراطور اليابان.
• شاركت في اتصالات مباشرة مع الاتحاد الأوروبي في مرحلة مبكرة من عملك كدبلوماسي، فمن كان وراء ذلك؟
ــ لا أخفيك أن بروكسل البلجيكية ستظل نقطة محورية في حياتي العملية عندما انتقلت إليها كسكرتير ثان، فنقلتني من البحث العلمي إلى الممارسة المباشرة، وبدأت بالمشاركة في الاتصالات ما بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي بتوجيهات السفير إبراهيم بكر الذي أدين له بالكثير، وكان سفيرا لدى بلجيكا ولوكسمبورج والاتحاد الأوروبي، وقد شاركت مع المفاوض السفير مأمون كردي (رحمه الله) الذي كان يأتي إلى بروكسل عشرات المرات في العام الواحد دون كلل أو ملل، ذلك الرجل إذا تحدث المجتمعون بالإنجليزية فهو قدير، وإذا تحولوا للفرنسية فهو أقدر، وإذا سيطرت الإسبانية فهو أفضلهم نطقا لها.
• بصراحة، بماذا خرجت من حضورك لأربع قمم عربية؟
ــ لا شك أن العمل العربي أصبح عميقا وشاملا، وقد شاركت في أربع قمم عربية بدءا من 2001م في عمان، ثم قمة بيروت، ومن بعدها قمة شرم الشيخ الشهيرة 2003، ومن ثم قمة تونس في العام 2004م، ولعل أبرزها قمة بيروت التي قدمت المملكة فيها مشروع السلام، ومن المؤسف أنه لم يحدث أي تقدم في هذا المشروع الجريء حتى الآن، ولا يخفى على الجميع النظرة الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين واهتمامه الدائم بالعمل العربي المشترك بشكل غير مسبوق، إضافة إلى المحيط الإسلامي، ثم انطلاقنا بعد ذلك إلى ما يسمى وثيقة العمل العربي المشترك، ووثيقة العهد والوفاء.
• وأين أنتم مما حدث للعراق آنذاك؟
ــ ظللنا نقدم النصيحة تلو الأخرى للمحافظة على العراق ومنع ما قد يحدث، ولكن.
• البعض لا يرى مهمات المندوب على أرض الواقع، ما رأيكم في ذلك؟
ــ نعم إلى حد كبير، لأن عمل المندوب الدائم ليس فيه احتكاك مباشر مع المواطن أو القارئ، لذلك لا يتابع ما يحدث في هذا المجال، لأنه لا عندك خدمة تأشيرات ولا مواطنين ولا خدمة في القطاع التجاري والاقتصادي، لكن بالتأكيد أن هذه المندوبيات والسفراء يخدمون المملكة ودورها على المستوى الإقليمي والدولي ويقومون بعمل جبار، وفي رأيي لا يوجد أي تضارب بين عمل المندوب والسفير. وقد حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله منذ استلامه الحكم على تمتين ودعم جهود المملكة في المنظمات الإقليمية والدولية، وأصبح هناك تركيز على الحضور القوي والمشاركات الكبيرة، لذلك ترى أن حجم الوفود في المنظمات الدولية كبير، وعلى رأسها سفراء قديرون.
• أراك تحن كثيرا للجيل السابق، لكني لم ألمس منك شاردة أو واردة تذكر عن الجيل الجديد من الدبلوماسيين؟
ــ الحال تغيرت كثيرا منذ التحاقي بالعمل الدبلوماسي قبل 33 عاما، وقتها لم يكن هناك الإنترنت، اليوم كل الظروف مهيأة للجيل الجديد لكي يكون دبلوماسيا محترفا ولكن هذا يتطلب الصبر والجهد والمثابرة، وهي صفات قد لا تتوافر لدى البعض الذي يتعجل الحصول على منصب رئيس بعثة، وهو ليس لديه تجربة أحيانا في الخدمة في الخارج. فقد انتظرت 23 عاما لأحصل على مسمى «رئيس بعثة». ونحو 28 عاما لأحصل على مرتبة سفير، وقد علمتنا تجربة اليابان أن الاستثمار في العقول هو أهم استثمار، فهذه الأمة التي دمرت في الحرب العالمية تدميرا كاملا، لم تكن تملك أي موارد سوى البشر، فاستثمرت عقولهم لتصل إلى سدة العالم اقتصاديا، وحافظوا في الوقت نفسه على هويتهم الثقافية، وهذا التحدي الذي نواجهه في المملكة هو أن نتقدم ونتطور ونستمر في المحافظة على ثقافتنا الإسلامية.
أتذكر أننا استقبلنا في السفارة في اليابان في عام 2005 وفدا من السيدات ووجهت إحداهن تساؤلا: لماذا لا تسمحون للمرأة بقيادة السيارة؟، فقلت لها: هل تعرفين المملكة؟، فقالت: لا، قلت لها: نحن على استعداد أن نقدم لك رحلة إلى المملكة، ومن ثم تعدين استبيانا مع 1000 سيدة من جميع المحافظات ومختلف الشرائح، لتسألي عن هذا الموضوع، وأؤكد لك أنك ستفشلين فشلا ذريعا، لأن الإجابات ستكون 20 في المائة نعم و80 في المائة لا، بل قد تجدين أن الكثير لن يغلب نفسه في الإجابة على السؤال، لكون المسألة شأنا اجتماعيا بحتا وهي ليست أكبر اهتمامات المرأة السعودية، ويعتمد الأمر في النهاية على ما يرتضيه المجتمع من تغير مقبول، فقبل 50 عاماً واجهنا صعوبات في تعليم المرأة واليوم لدينا حوالى ستة ملايين طالب نصفهم من النساء. والأمر كذلك في اليابان التي سمحت للمرأة بحق الانتخابات في نهاية الستينيات وكذلك الولايات المتحدة، وأوضحت لها أن اليابان من أقل الدول فيما يتعلق بما يسمى التكافؤ بين المرأة والرجل، فيما نحن لدينا أستاذة الجامعة والطبيبة تحصل على كل الميزات التي يحصل عليها زميلها الرجل، بل على العكس تتفوق، إذ تحصل عــــلى إجازات طويــلـــة للحمل والرضــاعـــة مدفــــوعة الأجر لا تحصل عليها نظيرتها في أية دولة أخرى، فــــذهــلـــــت الإعلامية اليابانية وفي اليوم التالي كتبت موضوعا أدهش الجميع.
فنحن بحاجة للاستثمار في العقول، ولكن يجب أن تتوافق مخرجات التعليم مع متطلبات الواقع، وأنا مستبشر ومتيقن من نجاح المشروع الإصلاحي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يسير بوتيرة متصاعدة ستوصلنا إلى مانطمح إليه، وسيأتي التغيير تدريجيا.
• الملاحظ أنك عينت سفيرا في اليابان والهند كارتباط اقتصادي أكثر منه سياسيا، فهل آليات تعيين السفراء ترتكز لمثل هذه المعايير؟
ــ التخصص مطلوب بلا شك، ولكن السفير يجب أن يكون قادرا على الإلمام بالجوانب السياسية والاقتصادية، وقد تنقلت في عملي الدبلوماسي بين هذين الجانبين، فقد عملت في سنواتي الأولى في الجامعة العربية وهي مدرسة جامعة في السياسة والاقتصاد والشأن الاجتماعي معاً لمدة أربع سنوات، حضرت خلالها أربع قمم عربية مهدت لمرحلة انتقالية مهمة من العمل العربي المشترك، خاصة أنني استلمت المندوبية بعد رجل عظيم هو السفير فؤاد صادق مفتي، وهو تحد كبير لي. أما العلاقة مع اليابان فقد كان لها جانب اقتصادي كبير فعلا، لكنها مع الهند مختلفة للدور السياسي والاقتصادي المزدوج الذي تلعبه الهند في محيطها الإقليمي والدولي، ودخول المملكة شراكة استراتيجية معها في كل المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية، حيث وصل عدد الاتفاقيات الموقعة بين البلدين إلى أكثر من 12 اتفاقية، خصوصا أنني أتيت بعد سفير مميز هو الأخ صالح الغامدي الذي وضع اللبنات الأساسية لانطلاق العلاقات، وقد بذل جهدا جبارا أثمر عن زيارة تاريخية لخادم الحرمين الشريفين للهند في عام 2006م. وعودة إلى سؤالك، فآليات اختيار السفير لها خلفيات من الدراسة والخبرة والتخصص.
• كيف تقيم تجربتك على مدى 34 عاما حتى الآن؟
ــ دون شك كانت تجربة ثرية بكل المقاييس والمعايير على المستوى الشخصي والعملي، تعلمت فيها الكثير، واقتربت واستفدت أكثر من سمو الأمير سعود الفيصل الذي تعلمت منه واقعيا، كيف أملك نفسي عند الغضب. أما عن الجلادة والصبر فهو مدرســــة بذاتها، فعندما أجد سموه يعمل حتى الخامسة فجرا على مدى أيام، ويقول بعد ذلك: نلتقي في الســـابعة والنصف صباحا للانتهاء من التقرير، هذا يعني أن عليك أن تنسى التعب والإرهاق وتلغيه من قاموسك كدبلوماسي، لدرجة أن سموه في أحد الاجتمــاعات لم يقم من كرسيه على مدى 12 ساعة متصلة.
وقد كنت محظــــوظا بلقاء قامات كثيرة في عملي، لكن الاقتراب من قيادات بلدي ظل فرصة ذهبية يتمناها أي سفير، فقد أتيحت لي الفرصة بمرافـقــــة سمو سيدي ولي العهد ثلاثــــة أيام، خلال زيارته الرسمية لليابان فقد تعلمـت فيها الكثير من دروس وطرق العمل والقدرة على التباحث والشمولية والرؤية الثاقبة والتسامح والانسانية، وبعد انتهاء زيارته لليابان كان لدي موعد لإجراء عمــلــيــة في باريس فــفــوجئــت بـــه يسأل عنـي ويتصل بي ويطمــئن على صحتي.
أما تجربتي مع سمو الأمير سلمان عندما زار الهند، فقد كانت ثرية وفيها دروس في الانضباط في المواعيد والإلمام الكبير بما حوله وما يدور في العالم، إضافة إلى إنسانيته وكرمه وتواضعه مع الجميع.