جزء كبير من ثقافتنا الشفهية يحمل انتقاصا لقيمة الإنسان ويحط من قدره بسلطة «العرف» العام الذي ضخ عبر تاريخنا الاجتماعي عبارات أصبحت مضرب الأمثال، وكأنها تمنح اللون الأخضر لتبرير السلوك السلبي بحجة الغطاء والعادات الاجتماعية، ألم تخلد قواميسنا الشفهية: جلد مو جلدك اسحبه على الشوك؟، وتزيد في إمعان الذل: إذا كان عندك للكلب حاجة، قل له: يا سيدي!، حتى في قتل الطموح وسوداوية المستقبل تلهج «ألسنتنا» شاكرة لحالة السكون والخمول مرددة: الله لا يغير علينا، وعلى قد لحافك مد رجليك.. والأكثر ألما عندما تشيع المفردات السلبية لموروثنا الاجتماعي أمام الجوانب المشرقة التي حملتها لنا تجربة ومعايشة الأجداد، وتصبح تلك الأمثال «شماعة» التبرير المشابه للنص القرآني الحكيم «إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون». هذه نماذج لسلطة غير مباشرة يقودها العقل الجمعي تلقائيا في تعاملاته اليومية، والمصيبة أن ذلك الجزء من موروثنا الشفهي يحمل حيزا من التقدير والاحترام في أوساطنا رغم دناءة معانيه ومنطلقاته، فتتعزز في عقلنا الباطن تلك السلوكيات المبررة سلفا، كما هو الحال في نظرتنا الطبقية عندما نقول عن أحدهم: جدار قصير!، لنمارس معه مهارات السارقين في الصعود عليه وامتطائه لتحقيق بغيتنا، وبالضد تتبين الأشياء؛ عندما لا ترفع العين بتاتا عن غيره من الجدران الطويلة.
في الإطار المدني الحديث لا توجد معايير تؤخذ بالتوارث، ولا قيمة تشريفية تتجاوز القيمة الإنسانية، وبناء على سلبية موروثنا؛ هل سأكون «فهلويا» حينما أكون منافقا ومداهنا لأن السابقين أخبروني بأن أقول لمن لي عنده حاجة «ياسيدي»، ثم أمعن في اللامبالاة لأن ذلك الجلد ليس بجلدي فلا مكان يليق به إلا «سحبه» على الشوك، وأضيف عليها: اللهم لا تغير علي، وإن كان نحو الأفضل؟، وأقصم ظهر الختام بالتفريق بين الجدار الطويل والقصير لأحدد كيفية الصعود.. تلك ــ لعمري ــ قواصم شعبية نقلت إلينا دون تمحيص، وساهمت في شيوع انتقاص القيمة الإنسانية، وسحقا للفهلوية المترتبة عليها وإن كانت من نتاج أجدادنا!. إشكالية الموروث الشفهي يكمن في كونه امتزاجا للثقافة مع التجربة الإنسانية، كان محركه الرئيسي الحالة الاجتماعية السائدة في ذلك العصر القديم، وبالتالي ليس بالضرورة أن يستقيم لنا في عصرنا جميع ما استقام للسابقين في عصرهم، فإن كان دافعنا هو «الاستئناس» بذكاء ومهارة وقدرة الأجداد في اقتناص العبارات على مواقفهم، فهذا بحد ذاته مدعاة للتمحيص وفرز صحيحهم من غثائهم عندما ننقلها لمن بعدنا لئلا يخرج لنا جيل «مدجن» بسقط المتاع.
yalamro@hotmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة
في الإطار المدني الحديث لا توجد معايير تؤخذ بالتوارث، ولا قيمة تشريفية تتجاوز القيمة الإنسانية، وبناء على سلبية موروثنا؛ هل سأكون «فهلويا» حينما أكون منافقا ومداهنا لأن السابقين أخبروني بأن أقول لمن لي عنده حاجة «ياسيدي»، ثم أمعن في اللامبالاة لأن ذلك الجلد ليس بجلدي فلا مكان يليق به إلا «سحبه» على الشوك، وأضيف عليها: اللهم لا تغير علي، وإن كان نحو الأفضل؟، وأقصم ظهر الختام بالتفريق بين الجدار الطويل والقصير لأحدد كيفية الصعود.. تلك ــ لعمري ــ قواصم شعبية نقلت إلينا دون تمحيص، وساهمت في شيوع انتقاص القيمة الإنسانية، وسحقا للفهلوية المترتبة عليها وإن كانت من نتاج أجدادنا!. إشكالية الموروث الشفهي يكمن في كونه امتزاجا للثقافة مع التجربة الإنسانية، كان محركه الرئيسي الحالة الاجتماعية السائدة في ذلك العصر القديم، وبالتالي ليس بالضرورة أن يستقيم لنا في عصرنا جميع ما استقام للسابقين في عصرهم، فإن كان دافعنا هو «الاستئناس» بذكاء ومهارة وقدرة الأجداد في اقتناص العبارات على مواقفهم، فهذا بحد ذاته مدعاة للتمحيص وفرز صحيحهم من غثائهم عندما ننقلها لمن بعدنا لئلا يخرج لنا جيل «مدجن» بسقط المتاع.
yalamro@hotmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة