في الموسوعة الشهيرة «قصة الحضارة»، كتب ول ديورانت متحدثا عن حالة الكهان وسيكولوجيتهم قائلا: (كان الكهنة يتقاضون أجورا عالية على مساعدة المتعبد في أداء طقوس القربان التي أخذت تزداد مع مر الزمن تعقيدا، فإذا لم يكن بوسع المتعبد أن يدفع أجره، رفض أن يتلو له الصيغ اللازمة... وقد وضع رجال الدين قواعد تضبط مقدار ما يدفعه صاحب هذه العبادة، كم من الأبقار والجياد، وكم من الذهب...)، سؤال المهمة «الوظيفية» التي يقوم عليها الكاهن في السياق التاريخي العام يثير العجب والاستغراب، وهو ما تحرج عن طرحه كثير من الباحثين بسبب التصاق الكهنة بعمارة الأرض منذ قديم الزمان، ولم نجد قراءة نقدية في العصور القديمة لسلوك الكهان خشية من أن يصنف النقاد في دائرة التجديف والإلحاد على الرغم من أن فكرة «الكهانة» تنبثق من خلفية رؤيته لمجتمعه وقدرته على تطويعه ليحقق أطماعه ومآربه، وغالبا ما تكون معلقة على شماعة الدين والسذاجة الاجتماعية، لكي نفهم معنى السلطة المتمسحة بمسوح الكهان وتمريرهم لأوراق غيرهم وفقا لمتقضيات الزمان والمكان، نتساءل عن الذي دعا 20 ألفا من المصريين القدامى على مدار عشرين عاما في عناء بلغ حد الموت لإقامة «مقبرة» نسميها في عصرنا الحاضر أهرامات، ولا يكف السؤال ــ وفقا لقراءة الباحث رشاد سلام ــ عن كم قربان من البشر أريق دمه في ذلك المعبد، وكم من الضحايا رجالا ونساء سيقوا على أنغام ترتيل «كهنة الدفن» لدخول المقبرة والالتفاف حول جثمان الميت، أغمضوا أعينكم وتخيلوا ملامح تلك المجازر التي خلدها التاريخ على هيئة آثار ومعالم سياحية تزار، وجميعها في مصر والهند وأمريكا الوسطى لم ترو إلا بدماء باركها الكهان قربانا لآلهة لم يكن لها في الواقع وجود.
جزء من سجع الكهان في وقت مضى تمحور حول الخرافة، وفي وقتنا الحاضر يستمر سجعهم في التسلط على مساحة الخيال عند العامة، والرقص على أطراف الغيبيات ليتبلد الوعي ويتعلق الناس بالوهم، وكأنه مذبح يساقون إليه ولكن في عصر الإنترنت والفضاء، قائلين: سمعنا وأطعنا!، وفي الوقت ذاته لم يصنع الكاهن نفسه لولا وجود فئة مستفيدة من ترويج الخرافة وإقامة الناس في منطقة اللا وعي، فالتجربة ذاتها تتكرر باختلاف العصور، فإن كان سلاحهم ــ سابقا ــ عصفا من الترانيم المبهمة، فإن سلاحهم الحالي أكثر تطورا بقاعدة: ارفع لي واكبس لك، والضحية: مجتمع!.
yalamro@hotmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة
جزء من سجع الكهان في وقت مضى تمحور حول الخرافة، وفي وقتنا الحاضر يستمر سجعهم في التسلط على مساحة الخيال عند العامة، والرقص على أطراف الغيبيات ليتبلد الوعي ويتعلق الناس بالوهم، وكأنه مذبح يساقون إليه ولكن في عصر الإنترنت والفضاء، قائلين: سمعنا وأطعنا!، وفي الوقت ذاته لم يصنع الكاهن نفسه لولا وجود فئة مستفيدة من ترويج الخرافة وإقامة الناس في منطقة اللا وعي، فالتجربة ذاتها تتكرر باختلاف العصور، فإن كان سلاحهم ــ سابقا ــ عصفا من الترانيم المبهمة، فإن سلاحهم الحالي أكثر تطورا بقاعدة: ارفع لي واكبس لك، والضحية: مجتمع!.
yalamro@hotmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة