بين «وادي خالد» في شمال لبنان و «تل كلخ» في جنوب سوريا، حكايات لا تنتهي، تبدأ من شراكة المهنة الممنوعة وتنتهي بصفة الفقر وقساوة الحياة، مما جعل مصير القريتين واحدا وإن تفرقتا في بلدين وضمن جنسيتين، فالمصاهرة جمعت الكثير من العائلات السورية واللبنانية هناك والجسر الذي يربط البلدتين والبلدين كان جسرا للتواصل والمحبة والمصاهرة، حتى كان ما لم يكن في الحسبان، إنه آذار (مارس) الذي حمل ما حمل معه من ثورات واضطرابات في لبنان وتاليا في سوريا وإن كانت حكاية لبنان مع مارس بدأت عام 2005 مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فإن حكاية سوريا بدأت معه عام 2011 مع صرخة لم تكن منتظرة مفادها إن الشعب يريد إسقاط النظام. ليتحول الجسر على الحدود بين تل كلخ ووادي خالد «بؤرة للأحداث» يعبره نازحون سوريون ويراقبه آخرون لبنانيون لتبدأ الحكاية.
في أواخر شهر أبريل الفائت بدأت الاعتراضات الشعبية تتصاعد في بلدة تل كلخ الحدودية السورية مثلها مثل كثير من المدن السورية، إلا أن موقعها على الحدود مع شمال لبنان جعل أمر ضبط «تل كلخ» أولوية عند النظام السوري الذي أطلق حملة أمنية دفعت الألوف من أهالي البلدة والقرى المجاورة لها للنزوح إلى لبنان وتحديدا إلى وادي خالد الذي فتح قراه ومنازله للنازحين.
حكايات النزوح كثيرة، لكن استخراجها من أفواه أصحابها دونه صعوبات كثيرة، فالكل يخشى المحاسبة عند العودة إلى سوريا حتى أن أحدهم خاطبنا قائلا: «ماذا نفعل هنا في لبنان، هناك من يراقبنا وبعض الشبان النازحين أوقفهم الجيش اللبناني وحقق معهم وهناك من سلم إلى سوريا...».
وحدهم الصغار من النازحين وجدوا في طبيعة وادي خالد الخضراء ما يشبه طبيعة قريتهم والنزوح بالنسبة لهم كان أشبه بنزهة، فهم طالما تجاوزوا الحدود في الأيام العادية لكنهم اليوم لن يعودوا إلى قراهم وأقله في المدى القصير.
فاطمة (35 سنة) هكذا عرفت نفسها دون تفصيل آخر، رفضت التقاط صورة لها روت لـ «عكاظ» حكاية نزوحها فقالت: «لقد خرجنا من بيتنا بشكل مفاجئ بعدما علمنا أن جنودا من الفرقة الرابعة اقتربت من قريتنا، حملنا ما يسهل حمله وهربنا باتجاه لبنان، الوضع قبل أن نهرب في القرية كان مرعبا ولا يمكن تحمله، وقد تصاعد ذلك عندما وصل إلى القرية العديد من الجنود الفارين الذين رفضوا إطلاق النار على التظاهرات وعلى الناس العزل».
وختمت فاطمة والدمعة واضحة في عينيها فتقول: «لن أعود إلى سورية».
رواية فاطمة تشبه كل الحكايا على ألسنة النازحين السوريين. فيما أبناء وادي خالد الذين فتحوا منازلهم ومدارسهم للنازحين يتجنبون الدخول في ماهية ما يحصل بجانبه السياسي، ويؤكدون البعد الإنساني لتعاطفهم مع النازحين الجيران والأقارب.
ويقول محمد خالد (23 سنة ــ لبناني): «أعداد النازحين السوريين كبيرة جدا وكلهم من الفقراء ومن معه مال تركه في قريته قبل هروبه. نحن أهل والمصاهرة كبيرة بين العائلات في البلدين وكل النازحين لا يفكرون حاليا بالعودة إلى سوريا إلا بعد حل نهائي للمأساة التي يعيشونها. هناك قصص رهيبة سمعناها، لكننا كلبنانيين ليس لنا دخل، فهذا شأن سوري ولكن ديننا وعاداتنا وقيمنا العربية تفرض علينا أن نساعد ونحمي كل من لجأ إلينا طالبا الحماية والرعاية».
الكثير من العائلات السورية النازحة تقاسمت منازل أقارب لها في وادي خالد وقرى قضاء عكار، ويقول نائب عكار خالد الضاهر لـ «عكاظ»: «النازحون السوريون إلى عكار منذ نهاية شهر أبريل حتى الآن بلغ ما يزيد على الخمسة آلاف شخص يضاف إليهم عدة آلاف من تل كلخ المجاورة الذين كانوا يعملون في لبنان ولم يتمكنوا من العودة أو يخشون العودة إلى بلادهم».
ويضيف النائب الضاهر لـ «عكاظ»: «هناك أزمة إنسانية كبيرة لأن النازحين كما المستضيفين لهم، هم من الفقراء وللأسف المساعدات التي قدمت لهم حتى الآن ليست بالمستوى المطلوب كما أن هناك تجاهلا رسميا لمأساة اسمها مأساة النازحين»..
لبنان الرسمي عند بداية حركة النزوح واجه إرباكا في البداية في سعيه للتفريق بين السياسي والإنساني وخوفا من إغضاب النظام، إلا أن هذا الإرباك ما لبث أن تراجع حيث أعلن بعد أيام وزير الشؤون الاجتماعية في حينه سليم الصايغ حالة الاستنفار القصوى في دوائر الوزارة شمال لبنان التي عمدت إلى استقصاء أوضاع الناس والتواصل مع المؤسسات الدولية لمساعدتهم.
في أواخر شهر أبريل الفائت بدأت الاعتراضات الشعبية تتصاعد في بلدة تل كلخ الحدودية السورية مثلها مثل كثير من المدن السورية، إلا أن موقعها على الحدود مع شمال لبنان جعل أمر ضبط «تل كلخ» أولوية عند النظام السوري الذي أطلق حملة أمنية دفعت الألوف من أهالي البلدة والقرى المجاورة لها للنزوح إلى لبنان وتحديدا إلى وادي خالد الذي فتح قراه ومنازله للنازحين.
حكايات النزوح كثيرة، لكن استخراجها من أفواه أصحابها دونه صعوبات كثيرة، فالكل يخشى المحاسبة عند العودة إلى سوريا حتى أن أحدهم خاطبنا قائلا: «ماذا نفعل هنا في لبنان، هناك من يراقبنا وبعض الشبان النازحين أوقفهم الجيش اللبناني وحقق معهم وهناك من سلم إلى سوريا...».
وحدهم الصغار من النازحين وجدوا في طبيعة وادي خالد الخضراء ما يشبه طبيعة قريتهم والنزوح بالنسبة لهم كان أشبه بنزهة، فهم طالما تجاوزوا الحدود في الأيام العادية لكنهم اليوم لن يعودوا إلى قراهم وأقله في المدى القصير.
فاطمة (35 سنة) هكذا عرفت نفسها دون تفصيل آخر، رفضت التقاط صورة لها روت لـ «عكاظ» حكاية نزوحها فقالت: «لقد خرجنا من بيتنا بشكل مفاجئ بعدما علمنا أن جنودا من الفرقة الرابعة اقتربت من قريتنا، حملنا ما يسهل حمله وهربنا باتجاه لبنان، الوضع قبل أن نهرب في القرية كان مرعبا ولا يمكن تحمله، وقد تصاعد ذلك عندما وصل إلى القرية العديد من الجنود الفارين الذين رفضوا إطلاق النار على التظاهرات وعلى الناس العزل».
وختمت فاطمة والدمعة واضحة في عينيها فتقول: «لن أعود إلى سورية».
رواية فاطمة تشبه كل الحكايا على ألسنة النازحين السوريين. فيما أبناء وادي خالد الذين فتحوا منازلهم ومدارسهم للنازحين يتجنبون الدخول في ماهية ما يحصل بجانبه السياسي، ويؤكدون البعد الإنساني لتعاطفهم مع النازحين الجيران والأقارب.
ويقول محمد خالد (23 سنة ــ لبناني): «أعداد النازحين السوريين كبيرة جدا وكلهم من الفقراء ومن معه مال تركه في قريته قبل هروبه. نحن أهل والمصاهرة كبيرة بين العائلات في البلدين وكل النازحين لا يفكرون حاليا بالعودة إلى سوريا إلا بعد حل نهائي للمأساة التي يعيشونها. هناك قصص رهيبة سمعناها، لكننا كلبنانيين ليس لنا دخل، فهذا شأن سوري ولكن ديننا وعاداتنا وقيمنا العربية تفرض علينا أن نساعد ونحمي كل من لجأ إلينا طالبا الحماية والرعاية».
الكثير من العائلات السورية النازحة تقاسمت منازل أقارب لها في وادي خالد وقرى قضاء عكار، ويقول نائب عكار خالد الضاهر لـ «عكاظ»: «النازحون السوريون إلى عكار منذ نهاية شهر أبريل حتى الآن بلغ ما يزيد على الخمسة آلاف شخص يضاف إليهم عدة آلاف من تل كلخ المجاورة الذين كانوا يعملون في لبنان ولم يتمكنوا من العودة أو يخشون العودة إلى بلادهم».
ويضيف النائب الضاهر لـ «عكاظ»: «هناك أزمة إنسانية كبيرة لأن النازحين كما المستضيفين لهم، هم من الفقراء وللأسف المساعدات التي قدمت لهم حتى الآن ليست بالمستوى المطلوب كما أن هناك تجاهلا رسميا لمأساة اسمها مأساة النازحين»..
لبنان الرسمي عند بداية حركة النزوح واجه إرباكا في البداية في سعيه للتفريق بين السياسي والإنساني وخوفا من إغضاب النظام، إلا أن هذا الإرباك ما لبث أن تراجع حيث أعلن بعد أيام وزير الشؤون الاجتماعية في حينه سليم الصايغ حالة الاستنفار القصوى في دوائر الوزارة شمال لبنان التي عمدت إلى استقصاء أوضاع الناس والتواصل مع المؤسسات الدولية لمساعدتهم.