-A +A
ميسرة طاهر
ما أن تبدأ الإجازة حتى يتغير نظام الحياة في الكثير من البيوت، ويبدأ التغيير من ساعة بدء الحياة اليومية في البيت، وتنقلب الحركة سكونا في ساعات الصباح الأولى، وبعد أن كان الأبناء والبنات يستيقظون للذهاب لمدارسهم في ساعات مبكرة تتحول تلك الساعات إلى هدوء وسكون ونوم، ويدخل عدد لا بأس به من الأبناء والبنات في نظام جديد للحياة يقوم أساسا على قلب الليل نهارا والنهار ليلا، وتحتل مشاهدة التلفزيون مساحة زمنية كبيرة، وتزداد اللامبالاة بالأمور الجدية في الحياة وتتحول الأهداف بصورة هائلة باتجاه اللهو والتسلية وإضاعة الوقت، ويخرج معظم الأبناء والبنات من إجازة الصيف وقد تعلقوا بما هو غير جاد ولا مهم، ويعاني الأهل مع مطلع العام الدراسي من كسل أبنائهم وعدم رغبتهم في العودة للدراسة والانضباط، وبخاصة الصغار منهم، وتشتكي المدارس من تأخر انتظام الطلاب والطالبات فيها حتى الأسبوع الثاني أو الثالث أحيانا، والسؤال بعد كل هذا: هل الجدول اليومي السائد للإجازات مقبول؟ وإن لم يكن مقبولا فهل يستطيع الأهل أن يوظفوا الإجازات للترويح عن أبنائهم وفي الوقت نفسه يجعلون وقت فراغهم مفعما بالمفيد بحيث تعود الإجازة على أبنائنا وبناتنا بما يطور شخصياتهم ويزيدهم جدية ونضجا وفهما؟ والجواب عندي نعم، إن الإجازة تحتاج في كل بيت إلى جدول يساهم الأهل بدور إيجابي في وضعه، ولا بد من مراعاة أن تكون فيه مساحة للتسلية والترفيه، وفي الوقت نفسه مساحة للجد والاستفادة، ولابد من السعي بصورة جادة باتجاه البحث عن جهات تنظم مخيمات صيفية أو أنشطة للأعمار المختلفة، ولابد من أن يكون للأسرة نفسها جدولها الخاص، بحيث يتقرب الآباء من أبنائهم وبناتهم أكثر سواء عبر السفر معهم لمدة محدودة، أو عبر الحرص على جعل إجازات الآباء متناسقة مع إجازات أبنائهم وبناتهم وتخصيص أوقات يومية يمضونها معا، فإن كانوا في سفر مع بعضهم فينصح بأن يكون الجدول اليومي متضمنا زيارات لأماكن مفيدة كالمتاحف والأماكن الأثرية، وهذا يتطلب من الآباء والأبناء القراءة عن هذه الأماكن بحيث تكون الزيارات بمثابة دروس في التاريخ أو التقنية أو العلوم، وإن قررت الأسرة أن تمضي إجازتها في داخل المملكة فمن الحكمة أن توطد العلاقات مع العائلة الكبيرة شريطة أن يكون الأب والأم يقظين لتصرفات أبنائهما حتى لا يقعوا في أي محظور، فكثيرة هي القصص التي سمعتها عن حوادث تحرش واعتداء تم على الأطفال خلال هذه الإجازات بسبب إهمال الأهل لمتابعة أبنائهم وترك مهمة المتابعة ملقاة على كاهل الخدم والصغار من الأطفال من ناحية وحرص الأهل على السهر لساعات الصباح الأولى مما يدفعهم للنوم وترك الأطفال يستيقظون ولا يجدون أحدا من الكبار معهم، ولا ينبغي لأسرة تريد الخير لأبنائها أن تهمل دور القراءة في الإجازة سواء كانت هذه القراءة لقصص مفيدة أو كتب علمية أو الدخول على مواقع مفيدة أو تطوير اللغة العربية أو لغة أجنبية، أو الاطلاع على بعض كتب السنة الدراسية التالية أو سواها، المهم أن يكون هناك جدول للنشاط اليومي للأبناء والبنات بدل إضاعة الوقت كله في النوم ومشاهدة التلفزيون والأسواق التي تتحول إلى أماكن لتناول الطعام بالنسبة للصغار وأماكن للتسكع والمعاكسات بالنسبة للكبار أو أماكن للتبضع بالنسبة للأمهات، ومن الحكمة أن نتذكر أن العمر محدود وهو سلاح ذو حدين إما أن تكون أفعالنا خلال حياتنا محسوبة لنا أو محسوبة علينا، والعاقل هو من يجعلها محسوبة له لا عليه.