-A +A
أشرف مخيمر، أحمد عبد الله ــ القاهرة
رفض الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي اعتبار زيارته لدمشق التي جرت في الآونة الأخيرة، دعما للنظام السوري. وأفاد في حوار أجرته «عكاظ» «أنه لن يكشف كليا، عما قاله داخل الغرف المغلقة، في حواراته مع الرئيس بشار الأسد»، مكتفيا بالقول «تحدثت عن حق الشعب السوري في الإصلاح والتغيير والحكم الديموقراطي».
ورأى أن توجه السلطة الفلسطينية إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، لانتزاع اعتراف دولى كامل بدولة فلسطين ليس موجها ضد إسرائيل. وأضاف أن الوقت حان لإنهاء النزاع العربى الإسرائيلى، والانتقال من مرحلة إدارة الصراع إلى ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية عادلة تعيد الحقوق الفلسطينية والعربية. وهنا نص الحوار :

• دعنا نبدأ من الملف الأكثر سخونة، وهو ما أحاط بزيارتكم إلى سورية من ردود أفعال، والتي اعتبرها البعض دعما سياسيا للنظام السوري ؟


ــ بصفتي أمينا عاما للجامعة، لابد أن أتحرك وأزور كل الدول العربية، فالجامعة منظمة إقليمية تعبر عن دولها، ومن ثم لا يمكن أن تقف صامته أو تتفرج على ما يجري في المنطقة من تغيرات متسارعه.
• لكنكم أعلنتم تضامنكم مع النظام السوري من خلال تصريحاتكم ؟

ــ أبدا لا يمكن اعتبار ذلك تضامنا مع النظام ضد الشعب السوري، وضد إرادته ورغبته في التغيير والإصلاح، وإنما كان ردا علي تصريحات صدرت عن وزيرة الخارجية الأمريكية عكست تدخلا في شأن دولة عربية، وهذا نعتبره أمرا مرفوضا. لأن أي تغيير ينبغي أن يعكس إرادة داخلية وبيد الشعب وحده.
• لكنكم لم توجهوا كلمة لوم واحدة للنظام، ولم تزوروا مدينة حماة مثلما ما فعل السفيران الأمريكي والفرنسي ؟

ــ في الحقيقة إنني قلت كلاما كثيرا داخل الغرف المغلقة وفي الحوارات مع الرئيس السوري الأسد لن أفصح عنه كليا، لكن أود أن أؤكد أنني تحدثت عن حق الشعب السوري في الإصلاح والتغيير والحكم الديموقراطي، وتعرضت لما جرى في مصر باعتباره نموذجا في هذا الشأن. أما عدم زيارتي لحماة، فقد كان سببه أنها لم تكن ضمن البرنامج، ولضيق الوقت وانشغالي ببرنامج ضخم للتوجه إلى الدوحة للمشاركة في اجتماع لجنة المبادرة العربية.
• أعلنتم استعدادكم لزيارة ليبيا واليمن، ألا ترون أن هذا يتعارض مع رغبة الشعبين في التغيير؟

ــ نعم، أبديت استعدادي لزيارة ليبيا، وأي من الدول العربية الأخرى التي تشهد أحداثا حاليا والالتقاء مع كل الأطراف بها بما فيها قادة تلك الدول، متى طلب مني ذلك. وعموما لا يجب على الجامعة انتظار الطلب منها أو دعوتها لهذه الزيارات، وألا تقف صامتة. ويتعين عليها أن تمتلك ناصية المبادرة تجاه دولها وشعوبها.
• كيف ترون مستقبل الأوضاع في ليبيا ؟ وهناك من يعتقد أن الجامعة سلمت ليبيا لاحتلال أجنبي؟

ــ الموقف في ليبيا معقد للغاية، ويتعين الإشارة إلى أن طلب فرض الحظر الجوي الذي تقدمت به الدول العربية كان بهدف حماية المدنيين من القصف من جانب القوات التابعة للقذافي، لكن الأوضاع تطورت بشكل لم يكن أحد يرغب فيها. ونحن ضد هذا الانحراف بالتكليف الدولي الصادر لهذا الغرض. والمطلوب الآن هو سرعة التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة. وكلما أسرعنا في ذلك كان أفضل.
• أعلنتم عن استعدادكم للقاء القذافى، ألا يؤخذ ذلك الأمر «حال اتمامه» على محمل الدعم لنظام الحكم الليبي؟

ــ أنا أرحب بلقاء أي مسؤول عربي في أي وقت إذا طلب منى ذلك. أو حتى عن طريق مبادرة للجامعة العربية. وعموما ليس دور الأمين العام أن يبقى متفرجا، لكن عليه التحرك بتأن ودراسة وهدوء.
• تشهد المرحلة الراهنة تحركات عربية مكثفة للتوجه إلى الأمم المتحدة بشأن الحصول على قرار دولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ألا تخشون أن يصطدم «بفيتو» أمريكي ؟

ــــــــ لا شك أن الوقت حان لإنهاء النزاع العربى الإسرائيلي، والانتقال من مرحلة إدارة الصراع إلى ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية عادلة تعيد الحقوق الفلسطينية والعربية. ونحن الآن في سبيلنا للتوجه إلى مجلس الأمن وإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لانتزاع اعتراف دولى كامل بدولة فلسطين. وأشير هنا إلى أن هذا التوجه ليس موجها ضد إسرائيل بأي حال، لكن بغرض تحقيق السلام العادل والدائم، وهذا رد على من يروج لضرورة الاحتكام إلى المفاوضات بين الجانبين. والتوجه بالقضية الفلسطينية إلى مجلس الأمن يعد خيارا مطروحا وإن كان لم يتقرر بعد. وسيتم أولا التوجه للجمعية العامة للاعتراف بدولة فلسطين ورفع تمثيل فلسطين في المنظمة الدولية على غرار ما حدث مع بعض الدول في السابق مثل الفاتيكان والكوريتين وسويسرا والألمانيتين.
• هناك مطالب بأن تتحول الجامعة إلى جامعة للشعوب في ظل التطورات الجارية حاليا في عدد من الدول العربية كيف ترون هذا الأمر ؟

ــ أستطيع التأكيد على أنه لا أحد من القادة الذين التقيتهم، عارض تطوير الجامعة العربية وتفعيل دورها، غير أن الجامعة تعد منظمة إقليمية للدول والحكومات وليست للشعوب، شأنها شأن سائر المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. ومن المهم أن تضع الجامعة الأفكار والرؤى اللازمة لتحقيق هذا الهدف، ثم تعرضها على الدول العربية. وعموما لقد كانت هذه القضية، ضمن ثلاثة مسوغات بحثتها خلال زياراتي وجولتي الأولى التي شملت الرياض، الدوحة، ودمشق، والتي تناولت الأوضاع الراهنة في ظل ما تشهده المنطقة من تطورات وأحداث، وإصلاح وتطوير العمل داخل الجامعة.
• هناك آمال كبيرة في إحداث نقلة في أداء الجامعة خلال الفترة المقبلة، فما هي أفكاركم حيال هذا الأمر؟
ــ لا شك في أن بعض الكتاب والمثقفين تحدثوا عن انقلاب الجامعة، إلى جامعة للشعوب العربية لكن تجب الإشارة هنا إلى أن الجامعة تعمل وفقا للميثاق، الذي أنشئت على أساسه. وهو ميثاق قائم على الدول وليس على الشعوب. والقرارات تتخذها الدول، وليست الشعوب. المطلوب في هذه الحالة هو ضرورة أن تعكس القرارات مصالح الشعوب العربية.
• لكن البعض يرى أنه ليس للجامعة موقف واضح حيال ما يجري في بعض الدول العربية، على عكس ما جرى مع ليبيا من تحرك سريع ؟

ــــــ ينبغي أن ندرك أن الجامعة منظمة إقليمية، وتعمل في إطار واضح يقوم على عدم التدخل في الشؤون العربية، لكن هناك مساحة يجب أن يتحرك فيها الأمين العام وفقا لميثاق الجامعة خاصة في ما يتعلق بحقوق الإنسان، لأن قضايا حقوق الإنسان عادة ما تثير اهتماما دوليا. كما ينبغي إدراك أن التحرك تجاه ليبيا تم بقرار من جانب وزراء الخارجية العرب، وهو الأمر الذي لم يحدث مع سورية أو اليمن.
• كان لكم توجه خلال فترة توليكم وزارة الخارجية المصرية نحو تطبيع العلاقات مع إيران، ثم ما لبث أن تراجع، فما هي أسباب هذا التراجع؟

ــ أود الإشارة إلى أن لمصر علاقات مع إيران منذ عام 1991م. وأن هناك بعثتي رعاية مصالح تعملان منذ ذلك الحين، والآن يرأسهما دبلوماسي بدرجة سفير. كما أشير إلى أن النظام السابق كان يرى في إيران دولة معادية، لكننا لا نراها كذلك وهي دولة مهمة. ولنا علاقات تاريخية معها. وعموما وكما ذكرت فإن موضوع العلاقات مع إيران سيطرح على البرلمان المصري المقبل للبت فيه. وأرى أن الحوار مع إيران مهم خلال هذه المرحلة لفتح جميع الملفات والقضايا الخلافية والتوصل إلى تفاهم بشأنها..
• كيف ستتعامل الجامعة العربية مع دولة جنوب السودان الوليدة؟

ــ المعروف أن لنا علاقات تعاون مع أهل الجنوب منذ سنوات طويلة، وإن كنا لم نتلق حتى الآن إخطارا من الدولة الجديدة للحصول على عضوية الجامعة العربية، إلا أن الجامعة تقدم مساعدات مستمرة لجنوب السودان، ومن ثم فإن التعاون معها سيتطور.