دخل شهر رمضان المبارك أعاده الله على الجميع بالخير والأحلام المتحققة عاجلا غير آجل، ودخلت معه الظواهر المصاحبة له، نشرت إحدى الصحف قبل يومين على صفحتها الأولى صورة لطوابير مكونة من آلاف مؤلفة من العمالة يستلمون من مندوب إحدى الجمعيات الخيرية صحنا حديديا، يبدو من خلال صورته ومن خلال خبرتي في الأدوات المنزلية أن سعره لا يقل عن الخمسين ريالا، وإن استغلت الجمعية علاقاتها واشترت آلافا منه فسيقل السعر ليصل إلى ما يقارب الثلاثين ريالا، يستلم العامل صحنه الحديدي الفاخر ليدخل بعد ذلك إلى خيمة فاخرة ويجد في انتظاره أكلا لا يقل «فاخرية»، يلتهمه مع الأذان، بعد ذلك يمضي إلى عمله وهكذا إلى مغرب اليوم الثاني، صورة الخيام الرمضانية عندما تتأملها في جميع مدن بلادنا، لا تكاد تجد بين هذه الطوابير الطويلة جدا سعوديا واحدا. لست ضد البر والتعامل الإنساني، ولكن عشرات الملايين المهدرة من الريالات يوميا من أجل البر في العمالة هل تم دراسة جدواها، وقبل ذلك هل تم دراسة الأجر المرجو منها عند رب العالمين، الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا، والذي أبرأ إليه أن أسد بابا للخير دون أن أدري، الصرف المالي السخي الذي تجده الخيام الرمضانية للعمالة الوافدة يكاد يلتهم ما تستحقه الكثير من الأسر السعودية التي تكبر معاناتها مع كل رمضان كريم، كما أن هذه الطوابير العمالية لا تشجع أبدا الفقير السعودي أن يذهب لتلك الخيام التي تشعره بغربة رهيبة وهو على أرض وطنه، الأمر الأشد غرابة أن هذه الجمعيات الخيرية لديها عشق غريب لرؤية الطوابير، وإيقاف الصائمين في طوابير طويلة لا حد لها، تبعث على الشعور بالشفقة على هؤلاء الواقفين لساعات طويلة في منظر غير إنساني، حتى وإن بدت هذه الطوابير منظمة ومنضبطة، المحزن أن لهذه الجمعية ــ بعينها ــ طريقة غير إنسانية تمارسها في شرق الرياض من جعل سيارات الفقراء من المواطنين تقف خلف بعضها ليومين أو أكثر في طوابير تبلغ عدة كيلو مترات من أجل سد رمق الجوع، حتى في «البر» نعشق (الطوابير)!.
Shammriyah76@hotmail.com
Shammriyah76@hotmail.com