-A +A
ردينة فارس ــ غزة
تتحصن السلطة الفلسطينية ولأول مرة بعزيمة لا تثنيها ضغوطات دولية، ولا وعود بالمفاوضات وتحقيق السلام المزعوم، في التوجه إلى الأمم المتحدة، مراهنة على الحشد العربي وبعض الأوروبي المؤيد لهذا التوجه، وفي هذا الإطار أكدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتورة حنان عشراوي في حديث لـ «عكاظ» : أنه وعلى الرغم من الفيتو الأمريكي المتوقع ضد طلب العضوية الفلسطينية الأسبوع المقبل، إلا أن القيادة الفلسطينية ستنجح في حملتها للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة. وفيما يلي نص الحوار :

• الإدارة الأمريكية تهدد باستخدام الفيتو ضد التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، وتهدد بتنفيذ عقوبات على السلطة .. ما الخيارات التي ستتخذها السلطة أمام هذا التهديد؟
ــ الإدارة الأمريكية اتخذت قرارا خاطئا عندما قررت استخدام حق النقض الفيتو ضد التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة، وهي بهذا القرار تكون قد أخذت موقفا يتعارض مع حق الشعوب في الحرية، وأخذت قرارا بحجب العضوية عن شعب بأكمله، فهذا يعني وجود نوع من ازدواجية المعايير والنفاق لصالح إسرائيل، وأنها وضعت المصالح الضيقة للأفراد فوق القوانين والالتزامات الأمريكية، صحيح أنهم يهددوننا بالفيتو، ولكنني أؤكد أيضا بأن الفيتو الأمريكي سيؤثر على وضع الولايات المتحدة العالمي سلبا، لأن العالم أصبح يدرك حاليا أنها تصطف إلى جانب إسرائيل خارج القانون الدولي وخارج الحقوق الإنسانية والاتفاقيات الدولية، حتى أن برنامج أوباما الأخير يقوم على أساس صنع السلام بشكل مباشر، وهو ما لم يحصل، وهو اليوم يهدد بالتصويت بالفيتو ضدنا. فالانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل يبعث رسالة إلى الشعوب العربية مفادها بأن تحالفها الاستراتيجي مع إسرائيل واعتبارها دولة فوق القانون أهم من مبادئها، فإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بهدف إنهاء الاحتلال وحل الدولتين فعليها التصويت إلى جانب دولة فلسطين، ووضع حد للخروقات الإسرائيلية وضمان حقوق الشعوب كافة بالحرية والعدالة.
أما بخصوص التهديدات الأمريكية بقطع المساعدات المالية عن السلطة فنحن حقيقة نمر بأزمة حاليا، وتوجد صعوبات ناتجة عن عدم إيفاء الدول العربية بتعهداتها لدعم شعبنا، والمفروض على الدول العربية التي تحتضن القضية الفلسطينية في ظل الربيع العربي، الذي أعاد القضية الفلسطينية إلى وجدان الشعب العربي، أن تدعم شعبنا بشكل أكبر، ونحن نتساءل: كيف يمكن للعرب أن يسمحوا للكونجرس الأمريكي بحرمان شعبنا من الأموال المستحقة لنا نتيجة مواقف سياسية؟ إن هذا ابتزاز فظ وصريح، وعلى الدول العربية دعمنا ماليا لنتمكن من الصمود في المرحلة المقبلة.
• هناك من ينصح بذهاب الفلسطينيين إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب تهديد الإدارة الأميركية باستخدام حق النقض (الفيتو ).. هل قررتم إلى أي جهة ستذهبون أولا ؟
ـ إن الفيتو الأمريكي لا يعني نهاية الطريق وإغلاق الباب، فإذا استخدمت واشنطن الفيتو، سنذهب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث إن نحو 125 دولة اعترفت بفلسطين، وهو ما يمثل تقريبا ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن الممكن أن نذهب أيضا إلى المحكمة الدولية، فالخيارات لا تزال مفتوحة، وقد بدأنا بمسار تصحيحي جديد، يتمثل في وضع القضية الفلسطينية ضمن إطار المجتمع الدولي، لتمكين ذاتنا داخليا وخارجيا.
وشددت على أن «الولايات المتحدة وظفت نفسها في خدمة إسرائيل في موضوع الاعتراف بفلسطين، ولكن نؤكد أن هناك إجماعا فلسطينيا على الذهاب للأمم المتحدة، وأن قواعد اللعبة سوف تتغير بعد الذهاب للأمم المتحدة».
• ما الذي سيجنيه الفلسطينيون من التصويت لصالح فلسطين في الأمم المتحدة؟
ــ التصويت لصالح دولة فلسطين يعني، أن الأرض الفلسطينية ستتحول من أرض «متنازع» عليها كما تزعم إسرائيل إلى أرض فلسطينية «محتلة»، وكل ما يجري في الأرض المحتلة مخالف للقانون الدولي ومعاهدات جنيف والقانون الدولي الإنساني، كما أن الاعتراف سيضع حدا لمنطق القوة الإسرائيلي والتنصل من المساءلة والمحاسبة.
• كيف ستكون صيغة الطلب الذي سيتم تقديمه للأمم المتحدة.. هل بشكل فردي فلسطيني؟ أم من خلال لجنة المتابعة العربية .. وما هي الأسس والأفكار التي سيتم تقديمها في الطلب الفلسطيني لنيل قبول فلسطين عضوا في الأمم المتحدة؟
ــ صياغة الطلب الفلسطيني المنوي تقديمه للأمم المتحدة تتم في الوقت الحالي بالتفاهم مع الدول العربية، ولجنة المتابعة العربية خارج فلسطين ، وكل ما نشر في هذا السياق في وسائل الإعلام غير صحيح، وما زال العمل جاريا فالمسودات لم تكتمل بعد، وكل شيء ممكن في هذا السياق، ويعتمد على مكان التوجه والسبل القانونية الصحيحة للتقدم بالطلب. وأن الذهاب للأمم المتحدة يعني بداية اشتباك قانوني قضائي جديد مع إسرائيل، وقد دخلنا المفاوضات على أسس محددة، وأصبحت إسرائيل تتمتع بغطاء دولي، ولكن بعد أن تنصلت إسرائيل من المفاوضات، نريد الآن أن نرفع الغطاء عنها، وسنوضح لجميع الدول أن الضفة محتلة والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وستخضع إسرائيل للمساءلة باعتبارها قوة محتلة.
• هناك من حذر السلطة بأن ذهابها للأمم المتحدة فيه تهديد لوضع منظمة التحرير وحقوق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم .. هل حقا أن توجه السلطة فيه تهديد لحقوق اللاجئين؟
ــ هذه الآراء القانونية الصادرة عن مخاطر الذهاب للأمم المتحدة يجري معالجتها لتجنب هذه الثغرات، وإن الذهاب إلى الأمم المتحدة لا يعني وضع المنظمة في خطر يتهددها، لأن الذهاب للأمم المتحدة يكرس دورها، باعتبارها حكومة لكل الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، ولكن إسرائيل هي التي تستخدم هذه الآراء القانونية حاليا، من أجل التشكيك في ذهاب فلسطين إلى الأمم المتحدة، وما قامت به زوبعة في فنجان وتهييج للرأي العالمي، ونريد من جميع أبناء شعبنا أن يسيروا خلف القيادة إلى الأمم المتحدة، وعدم الالتفات إلى هذه الروايات التي تشكك في جدوى الذهاب للأمم المتحدة.
• في حال لا سمح الله فشل استحقاق أيلول .. هل ستقوم السلطة بحل نفسها ؟
ــ شعبنا معني بالسلطة ومعني ببناء السلطة، والسلطة وسيلة لتثبيت شعبنا على أرضه ومساعدته على البقاء، فلماذا نقوم بحلها، فحلها يعني عقابا لأبناء شعبنا، ولكن يمكن أن تحل السلطة في حال قررت إسرائيل والولايات المتحدة التنصل من كل الاتفاقيات والمعاهدات وتجفيف موارد السلطة، ولكن أؤكد أن وجود السلطة هو سبب للاستقرار في المنطقة، وحلها يعني الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة .
• سلطات الاحتلال تسعى إلى نشر الفوضى من خلال تسليح المستوطنين وإعطائهم الضوء الأخضر لقتل الفلسطينيين .. كيف يمكن للفلسطينيين إفشال المخططات الإسرائيلية الهادفة لعرقلة توجههم للأمم المتحدة؟
ــ نحن نتوقع خروج أهلنا في الداخل والخارج في مسيرات سلمية مؤيدة لاستحقاق أيلول، غير أن سلطات الاحتلال ستسعى لخلق واقع من الفوضى والعنف عبر تسليح المستوطنين بحماية جيش الاحتلال من أجل قمع أي تحرك مدني فلسطيني مؤيد للسلطة الوطنية ومنظمة التحرير لكسب التأييد العالمي في الأمم المتحدة، ولإيجاد مخرج للأزمة الداخلية الإسرائيلية حيث لاحظنا في الأسابيع الماضية اهتزاز عرش حكومة نتنياهو بفعل الاضطرابات الاجتماعية في إسرائيل، وكذلك الخلافات السياسية الداخلية حول السلام مع الفلسطينيين، حيث من المتوقع أن يقوم المستوطنون بالاعتداء على أهلنا في الضفة الغربية، وهو ما قد لاحظناه مؤخرا من اعتداءات على المساجد وحرق حقول الزيتون، كما لا نستبعد استباحة الجيش الإسرائيلي القرى والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية.


!