لا أبالغ إذا قلت إنه لأول مرة في تاريخ كتابة الأغنية السعودية يتم إحداث نقلة كبيرة وواسعة في كتابة نص غنائي مختلف ومغاير وقد كان ذلك على يد المبدع الفنان بدر بن عبد المحسن وهو ما شكل تجاوزا للمألوف والمتعارف عليه في الذائقة الغنائية السعودية حيث ظلت كلمات الأغنية تدور في فلك الكلمات المتداولة والتي يتم كتابتها وتناولها في هذا الخطاب الغنائي التقليدي الذي تظل مفرداته ولغته هي إعادة انتاج للخطاب الكتابي الغنائي الذي يدور حول الوصل والهجر والفراق والسهر وما الى ذلك.
جاء بدر بن عبد المحسن فكان بدرا في فضاء كتابة الاغنية السعودية ، ولا زلت أتذكر وأنا في مدينتي الحبيبة والحالمة جيزان أول أغنية تزلزلني كلماتها وتجعلني أصرخ:
هذا هو الأبداع.
كانت تلك الكلمات هي كلمات أغنية "عطني المحبة"
التي يقول مطلعها:
عطني في ليل اليأس شمعة
وبسمة نهار
عطني في ضياع العمر دمعة
وسكة ودار
إنني أمام لغة جديدة غير معهودة وغير مطروقة البتة ومن هنا كان رأيي دائما ان شعر بدر بن عبد المحسن هو داخل في مشروع الحداثة الشعرية السعودية وهو احد رموز هذه الحداثة في المملكة بل ان شعر بدر بن عبد المحسن متجاوز في كثير منه لشعراء يكتبون او يزعمون انهم يكتبون شعرا حديثا فيما هم يكتبون بلغة تقليدية ، ذلك أن الإبداع هو تجاوز وكسر للمؤلوف في كل شيء.
لقد كتبت عن شعر بدر بن عبد المحسن عندما صدر ديوانه " ما ينقش العصفور في تمرة العذق " وكان عنوان قراءتي للديوان تحت عنوان " ما ينقشه بدر في تمرة العذق " وقد هاتفني بعد هذه القراءة مثمنا ومعجبا بما كتبته ولا أنسى بعد ذلك الحوار الطويل الماتع في بيته في الرياض الذي رتب له في سهرة طويلة وممتعة الصديق الشاعر عبد الله الصيخان وكان قد حضر ذلك اللقاء الشاعر العراقي الكبير عبد الوهاب البياتي والشاعر اللبناني شربل داغر مع زملاء وشعراء آخرين. كلما أستمع إلى الأغاني التي شدا بها الفنانان الإستاذان طلال مداح ومحمد عبده وبعض الفنانين الآخرين من " الرسايل إلى صوتك يناديني وليلة تمرين وقصت ضفايرها والى من يهمها امري وتخيل " يستوقفني ذلك النص المذهل وهو نص أعده وأعتبره مثالا لما بلغ بدر بن عبد المحسن من إبداع وابتكار ولغة أنيقة مرتبطة بالأرض والمرأة انه النص البديع الذي يغنيه الفنان الكبير محمد عبده أيضا :
في الليالي الوضح
في العتيم الصبح
لاح لي وجه الرياض
في مرايا السحب
كفها فلة جديلة من حروف
وقصة الحنا طويلة في الكفوف
من نده عطر الرفوف
لين صحاه
في ثيابك ألف ليلة
وفي الهبوب
انثنينا يا هبوب النعاس والحلم
ألف غصن من اليباس
فز لاجلك.. وانثنى
اكسري الأوهام كاس
وان عشقتيني أنا
ما أبي من الناس ناس
ما علينا لو طربنا
آه ما رق الرياض
تالي الليل
أنا لو أبي . . .
خذ تها بيدها ومشينا
في هذا النص تتحول المدينة إلى انثى
والأنثى الى مدينة.. يتداخل عالم المرأة مع عالم المدينة ، وفيه تجد نفسك أمام مفردات وابجديات الصحراء بكل ابعادها وتجلياتها بليلها الطويل وقمرها الحزين ونجومها السهرانة والنخيل والرمال والعرار والخزامى وزهور النفل . وهنا يقول بدر:
اقبلي مثل ديم
مثل نار في هشيم
وين أحب الليلة وين
وين أحب وين أهيم
ارفعي طرقة الشيلة
عن سديم
وكوكب وهاج
اقطعيني بنصل طرف سادر
وحجاج
شققيني يالرياح العارضية
لين أغني
والهوى ما هو خطيه .
آه ما أرق الرياض تالي الليل
أنا لو أبي خذتها بيدها ومشينا
هذا هو المثال لما ينبغي ان تكون عليه الشعرية الغنائية في حداثتها وأناقتها وترفها في اللغة وهذا هو بدر بن عبد المحسن المبدع الذي اعطى للأغنية السعودية نكهة جديدة لن يتجاوزه احد فيها على الإطلاق ، وهو الشاعر الذي أضاف للأغنية السعودية وأضاء لمدار وفضاء الكتابة وكان هو بدرها ، بامتياز.
a_faqehi@hotmail.com
جاء بدر بن عبد المحسن فكان بدرا في فضاء كتابة الاغنية السعودية ، ولا زلت أتذكر وأنا في مدينتي الحبيبة والحالمة جيزان أول أغنية تزلزلني كلماتها وتجعلني أصرخ:
هذا هو الأبداع.
كانت تلك الكلمات هي كلمات أغنية "عطني المحبة"
التي يقول مطلعها:
عطني في ليل اليأس شمعة
وبسمة نهار
عطني في ضياع العمر دمعة
وسكة ودار
إنني أمام لغة جديدة غير معهودة وغير مطروقة البتة ومن هنا كان رأيي دائما ان شعر بدر بن عبد المحسن هو داخل في مشروع الحداثة الشعرية السعودية وهو احد رموز هذه الحداثة في المملكة بل ان شعر بدر بن عبد المحسن متجاوز في كثير منه لشعراء يكتبون او يزعمون انهم يكتبون شعرا حديثا فيما هم يكتبون بلغة تقليدية ، ذلك أن الإبداع هو تجاوز وكسر للمؤلوف في كل شيء.
لقد كتبت عن شعر بدر بن عبد المحسن عندما صدر ديوانه " ما ينقش العصفور في تمرة العذق " وكان عنوان قراءتي للديوان تحت عنوان " ما ينقشه بدر في تمرة العذق " وقد هاتفني بعد هذه القراءة مثمنا ومعجبا بما كتبته ولا أنسى بعد ذلك الحوار الطويل الماتع في بيته في الرياض الذي رتب له في سهرة طويلة وممتعة الصديق الشاعر عبد الله الصيخان وكان قد حضر ذلك اللقاء الشاعر العراقي الكبير عبد الوهاب البياتي والشاعر اللبناني شربل داغر مع زملاء وشعراء آخرين. كلما أستمع إلى الأغاني التي شدا بها الفنانان الإستاذان طلال مداح ومحمد عبده وبعض الفنانين الآخرين من " الرسايل إلى صوتك يناديني وليلة تمرين وقصت ضفايرها والى من يهمها امري وتخيل " يستوقفني ذلك النص المذهل وهو نص أعده وأعتبره مثالا لما بلغ بدر بن عبد المحسن من إبداع وابتكار ولغة أنيقة مرتبطة بالأرض والمرأة انه النص البديع الذي يغنيه الفنان الكبير محمد عبده أيضا :
في الليالي الوضح
في العتيم الصبح
لاح لي وجه الرياض
في مرايا السحب
كفها فلة جديلة من حروف
وقصة الحنا طويلة في الكفوف
من نده عطر الرفوف
لين صحاه
في ثيابك ألف ليلة
وفي الهبوب
انثنينا يا هبوب النعاس والحلم
ألف غصن من اليباس
فز لاجلك.. وانثنى
اكسري الأوهام كاس
وان عشقتيني أنا
ما أبي من الناس ناس
ما علينا لو طربنا
آه ما رق الرياض
تالي الليل
أنا لو أبي . . .
خذ تها بيدها ومشينا
في هذا النص تتحول المدينة إلى انثى
والأنثى الى مدينة.. يتداخل عالم المرأة مع عالم المدينة ، وفيه تجد نفسك أمام مفردات وابجديات الصحراء بكل ابعادها وتجلياتها بليلها الطويل وقمرها الحزين ونجومها السهرانة والنخيل والرمال والعرار والخزامى وزهور النفل . وهنا يقول بدر:
اقبلي مثل ديم
مثل نار في هشيم
وين أحب الليلة وين
وين أحب وين أهيم
ارفعي طرقة الشيلة
عن سديم
وكوكب وهاج
اقطعيني بنصل طرف سادر
وحجاج
شققيني يالرياح العارضية
لين أغني
والهوى ما هو خطيه .
آه ما أرق الرياض تالي الليل
أنا لو أبي خذتها بيدها ومشينا
هذا هو المثال لما ينبغي ان تكون عليه الشعرية الغنائية في حداثتها وأناقتها وترفها في اللغة وهذا هو بدر بن عبد المحسن المبدع الذي اعطى للأغنية السعودية نكهة جديدة لن يتجاوزه احد فيها على الإطلاق ، وهو الشاعر الذي أضاف للأغنية السعودية وأضاء لمدار وفضاء الكتابة وكان هو بدرها ، بامتياز.
a_faqehi@hotmail.com