في ظل أوضاع إقليمية متفجرة ، وعملة خليجية موحدة يجري الاستعداد لها ، وعلاقات اقتصادية ثنائية لا تعكس متانة ورسوخ العلاقات بين البلدين ، تأتي أول زيارة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لسلطنة عمان منذ عام 1422 هـ حينما شارك- حفظه الله- في القمة الخليجية الثانية والعشرين بمسقط ، وتلك أيضاً أبرز التحديات المعروضة على أجندة القمة بين الزعيمين الملك عبدالله والسلطان قابوس.ومن هذا المنطلق تحديداً تكتسب الزيارة أهميتها وبعدها التاريخي باعتبارها سوف تؤرخ لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين ، فزيارات الملك عبدالله دائماً ما يصاحبها نقلة نوعية في العلاقات الثنائية وانطلاقة جديدة للتعاون بين المملكة والبلد المضيف وتتمخض عنها العديد من اتفاقيات وبروتوكولات للتعاون في مختلف المجالات ، وزيارة خادم الحرمين الشريفين لسلطنة عمان لن تخرج عن هذا الإطار كونها سوف تحرك العلاقات بين البلدين ، فلابد من الاعتراف أن حجم العلاقات الثنائية بينهما ما زال دون المستوى المطلوب وحتى الآن لا يوجد أية لجان مشتركة ، وهذا بطبيعة الحال لا يعكس أبداً العلاقات المتينة والتاريخية التي تربط بين قيادة وشعبي البلدين من جانب ، وحجم وقوة وثقل الدولتين من جانب آخر ، وهذا ليس معناه أن هناك جموداً أو برودة في العلاقات بين البلدين ، وإنما تتجسد كافة أطر هذه العلاقات من خلال المنظومة الخليجية بشكل عام وهيئات ولجان مجلس التعاون الخليجي واتفاقياته التي طالت كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية وغيرها ... لكن هذا في عرف علاقات الجوار والعلاقات بين الدول الشقيقة ليس كافياً فالعلاقات الثنائية القوية هي أيضا تدفع أطر التعاون الجماعي وتعزز مسيرته ، ومجلس التعاون الخليجي سوف تتعزز مسيرته أكثر بالعلاقات الثنائية القوية بين دوله .
توقيت القمة وظروف انعقادها
كما تكتسب الزيارة أهميتها أيضاً بالنظر إلى المخاطر التي تحدق بالمنطقة على أكثر من صعيد ، وتهددها بالدخول في مرحلة من عدم الاستقرار لم تشهد لها مثيلاً من قبل، فأنهار الدم العراقية لا تتوقف ، ومواقف الفرقاء العراقيين المنبثقة من خلفيات عرقية واثنية وطائفية متباعدة كل البعد عن بعضها البعض لدرجة فشلت معها كافة مؤتمرات المصالحة في عدد من الدول العربية، والقوات الأمريكية ومعها القوات العراقية عاجزة عن إيقاف دوامة العنف في بغداد وما حولها من المدن العراقية حتى أوشكت أن تكون حرباً أهلية شاملة ، وليست الأوضاع في لبنان بأقل خطورة ، والوضع يكرر نفسه في الأراضي المحتلة مع تناحر الفصائل الفلسطينية ، ويضاف إلى ما سبق الأزمة الغربية الإيرانية على خلفية سعي إيران الدخول للنادي النووي ، وهو الأمر الذي يهدد أمن المنطقة ويدخلها في دائرة السباق النووي ، ولا شك أن كافة هذه الأوضاع المشتعلة تستلزم التنسيق الخليجي وتوحيد المواقف تجاه التحديات التي تمر بها المنطقة كعنصر أساسي لتوحيد التحرك العربي تجاه هذه الأوضاع المتأزمة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة ، فالطرف العربي لا ينبغي أن يكون بعيداً عن كل هذه الأزمات كونها تهدد الأمن القومي العربي بصفة عامة .
وغني عن الذكر أن كافة هذه الملفات تمثل الشغل الشاغل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والسلطان قابوس ، نظراً لثقل الدولتين ومكانتهما إقليميا وعربياً، ولما عرف عن قيادتي البلدين من الانشغال بالهم العربي المشترك والسعي الدائم لبلورة مواقف خليجية وعربية موحدة .
وعلى الصعيد الخليجي تكتسب الزيارة أهميتها من كون الزعيمين هما من الحريصين على تسريع وتيرة العمل الخليجي واستكمال مالم يتم تنفيذه من اتفاقات ، كما أن المملكة هي رئيسة القمة الخليجية الحالية ، وعمان سوف تستضيف القمة الخليجية المقبلة وثقلهما في المنطقة كفيل بدفع المسيرة الخليجية نحو تسريع خطوات التكامل لذا فقد تلقت الأوساط السياسية والاقتصادية في كافة دول الخليج نبأ الزيارة الميمونة بالارتياح خاصة وأن مجلس التعاون الخليجي يقف الآن أمام مفترق طرق ويتوجب عليه خلال السنوات الثلاث القادمة أن يتخذ قرارات مصيرية وهامة استعداداً لإقرار العملة الخليجية الموحدة في عام 2010.
كما أن دول المجلس على موعد مع استحقاق آخر وهو إطلاق الاتحاد الجمركي الخليجي بنهاية العام 2007 ، وهذا يقتضي تسريع الجهود من أجل تفعيل هذا الاتحاد وإطلاقه في موعده المحدد والقضاء على الكثير من العقبات التي مازالت تعرقل مسيرته ،و تسببت من قبل في تأجيله عامين بعد أن كان موعده المحدد نهاية عام 2005.
علاقات وطيدة
وعلى صعيد العلاقات الثنائية تكتسب الزيارة أهميتها من كونها سوف تحرك العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مسقط والرياض ، بالرغم من أواصر الصداقة والأخوة القوية بين البلدين ، فالعلاقات السعودية العمانية يصدق عليها القول أنها علاقة لا تشهد مداً وجزراً مهما كانت الظروف والأحداث ولا يعكر صفوها اختلافاً في وجهات النظر ، وهذه القاعدة لم تتغير منذ بدأت هذه العلاقات عام 1971 في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز حينما قام السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان بأول زيارة للمملكة لتوطيد العلاقات بين البلدين وقد صدر بيان مشترك عقب الزيارة يتضمن اعتراف المملكة السعودية بسلطنة عمان ، وأعرب الزعيمان عن نيتهما للتعاون الخالص البناء لصالح شعبيها وجميع الدول العربية في المنطقة وبما يحقق الأمن والاستقرار لها واتفق الطرفان على حل جميع المشاكل بروح المحبة والإخاء ، وكان المقصود بذلك ترسيم الحدود بين البلدين ، وقد كان ذلك إيذانا بحل المشكلة الحدودية بعيدا عن الانفعال والشحن ، وبالفعل فقد اتسمت الجهود الدبلوماسية التي بذلت من الطرفين في أعقاب ذلك بالموضوعية والرغبة الصادقة في التوصل إلى حل يقوم على مبدأ التنازل المتبادل طالما أن ذلك يحقق المصلحة المشتركة.
حل المشكلة الحدودية
ومن منطلق السياسة الحكيمة، والنهج الدبلوماسي الواعي الذي تتعامل به الدولتان، مع الأحداث والقضايا ذات الصلة بعلاقاتها مع جيرانها من الدول الخليجية والعربية والصديقة، والمتسمة بالحنكة وبعد النظر، فقد توصلتا لتحديد وترسيم حدودهما ومن ثم تحويل هذه الحدود إلى معابر خير وجسور مودة وصداقة وبذلك قدما نموذجا يحتذى به في هذا المجال للتعامل مع الجيران والأشقاء في التوصل إلى حل لقضايا الحدود ، وقد أسفر ذلك عن التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود ، بعد عدد من الزيارات المتبادلة بين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ( رحمه الله)والسلطان قابوس بن سعيد الذي قام بزيارتين متتابعتين للمملكة في 8 ديسمبر عام 1988 وفي 8 أغسطس عام 1989 حيث تم الاتفاق على الإسراع بحل المشكلة الحدودية بين البلدين ، ودعا على أثر ذلك السلطان قابوس خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله لزيارة عمان ، وهو ما تم بالفعل في 23 ديسمبر 1989حيث اتفق البلدان على ترسيم الحدود فيما بينهما ، وقد أكد البيان الصادر عقب الزيارة عزم القيادتين على مواصلة تعزيز التعاون وتنمية المصالح المشتركة، وبعد أشهر قليلة وقع الزعيمان في 22مارس 1990 بحفر الباطن على اتفاقية الحدود الدولية بين البلدين والملحقين التابعين لها ، وفي 21 مايو عام 1991 قام السلطان قابوس بزيارة المملكة حيث تم تبادل وثيقتي التصديق على الاتفاقية ، وتم التوقيع على تبادل الخرائط النهائية عام 1995 بعد أن تمت عملية الترسيم على أربعة مراحل ، أنهت خلالها شركة ألمانية جميع أعمال تخطيط الحدود على الأرض، والتي يربو طولها على 650 ميلا، ووضع العلامات الحدودية بأحدث الطرق الفنية المتوافرة” ثم اودعت في نفس العام بمقر جامعة الدول العربية .
الزيارات المتبادلة
كان حل المشكلة الحدودية بين البلدين إيذانا برفع مستوى التعاون والتنسيق والتشاور بين البلدين وتبادل الزيارات على مستوى المسئولين ، وتنسيق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية وقام جلالة السلطان قابوس بزيارة المملكة أكثر من مرة بعد هذه التطورات الإيجابية على صعيد العلاقة بين البلدين وحل المشكلة الحدودية ، كان أولها في يونيو عام 1992 وبعد انتهاء حرب تحرير الكويت التي شهدت تنسيقاً سعودياً عمانياً ووجهات نظر متفقة على أخطر تهديد واجه المنطقة ، وكذلك قام جلالته بزيارة أخرى للمملكة في يونيو 1996 بهدف التشاور مع المملكة لتنقية الأجواء العربية وترتيب البيت العربي من الداخل وهو الأمر الذي يشكل هاجساً دائما للبلدين ، ثم كانت زيارته الثالثة في سبتمبر 1999 بهدف دفع مسيرة التعاون الخليجي والإسراع بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة ، وتواصلت الزيارات حيث قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حينما كان ولياً للعهد بزيارة للسلطنة أجرى خلالها مباحثات مهمة مع السلطان قابوس على هامش القمة التشاورية ، وخرجا برؤية متوافقة حول قضايا الساعة ، وخلال زيارته الأخيرة للرياض في يونيو 2006 والتي استمرت عدة أيام ناقش السلطان قابوس مع ـ ولي العهد آنذاك ـ الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، جملة من قضايا الهم الخليجي المشترك ، وتبنى السلطان قابوس مقترح خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب وهي الزيارة التي جاءت بعد أيام قليلة من توقيع اتفاقية تنقل المواطنين بين البلدين بالبطاقة الشخصية دون الحاجة لاستخدام جواز السفر ، ولم تنقطع منذ ذلك الوقت الاتصالات بين البلدين وحرص السلطان قابوس على ترؤس وفد بلاده في القمم الخليجية التي عقدت بالمملكة ، وقد تكللت العلاقات الثنائية بين البلدين بتوقيع اتفاقية إنشاء منفذ حدودي بين البلدين في الاتفاقية التي وقعها وزيرى داخلية البلدين في ديسمبر الجاري بالرياض ، واطلق على المنفذ الحدودي في المملكة منفذ الربع الخالي وفي عمان منفذ رملة خيلة وسيكون جاهزاً للعمل في غضون العامين المقبلين .
المبادلات التجارية محدودة
لاشك أن العلاقات القوية التي ربطت بين الدولتين ولم تجد أبداً ما يعكرها لأكثر من ثلاثين عاماً رغم الخلاف الحدودي ، لا يكفيها أن تتم من خلال مبادلات تجارية صغيرة ومشروعات مشتركة محدودة ، حيث يبلغ إجمالي الاستثمارات السعودية العمانية المشتركة 7 مشاريع فقط رأسمالها 1403.95 مليون ريال ، منها 5 مشروعات صناعية برأسمال 1363.70 مليون ريال نسبة الجانب العماني فيها 15.5% ومشروعين تجاريين برأسمال 40.25 مليون ريال نسبة الشريك العماني فيها 4.3% .
أما التبادل التجاري بين البلدين فقد شهد تطوراً ملحوظاً لكنه لا يزال دون الطموحات ولا يعكس القوة الاقتصادية للبلدين والعلاقات المتينة بينهما والقرب الجغرافي ، حيث بلغ حجم التبادل في العام 2000 م ( 807 ) مليون ريال ، ووصل في العام 2005 إلى 2373 مليون ريال بزيادة 150% تقريبا ، ويعكس هذا نمو العلاقات الاقتصادية بين البلدين بشكل عام ، وقد تركزت أهم الصادرات السعودية لعمان في الورق والعصائر والأسلاك الكهربائية والبروبلين ، فيما تركزت أهم وارداتها على الأسماك وقضبان الحديد والزيوت وأحجار البلاط ، ويتوقع في ضوء إنشاء منفذ حدودي بين البلدين تضاعف حجم التبادل التجاري وتسهيل حركة النقل وانتقال البضائع فيما بينهما من خلال ربط شبكة الطرق بين البلدين . خاصة مع ما اتخذته دول المجلس من خطوات نحو إقامة الاتحاد الجمركي . صحيح أن العلاقات الثنائية بين عمان والمملكة قائمة على الاحترام والود والمحبة لكنها لا تعكس المفروض أن يجب أن يكون بين الدولتين من اتفاقات ثنائية وتبادل تجاري واستثمارات مشتركة ، وتعاون اقتصادي وتجاري وتكنولوجي وبيئي يجب أن يكون بين اثنتين من أهم دول المنطقة ، ولا شك أن تعزيز العلاقات بين الدولتين هو تعزيز للعلاقات الخليجية الخليجية ودفع لمسيرة مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة.
توقيت القمة وظروف انعقادها
كما تكتسب الزيارة أهميتها أيضاً بالنظر إلى المخاطر التي تحدق بالمنطقة على أكثر من صعيد ، وتهددها بالدخول في مرحلة من عدم الاستقرار لم تشهد لها مثيلاً من قبل، فأنهار الدم العراقية لا تتوقف ، ومواقف الفرقاء العراقيين المنبثقة من خلفيات عرقية واثنية وطائفية متباعدة كل البعد عن بعضها البعض لدرجة فشلت معها كافة مؤتمرات المصالحة في عدد من الدول العربية، والقوات الأمريكية ومعها القوات العراقية عاجزة عن إيقاف دوامة العنف في بغداد وما حولها من المدن العراقية حتى أوشكت أن تكون حرباً أهلية شاملة ، وليست الأوضاع في لبنان بأقل خطورة ، والوضع يكرر نفسه في الأراضي المحتلة مع تناحر الفصائل الفلسطينية ، ويضاف إلى ما سبق الأزمة الغربية الإيرانية على خلفية سعي إيران الدخول للنادي النووي ، وهو الأمر الذي يهدد أمن المنطقة ويدخلها في دائرة السباق النووي ، ولا شك أن كافة هذه الأوضاع المشتعلة تستلزم التنسيق الخليجي وتوحيد المواقف تجاه التحديات التي تمر بها المنطقة كعنصر أساسي لتوحيد التحرك العربي تجاه هذه الأوضاع المتأزمة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة ، فالطرف العربي لا ينبغي أن يكون بعيداً عن كل هذه الأزمات كونها تهدد الأمن القومي العربي بصفة عامة .
وغني عن الذكر أن كافة هذه الملفات تمثل الشغل الشاغل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والسلطان قابوس ، نظراً لثقل الدولتين ومكانتهما إقليميا وعربياً، ولما عرف عن قيادتي البلدين من الانشغال بالهم العربي المشترك والسعي الدائم لبلورة مواقف خليجية وعربية موحدة .
وعلى الصعيد الخليجي تكتسب الزيارة أهميتها من كون الزعيمين هما من الحريصين على تسريع وتيرة العمل الخليجي واستكمال مالم يتم تنفيذه من اتفاقات ، كما أن المملكة هي رئيسة القمة الخليجية الحالية ، وعمان سوف تستضيف القمة الخليجية المقبلة وثقلهما في المنطقة كفيل بدفع المسيرة الخليجية نحو تسريع خطوات التكامل لذا فقد تلقت الأوساط السياسية والاقتصادية في كافة دول الخليج نبأ الزيارة الميمونة بالارتياح خاصة وأن مجلس التعاون الخليجي يقف الآن أمام مفترق طرق ويتوجب عليه خلال السنوات الثلاث القادمة أن يتخذ قرارات مصيرية وهامة استعداداً لإقرار العملة الخليجية الموحدة في عام 2010.
كما أن دول المجلس على موعد مع استحقاق آخر وهو إطلاق الاتحاد الجمركي الخليجي بنهاية العام 2007 ، وهذا يقتضي تسريع الجهود من أجل تفعيل هذا الاتحاد وإطلاقه في موعده المحدد والقضاء على الكثير من العقبات التي مازالت تعرقل مسيرته ،و تسببت من قبل في تأجيله عامين بعد أن كان موعده المحدد نهاية عام 2005.
علاقات وطيدة
وعلى صعيد العلاقات الثنائية تكتسب الزيارة أهميتها من كونها سوف تحرك العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مسقط والرياض ، بالرغم من أواصر الصداقة والأخوة القوية بين البلدين ، فالعلاقات السعودية العمانية يصدق عليها القول أنها علاقة لا تشهد مداً وجزراً مهما كانت الظروف والأحداث ولا يعكر صفوها اختلافاً في وجهات النظر ، وهذه القاعدة لم تتغير منذ بدأت هذه العلاقات عام 1971 في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز حينما قام السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان بأول زيارة للمملكة لتوطيد العلاقات بين البلدين وقد صدر بيان مشترك عقب الزيارة يتضمن اعتراف المملكة السعودية بسلطنة عمان ، وأعرب الزعيمان عن نيتهما للتعاون الخالص البناء لصالح شعبيها وجميع الدول العربية في المنطقة وبما يحقق الأمن والاستقرار لها واتفق الطرفان على حل جميع المشاكل بروح المحبة والإخاء ، وكان المقصود بذلك ترسيم الحدود بين البلدين ، وقد كان ذلك إيذانا بحل المشكلة الحدودية بعيدا عن الانفعال والشحن ، وبالفعل فقد اتسمت الجهود الدبلوماسية التي بذلت من الطرفين في أعقاب ذلك بالموضوعية والرغبة الصادقة في التوصل إلى حل يقوم على مبدأ التنازل المتبادل طالما أن ذلك يحقق المصلحة المشتركة.
حل المشكلة الحدودية
ومن منطلق السياسة الحكيمة، والنهج الدبلوماسي الواعي الذي تتعامل به الدولتان، مع الأحداث والقضايا ذات الصلة بعلاقاتها مع جيرانها من الدول الخليجية والعربية والصديقة، والمتسمة بالحنكة وبعد النظر، فقد توصلتا لتحديد وترسيم حدودهما ومن ثم تحويل هذه الحدود إلى معابر خير وجسور مودة وصداقة وبذلك قدما نموذجا يحتذى به في هذا المجال للتعامل مع الجيران والأشقاء في التوصل إلى حل لقضايا الحدود ، وقد أسفر ذلك عن التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود ، بعد عدد من الزيارات المتبادلة بين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ( رحمه الله)والسلطان قابوس بن سعيد الذي قام بزيارتين متتابعتين للمملكة في 8 ديسمبر عام 1988 وفي 8 أغسطس عام 1989 حيث تم الاتفاق على الإسراع بحل المشكلة الحدودية بين البلدين ، ودعا على أثر ذلك السلطان قابوس خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله لزيارة عمان ، وهو ما تم بالفعل في 23 ديسمبر 1989حيث اتفق البلدان على ترسيم الحدود فيما بينهما ، وقد أكد البيان الصادر عقب الزيارة عزم القيادتين على مواصلة تعزيز التعاون وتنمية المصالح المشتركة، وبعد أشهر قليلة وقع الزعيمان في 22مارس 1990 بحفر الباطن على اتفاقية الحدود الدولية بين البلدين والملحقين التابعين لها ، وفي 21 مايو عام 1991 قام السلطان قابوس بزيارة المملكة حيث تم تبادل وثيقتي التصديق على الاتفاقية ، وتم التوقيع على تبادل الخرائط النهائية عام 1995 بعد أن تمت عملية الترسيم على أربعة مراحل ، أنهت خلالها شركة ألمانية جميع أعمال تخطيط الحدود على الأرض، والتي يربو طولها على 650 ميلا، ووضع العلامات الحدودية بأحدث الطرق الفنية المتوافرة” ثم اودعت في نفس العام بمقر جامعة الدول العربية .
الزيارات المتبادلة
كان حل المشكلة الحدودية بين البلدين إيذانا برفع مستوى التعاون والتنسيق والتشاور بين البلدين وتبادل الزيارات على مستوى المسئولين ، وتنسيق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية وقام جلالة السلطان قابوس بزيارة المملكة أكثر من مرة بعد هذه التطورات الإيجابية على صعيد العلاقة بين البلدين وحل المشكلة الحدودية ، كان أولها في يونيو عام 1992 وبعد انتهاء حرب تحرير الكويت التي شهدت تنسيقاً سعودياً عمانياً ووجهات نظر متفقة على أخطر تهديد واجه المنطقة ، وكذلك قام جلالته بزيارة أخرى للمملكة في يونيو 1996 بهدف التشاور مع المملكة لتنقية الأجواء العربية وترتيب البيت العربي من الداخل وهو الأمر الذي يشكل هاجساً دائما للبلدين ، ثم كانت زيارته الثالثة في سبتمبر 1999 بهدف دفع مسيرة التعاون الخليجي والإسراع بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة ، وتواصلت الزيارات حيث قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حينما كان ولياً للعهد بزيارة للسلطنة أجرى خلالها مباحثات مهمة مع السلطان قابوس على هامش القمة التشاورية ، وخرجا برؤية متوافقة حول قضايا الساعة ، وخلال زيارته الأخيرة للرياض في يونيو 2006 والتي استمرت عدة أيام ناقش السلطان قابوس مع ـ ولي العهد آنذاك ـ الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، جملة من قضايا الهم الخليجي المشترك ، وتبنى السلطان قابوس مقترح خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب وهي الزيارة التي جاءت بعد أيام قليلة من توقيع اتفاقية تنقل المواطنين بين البلدين بالبطاقة الشخصية دون الحاجة لاستخدام جواز السفر ، ولم تنقطع منذ ذلك الوقت الاتصالات بين البلدين وحرص السلطان قابوس على ترؤس وفد بلاده في القمم الخليجية التي عقدت بالمملكة ، وقد تكللت العلاقات الثنائية بين البلدين بتوقيع اتفاقية إنشاء منفذ حدودي بين البلدين في الاتفاقية التي وقعها وزيرى داخلية البلدين في ديسمبر الجاري بالرياض ، واطلق على المنفذ الحدودي في المملكة منفذ الربع الخالي وفي عمان منفذ رملة خيلة وسيكون جاهزاً للعمل في غضون العامين المقبلين .
المبادلات التجارية محدودة
لاشك أن العلاقات القوية التي ربطت بين الدولتين ولم تجد أبداً ما يعكرها لأكثر من ثلاثين عاماً رغم الخلاف الحدودي ، لا يكفيها أن تتم من خلال مبادلات تجارية صغيرة ومشروعات مشتركة محدودة ، حيث يبلغ إجمالي الاستثمارات السعودية العمانية المشتركة 7 مشاريع فقط رأسمالها 1403.95 مليون ريال ، منها 5 مشروعات صناعية برأسمال 1363.70 مليون ريال نسبة الجانب العماني فيها 15.5% ومشروعين تجاريين برأسمال 40.25 مليون ريال نسبة الشريك العماني فيها 4.3% .
أما التبادل التجاري بين البلدين فقد شهد تطوراً ملحوظاً لكنه لا يزال دون الطموحات ولا يعكس القوة الاقتصادية للبلدين والعلاقات المتينة بينهما والقرب الجغرافي ، حيث بلغ حجم التبادل في العام 2000 م ( 807 ) مليون ريال ، ووصل في العام 2005 إلى 2373 مليون ريال بزيادة 150% تقريبا ، ويعكس هذا نمو العلاقات الاقتصادية بين البلدين بشكل عام ، وقد تركزت أهم الصادرات السعودية لعمان في الورق والعصائر والأسلاك الكهربائية والبروبلين ، فيما تركزت أهم وارداتها على الأسماك وقضبان الحديد والزيوت وأحجار البلاط ، ويتوقع في ضوء إنشاء منفذ حدودي بين البلدين تضاعف حجم التبادل التجاري وتسهيل حركة النقل وانتقال البضائع فيما بينهما من خلال ربط شبكة الطرق بين البلدين . خاصة مع ما اتخذته دول المجلس من خطوات نحو إقامة الاتحاد الجمركي . صحيح أن العلاقات الثنائية بين عمان والمملكة قائمة على الاحترام والود والمحبة لكنها لا تعكس المفروض أن يجب أن يكون بين الدولتين من اتفاقات ثنائية وتبادل تجاري واستثمارات مشتركة ، وتعاون اقتصادي وتجاري وتكنولوجي وبيئي يجب أن يكون بين اثنتين من أهم دول المنطقة ، ولا شك أن تعزيز العلاقات بين الدولتين هو تعزيز للعلاقات الخليجية الخليجية ودفع لمسيرة مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة.