-A +A
عادل المالكي
عام المعلم بدأ مختلفا، مغايرا لكل أحلام من أخذهم الخيال بعيدا إلى حيث ما ترنو إليه أنفسهم.
عام المعلم انطلق قبل أشهر يحتفي بحملة الأقلام، والحناجر التي تعزف أوتارها المعلومة وتبثها في عقول الأجيال ليضعهم في مصاف الموظفين, فسواعد المجتمع غرسهم الذي يؤتي ثماره مجتمعا يباهي بمنجزاته بين الأمم والأوطان.
الموجع في عام المعلم أن الاحتفال به تحول أتراحا، براعم تدهم النار فصولهم، تحرق حقائبهم وتذيب بنهم «السبورة» حتى تصل إلى مقصف «الفسحة» لتغرقه لهيبا، حتى شاطت رائحة احتراقه، فدق ناقوس الخطر معلنا أنه بعد قليل سيختلط دخان القوت بأجساد وملابس المعلمات والطالبات.
عام المعلم احتفى بمعلمة قضت حرقا، ومنسوبة سقطت أرضا، وبراعم نهشت النار أجسادهن فحصل الحريق على درجة النجاح، ونادى اللهب كتب الطالبات وحقائبهن ولم يشبع، فأصر على الصراخ «هل من مزيد» لتقضي النار على أمل عام المعلم وتئد قطعة «التورتة» إلى أجل ربما لا يكون قريبا.
حادث على طريق في حائل يحصد روح 12 طالبة جامعية يكتنفها الأمل أن يكن معلمات، فجاء الحديد وهشم حقائبهن وعلى الثعبان الأسود يختلط الدم بألوان دفاتر التحضير، والأخرى التي تنقش العلم على «السبورة» وهناك يختلط مسك الشهادة بعبق العلم، ومن سوء الطالع أنهن اصطدمن وجها لوجه بسيارة معلم في عام المعلم وودع عامه هو أيضا.
عام المعلم يبحث عن مدارس تنمي في الأجيال روح السلامة، ومدارس تضع خططها قبل أن يكون التعليم محورها، فكل أم توقظ أطفالها وتحضر لهم كأس الحليب وقطعة «الشابورة» وحين تنتهي من هندامه تلفه بنفحة عطر وتطبع قبلة على خده الأيمن وترجئ الأخرى لحين عودته لتهمس في أذنه «في حفظ الله» ليتلقفه والده منطلقا به إلى مدرسته مادا يده إلى جيبه ليعطيه قيمة قوت يوم، جميعهم يحلمون أن يكبر ذلك الطفل ويصبح «دكتورا قد الدنيا» أو طيار أو مهندسا أو معلما يحتفي بيومه.
الأهل أحلامهم بسيطة مدرسة تعطي علما، تحقق السلامة تكون بيتهم الأول لا الثاني بحق، فالمنزل يحبس أنفاس الغاز ويغطي تمديدات الكهرباء ويصلح المكشوف، يبعد «الكبريت» و«الولاعة» عن متناول الأطفال فكيف بالمدرسة التي لا بد أن تكون البيت الأكثر أمنا ليأتي الطالب حينها يحتفي بالمعلم والمدرسة وبضحكات رفاقه والتطارد في باحة المدرسة يمارس لعبة «الطيرة» لا الهرب من الموت ورائحته التي تفوح من الفصول والردهات.


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 368 مسافة ثم الرسالة.