-A +A
عبدالله عمر خياط
للمملكة العربية السعودية مكانة مرموقة بين كافة دول العالم بمكانتها الدينية التي شرفت بالكعبة المشرفة والحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، ونظامها الإسلامي القائم على كتاب الله الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وموقعها الجغرافي الذي يتوسط الكرة الأرضية جغرافيا، واقتصادها المتين الذي وضعها بين الأوائل في منتدى مجموعة العشرين دلالة على ريادتها الاقتصادية عالميا، وأيضا سياستها الحكيمة في المواقف من القضايا الإسلامية والعربية والعالمية، إضافة إلى اهتمامها برفاهية شعبها والحرص على كل ما يحقق تطوير أوضاع كل قرية ومدينة ومنطقة فيها، ونشر العلم من خلال آلاف المدارس الابتدائية، ومئات المدارس الثانوية، وعشرات الجامعات والكليات الحكومية، والأهلية التي تحظى بدعم الدولة، والقضاء على الفقر بمشروع خادم الحرمين الشريفين لمحاربة الفقر، ومشروع «حافز» ومكافحة المرض في مستشفيات مجهزة بأحدث المعدات الطبية وأفضل الكفاءات البشرية مع توفير الدواء لجميع الحالات، وتشجيع القطاع الخاص ودعمه بالمعونات والقروض الميسرة لإقامة المستشفيات والمستوصفات والعيادات المتخصصة، وتحديث الإمكانات الخدمية فيها مع ترسيخ أسباب الأمن والأمان باستقرار الأوضاع في كل شبر من أراضيها، فتوفرت بذلك وسائل انتشار الثقافة وتوسع دائرة الإعلام بجميع أدواته من صحف وإذاعة، وقنوات تلفزيونية عامة ومتخصصة في مقدمتها قناة «القرآن» من المسجد الحرام بمكة المكرمة، وقناة «السنة» من المسجد النبوي الشريف، وكل ذلك بدعم وتشجيع ولي الأمر فينا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) الذي كرس تفكيره وجهده لترسيخ الثوابت التي قامت عليها المملكة منذ تأسيسها على يد موحد الجزيرة جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود (طيب الله ثراه) والأخذ بأفضل معطيات العصر لتحقيق المزيد من الرفاه والرفعة لهذا البلد الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا.


ولتوثيق ذلك التاريخ وما شهدته المملكة من تقدم حضاري في مرجع موسوعي لطلاب العلم، والباحثين، والمؤرخين فقد جاء الأمر السامي الكريم من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) إلى مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بإعداد (موسوعة المملكة العربية السعودية) تشريفا كبيرا للمكتبة، وإيذانا بانطلاق أحد أكبر الأعمال الموسوعية في تاريخنا السعودي الحديث.. وكما جاء في «التقديم» الذي جاء بمستهل المجلد الأول وهو بعنوان «مدخل عام» فإن «أبرز الأهداف تحديدا ووضوحا لهذه الموسوعة هو سد ثغرة كبيرة في المكتبة العربية بعامة، والسعودية بخاصة، وهي قلة المراجع الموسوعية التي تقدم المعلومة الشاملة والدقيقة عن المملكة من الجوانب المختلفة، التاريخية والجغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.. وتعرف بالنهضة التي تشمل كل أنحاء الوطن، وتوثق التطورات والمنجزات المتلاحقة التي تعيشها المملكة، لتواكب السباق المعرفي العالمي من حيث توفير المعلومة الدقيقة لطالبيها».
ومن منطلق رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود خلال توليه إمارة منطقة الرياض وحتى ما بعد توليه وزارة الدفاع لمكتبة الملك عبدالعزيز بالرياض، فقد أولى سموه مشروع (موسوعة المملكة العربية السعودية) كامل الدعم، والتشجيع لإنجاز الموسوعة بالمستوى الذي يحقق الغاية من إصدارها.
كما تابع وبكل دقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية جميع المراحل التي تلت صدور الأمر السامي بوضع وإصدار الموسوعة. هذا وقد أفضل صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن ناصر بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين بإهدائي نسخة من الموسوعة التي هي نتاج لجان متعددة من الباحثين المتخصصين في كل باب من أبواب الموسوعة وقد أسند «الاشراف العام» إلى كل من:
1ــ الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر: المشرف العام على المكتبة، والمشرف العام على الموسوعة.
2ــ الدكتور عبدالكريم بن عبدالرحمن الزيد: نائب المشرف العام على المكتبة.
3ــ الأستاذ الدكتور فهد بن سلطان السلطان المدير التنفيذي رئيس «لجنة الإشراف» المكونة من:
ــ د. ناصر بن محمد المهيزع.
ــ د. جبريل بن حسن العريشي.
ــ د. سلطان بن أحمد الثقفي.
ــ د. عبدالرحمن بن عبدالله الأحمري.
ــ د. محمد بن عائل الذيبي.
ــ الأستاذ محمد بن يحيى الفيفي.
وذلك إلى جانب «الجهاز الإداري» وجهاز «الخرائط» ومتابعة أعمالها التوضيحية، ولجنة متابعة التصوير الفوتوغرافي، وفريق التحرير والتدقيق اللغوي والنسخ.
وقد رصدت الموسوعة في عشرين مجلدا كل التفصيلات اللازمة عن كل منطقة من مناطق المملكة من خلال تسعة أبواب تتناول الخصائص الجغرافية، والتطور التاريخي، والآثار والمواقع التاريخية، والأنماط الاجتماعية والعادات والتقاليد، والحركة الثقافية، والخدمات والمرافق التنموية، والاقتصاد والثروات الطبيعية، والحياة الفطرية، والسياحة والتنزه، بالإضافة إلى دراسة المملكة بوصفها كلا متكاملا، باتساع مساحتها وترامي أطرافها، وثقلها الديني والتاريخي والحضاري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي من خلال الجوانب المذكورة نفسها، فضلا عن تسليط الضوء على مكانة المملكة وأهميتها، وتأسيس الدولة وكيانها السياسي، ونظام الحكم، والوزارات والمؤسسات الحكومية، ثم إكمال ذلك بإنجاز كشاف عام يسهل عملية البحث في الموسوعة ويكون عونا للباحث فيها.
ورغبة في إثراء المادة العلمية بالموسوعة فقد تم رفد أبوابها بمجموعات خاصة وحصرية من الصور، بلغ عددها ما يقارب (10.000) صورة، إذ خصص ما بين (500 ــ 1000) صورة في كل منطقة، وقد تم تحديد ما تحتاج إليه الأبواب منها بدقة، ثم فرزها وإعداد قوائم بالصورة المناسبة لكل باب، ثم مراجعتها ومعالجتها فنيا ومطابقتها على المادة العلمية، وقد تم اختيار نخبة من الضالعين في مجال التصوير الفوتوغرافي ممن لديهم الخبرة والمهارة الفنية للاضطلاع بهذا العمل، لضمان تميز الصور ودقتها.
كما تضمنت الموسوعة مجموعة من الأشكال التوضيحية المتنوعة، ووظيفتها توضيح المضمون وتمثيـله تمثيلا بيانيا، وقد وظفت هذه الأشكال ــ بالدرجة الأولى ــ لإيضاح الإحصاءات بأنواعها، الطبيعية والسكانية والاقتصادية والخدمية.. إلخ. بهدف جعل المعلومة أكثر وضوحا وجلاء، وقد تركزت هذه الأشكال في أبواب: الخصائص الجغرافية، والخدمات والمرافق التنموية، والاقتصاد والثروات الطبيعية.
واشتملت الموسوعة أيضا على عدد كبير من الجداول التفصيلية التي تقدم المعلومة تفصيلا بعد أن قدمت في متن البحث إجمالا، كما أنها تخدم المعلومة من جهة تصنيفها وتبويبها لتسهل على القارئ المقارنة بين الأنواع والأرقام والإحصاءات المتعددة.
مكانة المملكة
وتؤكد الموسوعة في المقدمة: أن المملكة تتبوأ مكانة مهمة في العالم الإسلامي، لوجود المقدسات الإسلامية، المسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، والمشاعر المقدسة، هذا الموقع الديني دفع المملكة إلى التركيز على مفهوم العالمية الإسلامية، والحرص على إقامة مؤسساتها.
وقد عملت المملكة منذ تأسيسها على حشد قدراتها ومواردها وتكريسها وتسخيرها لخدمة قضايا العالم الإسلامي، وتحقيق أسباب ترابطه وتضامنه، استنادا إلى حقيقة الانتماء إلى عقيدة واحدة.
نظام الحكم
وتؤكد الموسوعة أن السياسة السعودية تركز منذ انطلاق بناء الدولة على عمليات التنظيم السياسي والعدلي والاقتصادي والاجتماعي، وسن أنظمة تنظم عمل الدولة ومجالسها، وتنظم القطاع الاقتصادي، ومن ذلك إنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى، كما اهتم واضع النظام السعودي بتبسيط الإجراءات القانونية، والحرص على شفافية الأنظمة التي تحكم إجراءات الترافع والحقوق القضائية الأخرى.
وقد عمدت الدولة منذ إنشائها عام 1319هـ/1902م على يد الموحد الملك عبدالعزيز إلى اعتماد الشريعة الإسلامية (القرآن الكريم، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) دستورا لكل تشريعاتها، وفي ضوء ذلك كلف الملك عبدالعزيز هيئة تأسيسية مكونة من ثلاثة عشر عضوا لوضع منهاج للحكم في المملكة، يختص بالنظام الأساسي للحكم والإدارة في المملكة، وصدرت موافقة الملك عبدالعزيز على ذلك النظام الأساسي في 21/2/1345هـ الموافق 30/8/1926م.
نظام متطور
وقد استمر اعتماد النظام الدستوري في بعض ملامحه التنفيذية، ثم تطورت هذه السلطات تطورا كبيرا، أما السلطات الأخرى فلم يبق منها إلا سلطة مجلس الشورى التي ظلت تعمل بشكل رمزي لفترة طويلة، حتى أصدر الملك فهد بن عبدالعزيز (رحمه الله) النظام الجديد الموسوم بـ(النظام الأساسي للحكم) في السابع والعشرين من شعبان عام 1412هـ الموافق 1992م، وينقسم النظام الأساسي الجديد إلى 9 أبواب منظومة في 83 مادة.
وقد تطرق الباب الأول منه إلى المبادئ العامة للدولة، فقد نصت المادة الأولى على أن المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتحدثت مواد أخرى من الباب الأول عن علم الدولة وشعارها، وأعيادها، وتقويمها.
ونصت المادة السابعة من الباب الأول على أن الحكم في المملكة يستمد سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة، ونصت المادة الثامنة منه على أن الحكم في المملكة أسس على العدل، والشورى، والمساواة وفق الشريعة الإسلامية.
أما الباب الثاني من النظام فتحدث عن نظام الحكم، ونصت مادته الخامسة على أن نظام الحكم في المملكة نظام ملكي، ويكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح مهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد تم تعديل المادة (ج) من النظام الأساسي للحكم بموجب تعديل دستوري أقره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 26/9/1427هـ الموافق 2006م، وينص على أن «تتم الدعوة لمبايعة الملك واختيار ولي العهد، وفقا لنظام هيئة البيعة، وتسري أحكام هذا النظام على الحالات المستقبلية ولا تسري أحكامه على الملك وولي العهد الحاليين».
أما الباب الثالث فقد اهتم بمقومات المجتمع السعودي، وركز على دور الأسرة بوصفها نواة للمجتمع السعودي، وحرص الدولة على توثيق أواصرها، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، واهتمت المادتان الثانية عشرة والثالثة عشرة بتعزيز الوحدة الوطنية، وغرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء عن طريق التعليم.
وركز الباب الرابع على المبادئ الاقتصادية للدولة، وعالجت مواده مسائل منح الامتيازات والاستثمارات، وجعلت ذلك مرتبطا بالنظام، واهتم بالمواد الأخرى من هذا الباب بحقوق الملكية الخاصة، ورأس المال والعمل بوصفهما مقومين أساسيين في الكيان الاقتصادي للدولة، وحظرت المادة التاسعة عشرة مصادرة الأموال العامة إلا بحكم قضائي، ومنعت فرض الضرائب والرسوم إلا عند الحاجة وبموجب النظام، إلا أن المادة الحادية والعشرين أعطت الحكومة حق جباية الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية.
وتحدث الباب الخامس عن حقوق الدولة وواجباتها، ففرض عليها حماية عقيدة الإسلام، وتطبيق شريعته، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقوم بواجب الدعوة إلى الله، وأوجبت المادة الرابعة والعشرون منه على الحكومة إعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما، وتوفير الأمن والرعاية لقاصديهما، ونصت المادة السادسة والعشرون على ضرورة حماية الدولة لحقوق الإنسان وفق نصوص الشريعة الإسلامية، وكفلت المادة السابعة والعشرون حق المواطن وأسرته في حالات الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة، بما في ذلك دعم الحكومة لنظام الضمان الاجتماعي، وتناولت المواد الثلاثون والحادية والثلاثون والثانية والثلاثون إلزام الدولة بالتعليم العام لجميع المواطنين، وتوفير الصحة العامة، والمحافظة على البيئة، ونصت المادة الأربعون على عدم الاطلاع على وسائل الاتصال أو الاستماع إليها إلا في الحالات التي يبينها النظام، وتحدثت المادة الثانية والأربعون عن منح حق اللجوء السياسي إذا اقتضت المصلحة ذلك، كما نصت المادة الثالثة والأربعون على أن مجلس الملك ومجلس ولي العهد مفتوحان لكل مواطن، ولكل من له شكوى أو مظلمة.
أما الباب السادس فتحدث عن السلطات العامة للدولة، وقسمها إلى ثلاث سلطات، السلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، والسلطة التنظيمية، والسلطتان الأوليتان معروفتان في جميع الأنظمة والدساتير، أما السلطة التنظيمية فيقصد بها هنا السلطة التشريعية.
هيئة البيعة
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فقد أصدر (حفظه الله) «نظام هيئة البيعة» بأمر ملكي في 26/9/1427هـ الموافق 2006م، ويهتم هذا النظام بالأطر القانونية والإجرائية لولاية العهد، وكذلك للحالات التي لا يمكن فيها للملك أو لولي العهد القيام بأعبائه الدستورية لمرضه، وتتكون هيئة البيعة من:
ــ أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله.
ــ أحد أبناء كل متوفى، أو معتذر، أو عاجز من أبناء الملك عبدالعزيز، يعينه الملك، على أن يكون مشهودا له بالصلاح والكفاية.
ــ اثنين يعينهما الملك: أحدهما من أبنائه، والآخر من أبناء ولي العهد، على أن يكون مشهودا لهما بالصلاح والكفاية.
وإذا خلا محل أي من أعضاء هيئة البيعة، يعين الملك بديلا عنه.
الشورى
في السابع والعشرين من شهر شعبان عام 1412هـ الموافق 1992م صدر أمر ملكي بإنشاء مجلس الشورى يحل محل مجلس الشورى القديم الذي أسس عام 1346هـ/1928م، بناء على تكليف الملك عبدالعزيز هيئة تأسيسية عام 1345هـ/1926م، بوضع المواد والتعليمات الأساسية للحكم في المملكة، وصدر نظام مجلس الشورى الحالي بأمر ملكي.
وحسب النظام الجديد لمجلس الشورى فإن للمجلس وظائف ذات سمة إدارية، ووفقا للمادة الخامسة عشرة (ج) فإنه يوكل إلى المجلس «تفسير الأنظمة» وهي وظيفة جرت العادة في معظم دساتير الدول على تركها للهيئة التنفيذية وسلطاتها المختلفة التي تصدر اللوائح التفسيرية الخاصة بالأنظمة التي يسنها المجلس التشريعي.
وإضافة إلى النظام الأساسي لمجلس الشورى فقد أصدر الملك فهد بن عبدالعزيز (رحمه الله) بعد ذلك بعامين مرسوما ملكيا خاصا باللائحة الداخلية للمجلس، ومرسوما آخر خاصا بحقوق أعضائه وواجباتهم، وثالثا مختصا بقواعد تنظيم الشــؤون المالية والوظيفية للمجلس، ورابعا ينص على قواعد التحقيق والمحاكمة الخاصة بأعضاء مجلس الشورى وإجراءاتهما.
نظام المناطق
كانت المملكة مقسمة إلى خمس مقاطعات أو مناطق رئيسة وعدد من الإمارات، وقد صدر نظام أساسي للمقاطعات عام 1383هـ/1963م، وكان ذلك النظام ينص على التقسيمات الإدارية المحلية وتشكيل مجالس للمقاطعات، ووضع اختصاصات وأحكام متعددة لهذه المجالس، غير أن ذلك النظام لم يوضع موضع التنفيذ لأسباب متعددة، حتى صدر نظام المناطق الجديد في 27/8/1412هـ الموافق 1991م والمعدل بموجب الأمر السامي الكريم بتاريخ 30/3/1414هـ الموافق 1993م، وأصبحت المناطق الرئيسة في المملكة ثلاث عشرة منطقة، وعين على كل منطقة أمير لها يكون مسؤولا عنها أمام وزير الداخلية.
وتضم كل إمارة عددا من المحافظات والمراكز، وتنقسم المحافظات إلى فئتين: الفئة (أ) والفئة (ب)، كما تنقسم المراكز إلى فئتين: الفئة (أ) والفئة (ب)، وتم ذلك بناء على عدد من الاعتبارات السكانية والجغرافية والأمنية، وظروف البيئة، وطرق المواصلات، وعين في كل منطقة وكيل للإمارة، ونصت المادة العاشرة (المعدلة) من النظام على أن تكون المرتبة الوظيفية التي يشغلها الوكيل هي المرتبة الرابعة عشرة على الأقل، وكذلك الحال مع محافظي الفئة (أ)، أما محافظو الفئة (ب) فلا تقل مراتبهم عن المرتبة الثانية عشرة، أما المراكز من الفئة (أ) فيشغل رؤساؤها المرتبة الثامنة، ويرأس الفئة (ب) من هذه المراكز من لا تقل مرتبتهم عن الخامسة.
الأنظمة القضائية
تعد السلطة القضائية من أقدم السلطات في الدولة الحديثة. وقد صدر أول نظام للهيئة القضائية والمحاكم في المملكة عام 1372هـ/1953م، في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، وتوالت التعديلات والتحسينات، على هذا النظام حتى صدر نظام القضاء عام 1395هـ/ 1975م، إذ تم إحداث تعديلات مهمة وجوهرية على النظم الأولي، من بينها أنه نص على استقلال السلطة القضائية في المملكة استقلالا كاملا، وارتباطها إداريا وماليا بوزارة العدل التي استحدثت في ذلك الحين، كما نص النظام على وجود أربعة مستويات للمحاكم الشرعية، تتمثل في: مجلس القضاء الأعلى، ومحكمة التمييز، والمحاكم العامة، والمحاكم الجزئية.
وأعيد في عام 1428هـ/2007م تنظيم مرفق العدالة بقسميه القضاء العام وديوان المظالم، واتسم هذا النظام بطابع التخصص الذي اقتضته ضرورة الرقي بأداء المرفق العدلي، فتنوعت المحاكم وفق معيار دقيق رسم معالم مبدأ التخصص في محاكم الدرجة الأولى، فتكونت المنظومة القضائية للقضاء العام حسب نص المادة (9) من نظام القضاء من المحاكم التالية: المحكمة العليا، ومحاكم الاستئناف، ومحاكم الدرجة الأولى وهي: المحاكم العامة، والمحاكم الجزئية، ومحاكم الأحوال الشخصية، والمحاكم التجارية، والمحاكم العمالية، والمحاكم المتخصصة، ونصت المادة المشار إليها على أن تختص كل منها بالمسائل التي ترفع إليها طبقا لهذا النظام ونظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية، ويجوز للمجلس الأعلى إحداث محاكم متخصصة أخرى بعد موافقة الملك.
وقد تكامل النظام القضائي سواء في شقه الإداري (ديوان المظالم)، أو في شقه الجنائي الممثل في المحاكم الشرعية بإنشاء هيئة التحقيق والادعاء العام، إلا أنه لم يتم تنظيم سلطة الادعاء العام أمام هذه المحاكم إلا من خلال النظام الصادر في 24/10/1409هـ الموافق 1989م.
وقد صدر في 19/9/1428هـ الموافق 2007م مرسوم ملكي بهذا الشأن.
أنظمة متوالية
وقد تلت ذلك هذه الأنظمة التي صدرت ومنها:
الأنظمة الاقتصادية:
حيث سعت حكومة المملكة خلال العقدين الماضيين إلى تحفيز الاقتصاد السعودي وزيادة الإنتاجية والعائد الاقتصادي من خلال سن عدد من الأنظمة والتشريعات التي تسهم في زيادة حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية حرصا من المملكة على تنويع مصادر الدخل فيها عن طريق الاستثمار الأجنبي، ورغبة في عضوية منظمة التجارة العالمية، وحرصا على أن تكون تشريعات المملكة متوافقة مع التشريعات الاقتصادية السارية في الدول الصناعية الأخرى، ويمكن الإشارة إلى الأنظمة المرتبطة بالقطاع الاقتصادي على النحو الآتي:
أ ــ نظام المجلس الاقتصادي الأعلى:
صدر الأمر الملكي في 17/5/1420هـ الموافق 1999م بتنظيم أول مجلس اقتصادي أعلى في المملكة وتشكيله برئاسة الملك وولي العهد نائبا للرئيس. وتأكيدا لأهمية الدور القيادي للمجلس الجديد في إدارة الشؤون الاقتصادية في المملكة.
ب ــ نظام الهيئة العامة للاستثمار: في إطار الاهتمام الذي أبدته المملكة تجاه تسريع وتيرة النمو الاقتصادي فيها صدر قرار مجلس الوزراء في 5/1/1421هـ الموافق 2000م، بتنظيم جديد للهيئة العامة للاستثمار، لكي تحل محل الدار السعودية للخدمات الاستشارية، وإعطاء امتيازات جديدة للاستثمار الأجنبي في المملكة، فتتحمل الدولة نسبة 15% من الضرائب المفروضة على أرباح الشركات التي تزيد على 100 ألف ريال في السنة، والتي كانت تصل في الماضي إلى 25% على أرباح هذه الشركات الأجنبية التي تستثمر رؤوس أموالها في المملكة، بعد فترة سماح تصل إلى خمسة أعوام.
ج ــ نظام الاستثمار الأجنبي:
وصدر نظام الاستثمار الأجنبي في 5/1/1421هـ الموافق 2000م في 18 مادة رئيسة، ويهدف بصفة أساسية إلى تبسيط الإجراءات الإدارية للمستثمر الأجنبي، ويحدد سقفا أعلى لا يتجاوز ثلاثين يوما لإصدار رخصة للاستثمار من قبل الهيئة العامة للاستثمار، ويسمح النظام للمستثمرين الأجانب لأول مرة بتملك رأس المال المستثمر في المملكة كاملا، وتعطي المادة الرابعة من النظام الجديد الحق للمستثمر الأجنبي في الحصول على أكثر من ترخيص في أنشطة مختلفة، وتضمن المادة السادسة من النظام تمتع المشروع المرخص له بجميع الحوافز والمزايا والضمانات التي يتمتع بها المشروع الوطني.
د ــ نظام تملك غير السعوديين العقار واستثماره:
استكمالا لنظام الاستثمار الأجنبي صدر نظام تملك غير السعوديين للعقار واستثماره في 8/4/1421هـ الموافق 2000م وسمحت المادة الأولى لأي مستثمر غير سعودي بتملك العقار في المملكة إذا كان تابعا للنشاط الذي يمارسه بصفة مباشرة أو بوصفه سكنا للعاملين لديه.
هـ ــ نظام الهيئة العامة للسياحة والآثار:
سعت حكومة المملكة إلى إصدار نظام جديد للسياحة في 12/1/1421هـ الموافق 2000م ينص على إنشاء هيئة عليا للسياحة مرتبطة برئيس مجلس الوزراء لها شخصية اعتبارية مستقلة، وعدل اسمها بالقرار رقم 78 وتاريخ 16/3/1429هـ الموافق 2008م إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار.
وــ نظام مكافحة غسيل الأموال:
صدر نظام مكافحة غسيل الأموال لضبط وتنظيم انتقال الأموال بين بلدان العالم لمنع استغلالها في أعمال غير مشروعة مثل: تمويل أعمال إرهابية، أو لأغراض إجرامية أخرى تتعلق بغسل الأموال.
ثم صدر في 25/6/1424هـ الموافق 2003م مرسوم ملكي بالموافقة على قرار مجلس الوزراء باعتماد نظام مكافحة غسل الأموال، وتعرف المادة الأولى من النظام المصطلحات القانونية الخاصة بالأموال والمتحصلات والوسائل والمؤسسات المالية، وعمليات التصرف في الأموال من إيداع وسحب وتحويل وغيرها، كما تعرف مصطلح النشاط الإجرامي، ومصطلح الحجز التحفظي، والمصادرة، والجهات الرقابية والسلطات المختصة.