-A +A
عبدالله رشاد كاتب
عندما نتحدث عن الفوائض المالية، ونذكر الأرقام التي يمتلكها بعض الأفراد ذوي الوفرة المالية فإننا قد نرمى بأننا نبالغ في تقديرات تلك الأرقام، لكن عندما يتحدث عنها الإعلام الخارجي وخاصة الغربي ومنها بيوت الاستشارات المالية فإن الحديث عن المبالغة يصبح من باب المغالطة أو من باب درء العين والحسد من أصحاب الوفرة المالية. وتناول الوفرة المالية لا يأتي إلا في سياق البحث والدراسة عن أسباب إصرار الأثرياء للاستثمار بأدوات وأوعية استثمارية أصبحت مخاطرها غير المحسوبة أكبر من العوائد التي من الممكن الحصول عليها مثل السندات الأمريكية والأوروبية. فهذه المشتقات الاستثمارية فقدت الكثير من بريقها السابق والذي كان أحد خصائصها التي لاتهتز بأنها مشتقات وأصول منعدمة المخاطر، ولكن الأمر اختلف جذريا عندما حدثت الهزات العنيفة التي نتجت عنها الأزمة المالية التي ضربت في العمق في الاقتصاد الأمريكي والأوروبي، وأعلنت غير دولة أوروبية عن إفلاسها وعجزها عن سداد أقساط الديون، فضلا عن فوائد الديون التي أرهقت اقتصادات تلك الدول . وبشكل عام فإن اقتصار النظرة إلى تحويل الفوائض المالية إلى الاستثمار في الصكوك والسندات ربما يكون خيارا مفضلا في الأوقات الحرجة لكن هذا الخيار ليس مثاليا على الدوام، فقد تتجه الدول إلى رفع نسب الفائدة وعند ذاك ستتعرض استثمارات الكثيرين إلى مخاطر انخفاض أسعار بيع الصكوك أو الانتظار لأخذ العائد الذي سيكون أقل من الفائدة المعروضة. ولئن دل الحديث عن مستويات التفكير المحدودة للفوائض المالية الهائلة، فإنما يدل على وجود خلل واضح في بنية التفكير الشمولي والذي يبدأ بأصحاب روؤس الأموال ومرورا بأصحاب الأفكار من المشاريع المجدية والمدروسة بشكل سليم إضافة إلى أهمية إعادة النظر في إجراء الكثير من التعديلات على بعض النظم واللوائح الإدارية والإجرائية بالأجهزة الحكومية واستغلال أدوات التقنية الحديثة بما يسرع إلى التحول بشكل أكبر إلى الحكومة الإليكترونية . إن الوقت ملائم جدا لتشجيع أصحاب روؤس الأموال وتقديم التسهيلات لهم، وفتح المشاركة الحكومية من الصناديق المختلفة التي تمتلكها الدولة للاستثمار الفعال، والبدء بمشاريع صناعية في المدن الصناعية الحديثة مثل جازان وحائل وجدة، بما يستوعب البشرية التي صرفت الدولة عليها بسخاء لتعليمها وتدريبها داخليا وخارجيا ببرامج ابتعاث، تضمن وجود مخرجات مؤهلة للعمل بالمشاريع الصناعية التي تقلل مستقبلا من بقاء المملكة وتصنيفها من الدول المستهلكة. وبنظرة سنجد أننا نعاني شحا كبيرا من الاحتياجات الأساسية، فضلا عن الكماليات والتي تحقق الأرباح الوفيرة وتحافظ على تجنيب الاقتصاد الوطني من حالات الركود أو الكساد الطويل الآجل مثلما حدث في منتصف الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي . إننا جميعا مطالبون بالتفكير الفوري والجاد والبناء عن كيفية استيعاب الطلاب المبتعثين والخريجين من الجامعات الداخلية والخارجية من أجل مستقبلنا جميعا ومستقبل أجيالنا. وأرجو أن تعذروني في استفاضتي بالتحدث عن عموميات وبشكل تنظيري بحت لكني أعلم يقينا أن الفكرة معروفة ومعلومة بجميع تفاصيلها لدى المعنيين بالأمر .