أطلق البريطانى لورنس (المشهور بلورنس العرب) على جدة صفة المدينة الصامتة، نظرا للهدوء الذى كان يخيم على أحيائها السكنية. ووصف لورنس زيارته لجدة أثناء الحرب العالمية الأولى عندما وصل اليها عن طريق البحر، في كتابه الشهير «أعمدة الحكمة السبع» قائلا: «وما إن ألقينا المرسى أخيرا في طرف الميناء الخارجى لمدينة جدة، المدينة البيضاء التى ظهرت وكأنها معلقة بين السماء المتوهجة وخيالها المنعكس كالسراب المتأرجح فوق سطح البحيرة الواسعة، حتى واجهتنا حرارة بلاد العرب كسيوف مسلولة لنقف فاقدى المقدرة على النطق».
ثم يصف المنازل والأسواق وكل شيء في المدينة، موضحا أن غالبية شوارعها هى أزقة متعرجة ونظيفة ويسودها الصمت والهدوء، وأنه لا يوجد هناك زجاج في منازلها وإنما شرفات خشبية محفورة رائعة وجميلة تزين واجهات المنازل البيضاء التى يراوح ارتفاعها بين طابقين الى خمسة طوابق سكنية.
وكان قبله الرحالة الفرنسى تشارلز ديدييه قد زار جدة عام 1854م وأعجب بها، وذكر أن جدة كانت تنقسم حينذاك الى حارتين سكنيتين، حارة الشام وحارة اليمن، وأن العمل الرئيسي لمعظم سكان جدة هو التجارة، وأن المسيحيين يتمتعون في جدة بالأمان كما هو الحال في مصر وفي القسطنطينية، وقد تجول هو نفسه وحيدا في جميع أرجاء المدينة في مختلف أوقات الليل والنهار وكان يقابل دائما بالمودة والاحترام من جميع السكان.
كما وصف «حاجى خان» مراسل جريدة «إنجلش مورننج بوست» الإنجليزية جدة في عام 1905م بأنها مدينة رائعة الجمال، محاطة بسور يرتفع الى قرابة أربعة أمتار، ذي خمسة أضلاع، طول الضلع الشمالى 731 ياردة والجنوبى 769 ياردة، والشرقى 500 ياردة، والغربى 624 ياردة، وطول الضلع الجنوبى الشرقى 300 ياردة.
ثم يذكر المستشرق البريطانى عبدالله فلبى، الذى اعتنق الإسلام وأصبح في العشرينيات من القرن الميلادى أحد مستشارى الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، في كتابه الذى وضعه عام 1952 م، أنه كانت هناك في جدة، خارج حدود السور الجنوبى، مقبرة محجوزة للأوروبيين فقط، الذين كان يقدر عددهم في جدة حينذاك بخمسين ساكنا من بين اجمالى تعداد سكان جدة البالغ 30 ألف ساكن. ويوضح فلبى أن تركيبة السكان في المدينة هى تركيبة عالمية متنوعة من خليط من العائلات المسلمة ذات تاريخ طويل وعريق، جاؤوا من مختلف أنحاء العالم الاسلامى من داخل البلاد العربية وخارجها، واستقروا كسكان لهذه المدينة الأزلية.
هذه هي جدة الحنون، بلد الرخا والشدة التى ضمت بين أحضانها وضلوعها كل من لجأ اليها وعاش في حماها، وساعد في بنائها ونشأتها بالعرق والدم والفكر والعزيمة القوية، أجيال وراء أجيال وراء أجيال، حتى صارت بحق سيدة البحر الأحمر، وإن شابها في بعض الأوقات ما أساءها، وبعض من اغتنى وارتفع على أكتافها، لكنها تبقى في جميع الأحوال شامخة مثل جبالها، رقيقة مثل وديانها، جذابة ورائعة مثل شواطئها.
وكما ذكر ابنها البار الأستاذ صالح العمودى «ولما كانت روح الأسرة الواحدة هي النابضة في مجتمع العروس منتصف القرن الرابع عشر الهجرى تقريبا، فلا غرابة أن تكون لهذا التقارب الاجتماعى صوره ودلالاته، ولعل في مقاعد بيوت جدة القديمة وجلساتها ومراكزها ما يجسد جانبا من تلك الصورة بكل ما تضمنته من تواصل وحميمية وتعاضد وإنسانية..».
للحديث بقية..
ثم يصف المنازل والأسواق وكل شيء في المدينة، موضحا أن غالبية شوارعها هى أزقة متعرجة ونظيفة ويسودها الصمت والهدوء، وأنه لا يوجد هناك زجاج في منازلها وإنما شرفات خشبية محفورة رائعة وجميلة تزين واجهات المنازل البيضاء التى يراوح ارتفاعها بين طابقين الى خمسة طوابق سكنية.
وكان قبله الرحالة الفرنسى تشارلز ديدييه قد زار جدة عام 1854م وأعجب بها، وذكر أن جدة كانت تنقسم حينذاك الى حارتين سكنيتين، حارة الشام وحارة اليمن، وأن العمل الرئيسي لمعظم سكان جدة هو التجارة، وأن المسيحيين يتمتعون في جدة بالأمان كما هو الحال في مصر وفي القسطنطينية، وقد تجول هو نفسه وحيدا في جميع أرجاء المدينة في مختلف أوقات الليل والنهار وكان يقابل دائما بالمودة والاحترام من جميع السكان.
كما وصف «حاجى خان» مراسل جريدة «إنجلش مورننج بوست» الإنجليزية جدة في عام 1905م بأنها مدينة رائعة الجمال، محاطة بسور يرتفع الى قرابة أربعة أمتار، ذي خمسة أضلاع، طول الضلع الشمالى 731 ياردة والجنوبى 769 ياردة، والشرقى 500 ياردة، والغربى 624 ياردة، وطول الضلع الجنوبى الشرقى 300 ياردة.
ثم يذكر المستشرق البريطانى عبدالله فلبى، الذى اعتنق الإسلام وأصبح في العشرينيات من القرن الميلادى أحد مستشارى الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، في كتابه الذى وضعه عام 1952 م، أنه كانت هناك في جدة، خارج حدود السور الجنوبى، مقبرة محجوزة للأوروبيين فقط، الذين كان يقدر عددهم في جدة حينذاك بخمسين ساكنا من بين اجمالى تعداد سكان جدة البالغ 30 ألف ساكن. ويوضح فلبى أن تركيبة السكان في المدينة هى تركيبة عالمية متنوعة من خليط من العائلات المسلمة ذات تاريخ طويل وعريق، جاؤوا من مختلف أنحاء العالم الاسلامى من داخل البلاد العربية وخارجها، واستقروا كسكان لهذه المدينة الأزلية.
هذه هي جدة الحنون، بلد الرخا والشدة التى ضمت بين أحضانها وضلوعها كل من لجأ اليها وعاش في حماها، وساعد في بنائها ونشأتها بالعرق والدم والفكر والعزيمة القوية، أجيال وراء أجيال وراء أجيال، حتى صارت بحق سيدة البحر الأحمر، وإن شابها في بعض الأوقات ما أساءها، وبعض من اغتنى وارتفع على أكتافها، لكنها تبقى في جميع الأحوال شامخة مثل جبالها، رقيقة مثل وديانها، جذابة ورائعة مثل شواطئها.
وكما ذكر ابنها البار الأستاذ صالح العمودى «ولما كانت روح الأسرة الواحدة هي النابضة في مجتمع العروس منتصف القرن الرابع عشر الهجرى تقريبا، فلا غرابة أن تكون لهذا التقارب الاجتماعى صوره ودلالاته، ولعل في مقاعد بيوت جدة القديمة وجلساتها ومراكزها ما يجسد جانبا من تلك الصورة بكل ما تضمنته من تواصل وحميمية وتعاضد وإنسانية..».
للحديث بقية..