-A +A
جهير بنت عبدالله المساعد
يوم الثلاثاء..خرجت الصحف السعودية كلها وعلى صدر صفحتها الأولى عنوان واحد اختلفت طريقة صياغته إنما المضمون اتفق عليه الجميع ..فقد جاء عن لسان الملك رعاه الله وهو يقول للوزراء ونوابهم ووكلائهم وجميع المسؤولين.. «مكاتبكم لا تحطوا عليها حراس ولا تسكرون أمام الشعب»... توجيه صريح وموجز ويضع الإصبع على الجرح... ويمثل سياسة الدولة تجاه المواطن..
يحضرني السؤال التالي.. لماذا الملك الرؤوف بشعبه يقول مثل هذا الكلام الصريح في مناسبة احتفالية كهذه؟! لأنه الملك عبدالله المعروف بقربه وملامسته قلوب الناس ولأن شكاوى الحيارى والمظلومين وأصحاب الحقوق وصلت إليه بعد أن تعدت وتجاوزت المسؤول المباشر وأصبحت عند باب الملك (المفتوح) ولو أنها وجدت عند المسؤول المباشر آذانا صاغية وعناية واهتماما باعتبارها مسؤوليته المباشرة ماكان وصلت إلى مقام الملك بكل ما عليه من مسؤوليات جسام! مما يعني أن المليك بمقامه الرفيع لامس ما بين المواطن والمسؤول المباشر من جسور متقطعة وأبواب مغلقة وأدرك بحسه الأبوي أن أكثر ما يهم الناس في هذه الأيام إيجاد الفرص لهم للتعبير عن أنفسهم والتخفيف من معاناتهم.. فمن يحمل حملاً ثقيلا على كتفه.. غير الذي يجلس على كرسيه مستريحاً!!
ويقول أهالينا في أمثالهم الدارجة ( النار ماتحرق إلا رجل واطيها ).
لذا أقبل الملك في ليلة احتفالية يداوي جراح المجروحين من الأبواب المغلقة بعد أن عانوا الأمرين من الأساليب المنفرة والجبين المقطب والتكشيرة الصارمة.. فالوصول إلى مكاتب بعض المسؤولين يعني احتمالين إما الوصول ولا تتم المقابلة المطلوبة ويقول مدير المكتب.. اذهب ونتصل عليك ثم لا يتصلون أبدا!!! أو لا يتم الوصول أبدا يا هذه ياتلك.. إنما إنك تقابله فهذا «استثناء» يضرب به المثل!!! من هنا تلطف الملك بالتوجيه أن (لا تغلقوا أبوابكم ولا تحطوا عليها حراس) وهو ما يطلبه الجمهور! فعندما يوصد المسؤول بابه في وجه المراجعين ليس أمام الواقف بالباب غير تركه والذهاب الى الباب الأعلى منه... والناس لا يرون بعد الله غير الملك.. هذه هي العلامة الفارقة في السعودية أن السعودي يرى في مليكه مايراه الابن في أبيه.. والأخ في أخيه..والصديق في صديقه الأمين.. علاقة من طراز خاص غير محكوم بالشعارات العصرية إنما علاقة يحكمها شعور وليس شعارا !! شعور السعودي الواثق أن مليكه بالقرب منه.. يفتح بابه له.. يقبل شكواه وينظر فيه.. يفزع له في الآه ويشد أزره في المصاب ويحميه من بطش القوة إذا رأت فيه أنه مخلوق ضعيف لاحول له ولاقوة أمام المسؤول!!!
ولولا أن الملك -فديناه -لامس عناء الناس من الأبواب المغلقة ما قال كلمته تلك! إنه النظام المفقود عند بعض المسؤولين الذين لا يجدون ما يلزمهم... بمقابلة الناس ولا تدفعهم ضمائرهم لمحاسبة النفس عما فعلوه بالناس طوال الشهر.. اللهم زد ملكنا قوة وثباتا آمين.


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة