سأختلف تماما مع أولئك الذين يرون في نشر الأخبار المحلية الشاذة والمؤلمة تجاوزا حيث يعدونها من الفضائحيات أو أنه من قبل نشر السوءات وما هي بذلك، فلربما كان من المواضع الضيقة التي نتفق فيها مع رؤساء التحرير لدينا إعطاء الضوء الأخضر لنشر ما يحدث من سلوكيات منحرفة أو جرائم موجعة أو أحداث قد يكون فيها ما يصدم القارئ، ليس لأن الأمر ذلك مؤذن بشجاعة رئيس التحرير بل لأن الوعي يقول إن مجتمعنا كغيره من المجتمعات يحدث فيه ما يحدث في غيره، ونحن لا ندعي السلامة من الأخطاء والنوائب والفتن وأرضنا ليست وحدها متضررة من تعاقب الأفعال المؤذية فالصراع بين الفضيلة والرذيلة وبين الاستقامة والانحراف وبين الأمن والخوف صراع أزلي وقديم عند كل الأمم ولن يكون له مدى مسقوف.
الأجدر أن نعي كم هو حري بنا أن نثق في أننا لسنا مجتمعا ملائكيا مبرأ من كل أوضار الدنا ولا أمة مقدسة معصومة من كل آثام الحياة، فالبداهة البشرية والتلقائية الآدمية والعفوية الإنسانية والطبعية الكونية تجري في مدارات الأرض وفضاءات السماء بأنماط من الأفعال والسلوك التي تصادق على آدميتنا، لكن المطلوب منا ليس مواراة سوءاتنا أو إخفاء هفواتنا وإنما التأمل والتفكر استعدادا للدراسة والبحث والتحليل وإيجاد الحلول ولذلك نحيي شجاعة رؤساء التحرير من جهة وسنكون ــ من جهة أخرى ــ أكثر اقتناعا بهذا الوعي الحضاري فيما لو اكتمل بانتقاء خبراء يقومون بتحليل ظاهرة من ظواهر الإجرام والانحراف عقب الخبر المنشور؛ لأن القضية ليست الإشارة بالإصبع إلى المشكلة ولكن توظيف هذه الأحداث واحتواؤها ضمن دائرة الهموم الوطنية. فإن تساوت الصحف في الأسبقية أو تباينت في الصياغة فإنها تتمايز بشكل أكبر وصريح في التعاطي مع الخبر وتحليله وإعطائه حقه من التنوير والإضافة والرؤية الواعية.
الجهة المعطلة
ما تقوم به المؤسسات الإعلامية من نشر وإذاعة لأنماط السلوك الشاذ والمنحرف والمزعج أو لأحداث تهز وجدان المتلقي وتثير عواطفه سيكون عملا موتورا إن خلا من رأي المؤسسة أو تحليلها المنطقي حتى تكون ذات إسهام فعلي مؤثر وهذا يدفعنا لاستحضار أهمية مؤسسة حكومية ذات شأن عام وأثر بين، وهي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أرى أنها ستحسن صنعا إذا ما تحقق لديها هاجس البناء؛ من خلال تفعيل عمل مركز البحوث والدراسات والتحليل، لتناول المشكلات المجتمعية وسلوكيات الشباب التي تحدث بين أروقتها أو تحت متابعتها فلماذا لا نتجاوز في مفهوم المراقبة والمتابعة معنى العقاب والردع إلى معنى أعم وأكثر تحضرا وهو التقييم إلى جانب التقويم.
ضوءان في الختام:
• من شعر هلال المطيري:
بعض البشر طبعه مقدر ومحشوم
وبعض البشرعيب عليك احترامه
اللي ستر عيبه عن النــــاس بهدوم
وش يستره لا صار عيــــبه كلامه
• جملة مضيئة:
«الجمال الفني أدبا من أعظم مقومات رجال العلم لأنه يمنح لذة الإيقاع الجميل».
أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري
nrshdan@gmail.com
الأجدر أن نعي كم هو حري بنا أن نثق في أننا لسنا مجتمعا ملائكيا مبرأ من كل أوضار الدنا ولا أمة مقدسة معصومة من كل آثام الحياة، فالبداهة البشرية والتلقائية الآدمية والعفوية الإنسانية والطبعية الكونية تجري في مدارات الأرض وفضاءات السماء بأنماط من الأفعال والسلوك التي تصادق على آدميتنا، لكن المطلوب منا ليس مواراة سوءاتنا أو إخفاء هفواتنا وإنما التأمل والتفكر استعدادا للدراسة والبحث والتحليل وإيجاد الحلول ولذلك نحيي شجاعة رؤساء التحرير من جهة وسنكون ــ من جهة أخرى ــ أكثر اقتناعا بهذا الوعي الحضاري فيما لو اكتمل بانتقاء خبراء يقومون بتحليل ظاهرة من ظواهر الإجرام والانحراف عقب الخبر المنشور؛ لأن القضية ليست الإشارة بالإصبع إلى المشكلة ولكن توظيف هذه الأحداث واحتواؤها ضمن دائرة الهموم الوطنية. فإن تساوت الصحف في الأسبقية أو تباينت في الصياغة فإنها تتمايز بشكل أكبر وصريح في التعاطي مع الخبر وتحليله وإعطائه حقه من التنوير والإضافة والرؤية الواعية.
الجهة المعطلة
ما تقوم به المؤسسات الإعلامية من نشر وإذاعة لأنماط السلوك الشاذ والمنحرف والمزعج أو لأحداث تهز وجدان المتلقي وتثير عواطفه سيكون عملا موتورا إن خلا من رأي المؤسسة أو تحليلها المنطقي حتى تكون ذات إسهام فعلي مؤثر وهذا يدفعنا لاستحضار أهمية مؤسسة حكومية ذات شأن عام وأثر بين، وهي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أرى أنها ستحسن صنعا إذا ما تحقق لديها هاجس البناء؛ من خلال تفعيل عمل مركز البحوث والدراسات والتحليل، لتناول المشكلات المجتمعية وسلوكيات الشباب التي تحدث بين أروقتها أو تحت متابعتها فلماذا لا نتجاوز في مفهوم المراقبة والمتابعة معنى العقاب والردع إلى معنى أعم وأكثر تحضرا وهو التقييم إلى جانب التقويم.
ضوءان في الختام:
• من شعر هلال المطيري:
بعض البشر طبعه مقدر ومحشوم
وبعض البشرعيب عليك احترامه
اللي ستر عيبه عن النــــاس بهدوم
وش يستره لا صار عيــــبه كلامه
• جملة مضيئة:
«الجمال الفني أدبا من أعظم مقومات رجال العلم لأنه يمنح لذة الإيقاع الجميل».
أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري
nrshdan@gmail.com