-A +A
مها الشريف
يغلب على الطابع الصحافي النشرة الخبرية والإعلانية، والتركيز على الفرائد الاجتماعية التي تناولها الكثير من الكتاب، بأساليب نقد وسخرية حتى اشتهرت أسماؤهم وأصبحوا بالفطرة أعضاء تشيد الأعمدة الأساسية في الصحف، وتحولت لغة الخطاب من راعي غنم إلى راعي قلم، يلهب الأحداث ويخمدها متى أراد، يصور الوقائع ثم يقوم بإخراجها بنمط سوقي يحاكي العامة الكادحة حتى ينال جوائز المتابعة والإشادة به في المحافل القومية، يقدم التجارب المؤلمة لينال دور المرشد والطبيب والساحر في آن واحد لكي يركب دواء نادرا لا وجود له في بيت الدواء، وينشر الحنق والسخط في مغلفات مختومة ترجع إليه حالما اكتفى منها الناس، ليعمل على تعبئتها من جديد بحبر رخيص ألوانه براقة تقع العيون في غرامه منذ الوهلة الأولى، ولكن سرعان ما يبهت لونه ويخفت بريقه وتتساقط مثاليته، متى ما علم القارئ أن هذا العرض المسرحي سقيم يفتقر إلى الفاعلية وبها يعتقد ويثق المشاهد في إنسانية هؤلاء، الصناعة هنا غاية شخصية والمواضيع للاستعراض فقط ، متى ما صاغ الأشكال في صفحات يومية لا تبتعد عن العمق وتهتم بالمظهر فقط.
إن النوايا المتأرجحة بين الرذيلة والفضيلة مفهوم خال من الإشباع الغرائزي الذي يعلق على جدران المجتمعات المصالح الخاصة ويقدمها على طلبات العامة، ويمتطي جوادا أسود يسابق به كثيرا من الأفكار التي تصور المشاهد الثرية بالثقافة ورفع مستوى المحلية المتصلبة إلى ترجمة تتسامى وتؤدي ما عليها وفقا للمناخ العصري، مع رسم مسلك ناجع لكل الظروف المتعلقة التي تنتظر هذا الكاتب المتحامل على كل شيء حتى على ذاته المتنامية مع المستجدات، وكأنه ينتظرها ليقف لها بالمرصاد، وكأني به أوجد الجدوى وقلص اتساع ثقب الأزون وزاد من كثافته، يا لها من أحلام ورقية تكتظ في مخيلة الكثير وتحقق جزءا ضئيلا منها على حساب الآمال المتعامدة على أكتاف الأقلام، نحن بحاجة إلى كاتب يحاكي الفن الثقافي بكل ألوانه وأجزائه ويرفع من قيمة المفردة ويجعل منها تأهيلا مهنيا لمن أراد الخطابة واعتنق فكر الكتابة، نحن نريد كتابا قدوة يصنعون من الكلمات آلات تثير الأرض وتبذر الحروف وتتعمق جذورا ويصبح أصلها ثابت وفرعها في السماء ، قال أ.د. عبد الكريم بكار: «سيظل للكلمة أثرها الفعال في تغيير أفكار الناس وأمزجتهم ومشاعرهم وواقعهم»، تتطور الأهواء والممتلكات حسب الثقافات..!.