-A +A
حسن النجراني (المدينة المنورة)
التاجوري، المناخة، والسيح ثلاثة أحياء تفوح منها رائحة وعبق طيبة الطيبة ومجتمعها وسكانها، وعمدها وأكلاتها الشعبية، تبدأ القصة والحكاية بعد صلاة التراويح، كما كان يحدث في الزمن الجميل لكن تجمعات الأحياء عادت من جديد في مركاز يلتقي فيه كبار السن ممن عاصروا رمضان في الحارات.. يتذكرون بائع البليلة رضا في حي البحر وباعة آخرين لم تطوِهم الذاكرة.


العمدة عبد المعطي
عبدالعزيز عبدالعال يتحدث عن رمضان في حارة السيح، فقد كان للشهر مذاق رائع في النفوس فالناس متكاتفة، وبركتهم منتشرة، والنفوس متصافية، أهل الحارة يجتمعون في مكان وسط السيح بالقرب من حراج الغنم القديم، ويجلسون على كراسي من الخسف، ويتم الاجتماع من بعد صلاة التراويح إلى السحور، وكان عمدة الحارة أحمد عبدالمعطي رحمه الله، يقف مع أهالي الحي ويسهر على حاجياتهم، ويلعب الجميع المزمار، ومن الجلساء المشهورين في ذلك الزمن علي بدي، وعبدالرحيم الأسطى رحمهما الله.
البازوكة في المناخة
محمد أبو حسان المعروف بـ(البازوكة) كانت له جولات وصولات في حارة المناخة التي تعتبر أكبر حارات أهل المدينة في ذلك الوقت، ويصف تلك الليالي ويقول كانت تدور فيها المناقشات عن التقاليد والعادات والعائلات تزور بعضها، وقبل رمضان يتهيأ الناس للمناسبة من خلال تبخير البيوت بـ(المستكة)، ورش مداخل البيوت، واليوم نفتقد تلك العادات الجميلة وأصبح التراسل والتواصل عبر الرسائل والبريد الإلكتروني هي الوسيلة المتاحة للأسف.
ويشير البازوكة إلى أنه كان يسكن في حارة المناخة ويذكر عدد من المعاصرين منهم يوسف هوساوي، عيسى جميل، طلال عبدالنبي، وسرور المولد، كانوا يجلسون في الحارة بقيادة العمدة عبدالله جيار -رحمه الله- ومعه أعوان الحارة وكبارها. التجمع يبدأ بعد صلاة التراويح وتدور نقاشات متعددة، فيما يذهب الشباب لممارسة الألعاب المختلفة ولعب (الفرفيرة)، أما الآن افتقد الجميع نكهة الماضي، انقرضت الحارات مع المشاريع الجديدة التي حدثت بعد الطفرة، وأصبح سكان الحي لا يعرفون بعضهم البعض، وكل إنسان يغلق على نفسه باب بيته، حتى على مستوى العائلات والأصدقاء.
زواميل وإيقاعات
البازوكة يتحدث عن دور العمد فقد كانوا مصلحين ومسؤولين عن الحارة صغيرها وكبيرها، وقبل العيد بخمسة أيام يبادر العمدة وبعض كبار الحي بالسؤال عن اليتيم والضعيف وشراء كسوته وما يلزمه بمناسبة العيد. وعن وجبات زمان يقول البازوكة الأكل في رمضان كان له طعمه ورونقه الخاص فالمائدة تتصدرها الشوربة والسمبوسك والرقائق واللقيمات وغيرها من الأكلات. وكان هذا من شغل ست البيت، والحياة على مستوى الأسرة سهلة وميسورة وفيها البركة، أما الآن فقد دخلت أشياء من خارجية وكثرت الأمراض والمستشفيات أصبحت ممتلئة بالمرضى.
أما المزمار فقد كانت اللعبة الشعبية المفضلة على مدار السنة وأيام الأعياد والمناسبات وتقام بحضور عمدة الحارة وكبارها، ويتم اللعب لمدة ساعة من الزمن وكان الجميع يدا واحدة، وهي لعبة تؤدى في غاية الأدب والاحترام بحضور هؤلاء الكبار ولها طريقتها وقوانينها وأدبها، كل اثنين يتقابلان ويرددان الزواميل والإيقاعات.
الكبدة في زقاق الطيار
العم حسن عبدالحميد شحاته ذكر أنه كان يقطن المناخة لكن الحياة الحديثة والمعاصرة فرقت الناس، ويتذكر بعض الأكلات، ومن أشهر مقدمي الكبدة في ذلك الوقت محمد صالح العواد الذي يقدمها من بعد صلاة التراويح في مدخل زقاق الطيار وكانت لقمتها غاية في اللذة، ويجتمع عنده كبار البلد، بالإضافة إلى علي موسى الذي يقدم الكبدة في باب المصري.
ومن المأكولات الشعبية البليلة والأقر والدندرمة وتفنن فيها أهل مكة والمدينة والطائف، وتطبخها ربات البيوت، وأحيانا يقوم صغار المنزل ببيعها على أبواب منازلهم، وكان الهدف من ذلك الزام الأطفال بالوجود في محيط المنزل ومنعهم من الابتعاد ولم يكن الهدف من البيع التكسب والتربح كما يحدث حاليا.
العصفورة والطبطب
ويضيف شحاته بأن اللبس المعروف في رمضان تمثل في الفوطة والسمرقندة والشبشب الشرقي، وكان الكبير إذا نظر للصغير فإن الصغير يقوم بالنظر إلى الأرض احتراما للكبير، أما الآن أصبحت التربية تربية شغالات ــ حسب تعبيره.
التاجوري
سمير محمد السيد أحد أبناء حارة التاجوري يقول بأن رمضان في الماضي كانت له نكهة، يلعبون بعد صلاة التراويح العصفور والطبطب وطريقة لعبه تتمثل في اختفاء اللاعب الرئيس وتلعب على نظام المجموعات. ويضيف السيد بأن عمدة الحارة كان الشيخ حسين غلام رحمه الله، ودوره يقوم على ضبط الحارة، ولو دخل شخص للحارة غير معروف يسأله، وكان العمدة يدعم التجمعات التي تقام في الحارة التي يحضرها عدد من الكبار في ذلك الوقت ومنهم السيد جعفر نجدي، والعم اللزقاني، ومحمد حمزة حسين، والعم طه شقرون، والعم حسن فخراني، والعم إبراهيم مسلم، والعم حمزة منصور محمود، والعم لافي فرج، وكلهم توفوا رحمهم الله.


كلمات ومعان


مِرَسْتَكَه = الشيء المرتب للغاية
مِدَهْمَلْ = يعني مبهذل
قوام = بسرعة
بلكن = يمكن
دحين= الآن
مصرفدة = مستعجلة
دولا أو دُولْ = هؤلاء أو هم
مخمج = عفن
وي = للتعجب
الدحديرة = النزلة
الصمرقع = الجُنان
اشبك = ماذا بك؟
سيبوه = اتركوه
محزق = ضيق؟
دحلسة = تملق وتقرب لأخذ شيء ما
ايش شكلو = ماذا يكون؟
فزّ = أتحرك
أنقزلك بتكسي = أستاجر تكسي
اتشعبط = أتسلق
إسمنّو = على الأقل
بحلقت = فتحت عيني بقوة

أمثال شعبية

** القدرة مقدره وست البيت مصدره
ويطلق على من لديها ضيوف وهم يخدمونها بدل ماهي تخدمهم ... عجبي!
** الله لا يرد الغلا ولا كيالو
يقال للشيء الذاهب لا يتمنى رجوعه ولا من له علاقة به.
** فجعة الديب ولا قتلو
المقصود: هو أن العقاب الخفيف أكثر تأثيرا في بعض الأحيان من العقاب الشديد.
** جلد مو جلدك جـر عليه الشـوك
معناه أي شيء لا يخصك، افعل فيه ما تريد بدون ما تتحسر.
** إيش تأخد القرعة من كد الأمشاط
يقال عندما لا يرجى من شيء فائدة.
** آخذ ابن عمي وأتغطى بكمي.. أو نار القريب ولا جنة الغريب
يضرب في تفضيل زواج المرأة بقريبها ولو كان فقيرا.
** الإبرة إللي فيها خيطين ما تخيط
والمراد أن الأمر المعلق على اثنين لايتم لأنهما قد يختلفان.
** إبليس ما يكسر قواريره
يضرب للخبيث المتعود على أذية الغير فيصاب بمصيبة يظن أنها القاضية عليه فيفلت منها.
** بيت قـد المرايا ولا كـــل ســــنة كـــراية
يضرب في امتلاك بيت ولو كان صغيرا أفضل من دفع الإيجار كل عام.
والكرايه.. تعني المال المدفوع مقابل الإيجار.