-A +A
جبير بن محمد بن جبير
تعجب عندما ترى رفيقا يرفع سلاحه في وجه رفيقه الآخر، كانا على مر عقود من الزمان رفيقين في الكفاح والسلاح والمعاناة! وتعجب أكثر ما تعجب عندما يكون هذان الرفيقان يعلمان بأن عدوهم المشترك متربص بهما على حدٍ سواء.
إن ما نراه بكل أسف واقعا بين الإخوة الفلسطينيين هذه الأيام يدعو للحيرة والحسرة،،، حماس تهدد، وفتح تتوعد، وإسرائيل تتفرج، ومؤكد أنها تشجع كلا الطرفين «من تحت لتحت»!!! والعالم ليس مهتما كثيرا بالتفاصيل، يبدو أن خلافات الفلسطينيين آخر اهتماماته، لكنه حتما في انتظار ما ستسفر عنه النتائج!!!.

والنتائج هذه في علم الغيب، لان ما تُقاتل من أجله اليوم قد تتنازل عنه في الغد،، وقد يغري الخصم المنتصر انتصاره فيطلب المزيد من المكاسب ويفرض شروطا ما كانت في حسابات الطرف الخاسر إطلاقا ـ هذا حال كل المنتصرين عموما ـ، لكنه في الوضع الفلسطيني هو للاحتمال الأول أقرب.
لا رابح فيما يدور بين الإخوة في فلسطين من انقسامات... إلا إسرائيل، هذه قناعاتنا كشعوب عربية تعيش خارج فلسطين، أما الشعب الفلسطيني بالداخل فمن المؤكد أنه لا يعرف كيف يفكر قادته، ولا عماذا يبحثون؟ و لابد أنهم يتساءلون فيما بينهم: ألا يوجد من بيننا رجل رشيد؟
الانقسام السياسي بين فتح وحماس، سيؤدي إلى الانقسام الجغرافي، فالتراشق الدائر بين الفريقين اليوم يغذي مثل هذا الاحتمال، إن لم يكن في الوقت الحاضر سيكون في القادم من الأيام. يبدو أن الأمور قد رُتبت على هذا الأساس، الضفة الغربية في الشرق وقطاع غزة في الغرب وبينهما معبر آمن، تفتحه السلطات الإسرائيلية يوماً وتغلقه شهرا، لأنها تريده آمنا لها وليس للعابرين بين الشرق والغرب،،، ومعبر ايريز أشبه ما يكون بالشعرة التي تمسكها من المنتصف وتشدها إلى أعلى، وقد ربط كل طرف منها بوتد، لست متشائما،،، ولكن ما ظنكم برجل منذ وعى الدنيا لم ير أو يسمع مشروعا ناجحا يولد من رحم فلسطين، تصدقون،،، أول مرة سمعت فيها بمصطلح «الدولتين» وقبول إسرائيل لها ذهب ظني إلى هذا الاحتمال.
بودي أن يسمعني إخوتي في فلسطين لأقول لهم: لقد كفيتم الإسرائيليين العناء بالانقسامات فيما بينكم، فزدتموهم قوة وازددتم ضعفا، وما كسبتموه في عقود ستفقدونه في أيام، كنا نؤمن بأن قتيلكم شهيد ونحسبه عند الله في الفردوس الأعلى، الآن قتيلكم ماذا نحسبه؟، كنا نعد دماء أبنائكم غالية الثمن، مخضبة بالمسك والعنبر، الآن لماذا دماؤهم رخصت وبماذا تعفنت؟ أنتم لستم بمنأى عن الخلاف فكل الرجال يختلفون، والرجل الشجاع لا يخسر عندما يضحي من أجل بلده وأمته. إخوتي. لقد حرمنا الإسرائيليون مايزيد عن نصف قرن من ركعة نؤديها في المسجد الأقصى، وعندما بدأنا التكبير... تراشقتم بالرصاص فقطعنا الصلاة!!! إخوتي. تأكدوا أنه عند هدوئكم واتفاقكم سيقاتل اليهود بعضهم بعضاً قتالا لا يعلمه إلا الله، لان المغنم الذي غنموه منكم كبير جدا وسيتناهبونه كالثعالب، وسنقول ساعتها: اللهم اجعل حيلهم بينهم. إخوتي.. قلوبنا معكم.