-A +A
أحمد علي الكناني (جدة)

أكدت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» عدم تأهل مساعد قائد قطار الركاب المنكوب في حادث الانقلاب، يوم الأربعاء الموافق 7/8/1433هـ، لقيادة قطار الركاب، لا من حيث التأهيل أو الخبرة، أو السن.

وأوضحت في ردها على ما تناقلته بعض الصحف المحلية، منسوبا إلى المؤسسة العامة للخطوط الحديدية ردا على بيان الهيئة الذي سبق أن أصدرته، أن تأهيل مساعد قائد القطار لا يتعدى الشهادة الثانوية، وخبرته لم تبلغ شهرا واحدا، وسنه لا يتعدى 23 عاما، وهو غير مخول أساسا بقيادة قطار بضائع، وليس قطار ركاب، ومن خلال إفادته ثبت أنه غير ملم بالأنظمة والقوانين، ولا يعرف ما تدل عليه الإشارات، ولا التخابر مع غرفة المراقبة، وكيفية حساب أوقات الوصول المتوقعة.

وكان بيان المؤسسة تضمن أن تسليم سائق القطار القيادة لمساعده لا يعد مخالفة إدارية، ذلك أن من بين مهام المساعد تسلم القيادة في بعض أوقات الرحلة، ومن هذا المنطلق فإن مساعدي قائدي القطارات يخضعون للتقييم الدوري، ويتم إلحاقهم بدورات تدريبية مكثفة في مجال قيادة القطارات وفهم مدلول الإشارات والاتصالات، وعدم تقيد المساعد بأنظمة وقواعد التشغيل لا يعني بالضرورة جهله بها.

وأوضحت نزاهة، «حول ما ذكرته المؤسسة من أن تسجيلات المخابرات كانت مشوشة، وتم إرسالها إلى مركز سلامة النقل في كندا لتحسينها، تؤكد الهيئة بأن خبراءها استمعوا إلى التسجيلات، وكانت فعلا مشوشة، لكنها مشوشة من طرف غرفة المراقبة، التي يفترض فيها الهدوء والوضوح، أما من طرف غرفة قيادة القطار فقد كانت التسجيلات واضحة بما يكفي لاستنتاج مدلولاتها، فضلا عن أن مضمون ما تم إبلاغه مقيد في سجلات كتابية محفوظة لدى غرفة المراقبة، إذ تقضي الأنظمة بتقييد تلك التعليمات ثم اعتمادها من مشرف الوردية قبل إبلاغها لغرفة قيادة القطار، وبالتالي فإن الأمر كان لا يستدعي إرسال تلك التسجيلات، وهي باللغة العربية، إلى أي مركز، لما في ذلك من تكاليف ليس لها مبرر، سوف تكون موضوع فحص من قبل الهيئة».

وبينت نزاهة «ما ذكرته المؤسسة من أن قطاراتها تسير وفق جدولة محددة بدقة عالية، وأن حركة سير القطارات في المؤسسة تتم بمرونة فائقة، وسلاسة تمكن من تدفق القطارات في مواعيدها المحددة.. إلخ، فهذا ما يتمناه المواطن وذو الهيئة، بيد أن الواقع يخالفه».

وأوضحت هيئة مكافحة الفساد أن المؤسسة ذكرت أنها تمتلك نظاما متطورا وحديثا للاتصالات والإشارات، ويعتبر من الأنظمة المتطورة والمتكاملة على مستوى العالم، وتساءلت «إذا كانت المؤسسة تمتلك هذا النظام العالمي المتطور للاتصالات، بهذه المزايا التي أشارت إليها، مما يعني انعدام فرص الخطأ بنسبة عالية جدا! ،فما هو التفسير لوقوع حادث الانقلاب هذا، وهو من الحوادث النادرة على مستوى العالم!، بل ما هي أسباب تكرار حوادث قطارات المؤسسة؟».

وأضافت الهيئة أن المؤسسة ذكرت أن النظام الأوروبي ETCS إنما هو نظام مساند ولا يمكن الاستفادة منه بدون النظام القائم حاليا، وعندما قامت المؤسسة بإدخال هذا النظام فإنها كانت ترمي إلى الاستفادة منه في تعزيز منظومة السلامة على قطاراتها.

وأشارت الهيئة إلى أن المؤسسة جلبت نظام ETCS، وتحملت تكاليف عالية، وبعد تركيبه ظل معطلا تماما ولم تستفد منه، وهو ما تقوم الهيئة باستقصائه وإعلام المواطنين عن وضعه فيما بعد.

وشددت الهيئة على أن دورها إظهار الحقائق، طالما دخلت ضمن إطار الشأن العام واهتمامات المواطنين، بعيدا عن أدوار الجهة التنفيذية أو غيرها، ونشر هذه الحقائق للناس، ورفع التقارير عنها، مستهدفة في ذلك المصلحة العامة وكشف الإهمال والفساد ومساءلة مرتكبيه.

وقالت إنها «إنما تستند في بياناتها وتقاريرها إلى حقائق ومعطيات لا تقبل التشكيك، وهي لا تنشر ما تنشره إلا بعد التحري التام، والتمحيص الدقيق، الذي يتم بواسطة خبراء الهيئة وباحثيها المتخصصين في مجالات القانون والهندسة والمحاسبة، وقد كانت الهيئة تتمنى أن تلتفت المؤسسة إلى معالجة أوجه القصور، وتصحيح ما يحتاج إلى تصحيح، والعمل على تلافي تكرار مثل تلك الأخطاء، وتحسين الصورة التي ارتسمت في أذهان المواطنين عنها، والحرص على تنفيذ التوجيهات السامية التي تؤكد في كل مناسبة على وجوب تقديم الخدمات للمواطنين بأعلى مستوى، لا أن تنصرف إلى محاولات تبرير الأخطاء، والمخالفات التي وقعت فيها والتشكيك في الحقائق».