-A +A
محمد مجاهد الزيات
قامت مصر فى أعقاب أحداث رفح بتكثيف الوجود العسكري على الحدود المصرية الإسرائيلية والتى تقع ضمن ما يعرف بالمنطقة (ج) طبقا لما تم الاتفاق عليه في الملحق الأمني لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، ومن أبرز مظاهر ذلك دخول الدبابات إلى تلك المنطقة، ومضاعفة أعداد القوات العسكرية بما يتجاوز الأعداد المقررة، و لم تبد إسرائيل أو الولايات المتحدة اعتراضا على ذلك فى حينه تقديرا منهما أن تكثيف الوجود العسكري المصري وإن تجاوز ما كان متفقا عليه، إلا أنه يحقق مصالح للأمن الإسرائيلي فى النهاية. خاصة محاصرة و ضرب الجماعات المتطرفة التى تعلن العداء لإسرائيل، إلا أن استمرار الدفع بقوات إضافية وتزامن ذلك مع مطالبات بضرورة تعديل معاهدة السلام، بدا يقلق إسرائيل التى تخشى أن يصبح الوجود العسكري المصري المكثف فى تلك المنطقة أمرا واقعا، وتعديلا من جانب واحد لمعاهدة السلام الأمر الذى يمكن أن يغير من الأوضاع والواقع الاستراتيجي الذى ساد بين مصر وإسرائيل لسنوات طويلة، و يعيد في النهاية السيادة المصرية غير المنقوصة على سيناء. و صرح عدد من المسؤولين الإسرائيليين أن مصر لم تخطر إسرائيل مسبقا بدخول دبابات إلى مدينة العريش أو بزيادة عدد القوات المصرية هناك.
ورغم أن الأمر يمكن أن يوحي بنوع من التناقض فى الموقف الإسرائيلي الذى ركز قبل وإثر أحداث رفح على ضرورة قيام مصر بواجباتها لمواجهة الفراغ الأمني فى سيناء، و بين موقفها الأخير الرافض لزيادة الوجود العسكري المصري فى سيناء، إلا أن دراسة هذا الموقف تكشف عن حقيقة الموقف الإسرائيلي وأبعاده الحقيقية، فالواضح أنها قلقة من التداعيات السلبية للفراغ الأمني، وأنشطة الجماعات التكفيرية وخاصة التى لها امتدادات داخل قطاع غزة، إلا أنها ترى أن مواجهة ذلك لا يكون من خلال تغيير الملحق الأمني لمعاهدة السلام و لكن من خلال التعاون المصري الإسرائيلي الذي يبقي على المنطقة (ج) شبه عازلة بين مصر وإسرائيل، و حتى لا يكون ذلك مبررا للمطالبة بتعديل معاهدة السلام ذاتها.