-A +A
إبراهيم سنان
المليار رقم عظيم تم تحطيمه وإهانته، وأصبح سائغا لدرجة أن لا أحد يلتفت إلى أخبار معنونة بأرقام أقل منه، خمسة مليارات اختلاسات في إحدى الشركات، ومشاريع بالمليارات كبيض الصعو نسمع عنها ولا نراها. يقول أحد الأصدقاء في زمن كان المليار فيه حلما كبيرا تطمح له الشعوب، في زمن كانت مائة المليون تحقق المستحيل، يقول: «سيأتي يوم نصبح فيه فقراء مهما كانت مواردنا غنية، لذلك سوف أعلم أبنائي كيف يتعلقون في الأتوبيسات ويأكلون الفول ويلبسون الملابس البالية»، كان يقولها في زمن يعتبر فيه ذوو الدخل المحدود شريحة تمثل الطبقة المتوسطة، شريحة كريمة في معيشتها هانئة ومستقرة، طبقة متوسطة تحافظ على توازن المجتمع من الانهيار في فجوات التباعد الطبقي بين الغني والفقير لدرجة يخلق فيها ثقب أسود يبتلع أحلام العوائل في العيش الكريم. تلك الشريحة أصبحت اليوم ــ حسب كلام وزير التجارة ــ غير قادرة على أكل اللحوم الحمراء. وفي جانب آخر، نفس الوزارة التي صرح وزيرها بهذا ليس لديها حل تجاه اللحوم البيضاء التي ارتفع سعرها.
ولم يعد يدري الناس أي شيء يقاطعون؛ لأن البدائل كلها في أيادي تجار خارج إطار التحكم، فحتى لو قاطع الناس الدجاج سوف يكتشفون أن بديلهم عنه قد ارتفع سعره لكثرة الإقبال عليه، لدينا تجار يستغلون حاجة الناس حين تتوجه إلى منتجاتهم، كنت سأقول: علينا أن نبدأ بالتفكير في بدائل تتناسب مع هذه المشاكل، أكل بسعر مقبول يمكن إنتاجه محليا، ويصبح في متناول الجميع يغني عن اللحوم، ويحافظ على مسمى ذوي الدخل المحدود في إطار الطبقة التي ستصبح حلما لكل من يفكر بتكوين عائلة. بديل كالفول لدى أشقائنا في مصر، أو شيء أدنى منه، لأن تجارنا المستوردين له لن يتركوه في حاله لمدة طويلة، نريد بديلا لا يستورده في وطني التجار ينبت كالفقع في الشوارع وعلى الأرصفة.