-A +A
حوار: أحمد عائل فقيهي

عباس طاشكندي الباحث والمؤرخ والأكاديمي وأستاذ علم المكتبات بجامعة الملك عبدالعزيز، رجل لا يعشق الأضواء ولا يبحث عن الظهور والحضور الدائم، إنه يعمل في صمت باحثا جادا.. يسافر إلى بلدان مختلفة ومتعددة بحثا عن مخطوطة هنا، ومخطوطة هناك، أو حضور مؤتمر لأحد أبرز المختصين في تاريخ مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفي تدوين وكتابة سيرة ومسيرة علماء وشخصيات الحجاز.

في السطور التالية يسرد طاشكندي لـ«عكاظ» سيرة حياته وأبرز وأهم المحطات العلمية والعملية التي شكلت كل ذلك بكل ما فيها من تحولات وتجارب تستحق أن يطلع عليها المهتمون والباحثون في علم المكتبات وتاريخ المدينتين المقدستين والمنطقة عموما.



• في رحلة حياتكم العلمية محطات متعددة.. فهل لكم أن تحيطونا بأبرز تجاربها؟

•• نعم الحياة رحلة تقصر أو تطول، وأبرز ما فيها هي محطاتها، ومدى استفادة المرء من كل مرحلة. ومرحلة الإعداد العلمي بالطبع هي إحدى أهم المراحل بالنسبة للإنسان، تتحدد به مسيرته في الحياة كلها. فقد قدر الله أن ابتعث لدراسة تخصص كان الإقبال عليه آنذاك قليلا للغاية، وكنت يومها في الرياض مع الأخ العزيز والصديق الوفي الأستاذ عبدالله البليهد (شفاه الله) حين تقرر ابتعاثه إلى الولايات المتحدة لدراسة الإدارة. وفي الوقت نفسه، تقرر ابتعاثي إلى مصر لدراسة علم المكتبات. وأمام إصرار مدير عام وزارة المعارف آنذاك الأستاذ عبدالوهاب عبدالواسع (رحمه الله)، قبلت بالأمر، وباشرت دراسة التخصص على مضض منذ عام 1379هـ/1959م، حتى تخرجت في جامعة القاهرة، وكنا ندرة في هذا التخصص تتخاطفنا أكثر من جهة، وأذكر أن الدكتور رشاد فرعون بعث الأستاذ سعيد آدم لإقناعي بالعمل في الهيئة المركزية للتخطيط، ولكنني رفضت وآثرت أن أشارك المؤسسين لمشروع الجامعة الأهلية في بداية إنشائها، وقد كان.

وفي مرحلة الدراسة الجامعية، حظيت بالتتلمذ على أيدي أساتذة كبار (رحمهم الله)، وكان منهم الأساتذة: زكريا إبراهيم، محمد حمدي البكري، عبداللطيف إبراهيم، توفيق إسكندر، محمد أحمد حسين، محمد أنيس، السيد الباز العريني، محمود الشنيطي، محمد المهدي، وغيرهم، وكانوا الرعيل الأول من أساتذة علم المكتبات في الجامعة المصرية. وحظيت أيضا أثناء الدراسة الجامعية بزملاء أعزاء ضمتنا بهم البعثات السعودية في مصر. أذكر أسماء بعضهم للتمثيل وليس الحصر، منهم الإخوة -مع حفظ الألقاب-: محمود سفر، عبدالكريم جمال، محمد عمر عمودي، أحمد سعيد عمودي، سامي علاء الدين، غازي مدني، نزار مدني، عبداللطيف ميمني، أحمد شوقي آشي، مدني علاقي، محمد علي أشموني، وآخرون. أما في مرحلة الدراسات العليا في الولايات المتحدة، فكنت من ضمن من تشرف برعاية من الأستاذ الفاضل المربي عبدالعزيز المنقور، ملحقنا الثقافي في الولايات المتحدة آنذاك. وهو رجل كان له الفضل على كل طالب سعودي، فجزاه الله عنا كل خير ومتعه بالصحة. ومن زملائي في تلك الفترة السيد محجوب حسنين (يرحمه الله) والدكاترة جميل الجشي، إبراهيم العواجي، محمد الطويل، يوسف الحمدان، سليمان الحمدان (يرحمه الله)، ومحمد الحيدر، وغيرهم.

محطتي الثانية، كانت في جامعة الملك عبدالعزيز، عملت فيها منذ بدايتها، وما زلت أعتز أن قرار تعييني كان يحمل القرار رقم (1)، في تعيينات الكوادر السعودية. كان للجامعة مكتب في شارع الملك عبدالعزيز في البلد، تحتل الجامعة دورا واحدا يقع أسفل الغرفة التجارية، وفيه عملت تحت إدارة السيد أحمد شطا، ثم السيد أحمد عبيد، ثم السيد محسن باروم (يرحمهم الله)، حتى انتقلنا إلى المباني التي تبرع بها الشيخ عبدالله السليمان (يرحمه الله)، وبدأت فيها مسيرة الجامعة. استمر عملي في الجامعة، أهلية وحكومية، لـ45 سنة، تدرجت فيها كل المراتب العلمية، بدءا من معيد، حتى حصلت على الأستاذية عام 1404هـ، وكلفت في أثنائها بمناصب إدارية كثيرة، أخلصت فيها خدمة للجامعة، ونبل أهدافها، وتشرفت فيها بالعمل مع رجال مخلصين، وهم كثر، ولكنني أذكر بعضهم ومنهم الإخوة الأفاضل، مديرو الجامعة السابقون الدكتور أحمد محمد علي، الدكتور محمد عبده يماني (يرحمه الله)، الدكتور محمد عمر زبير، الدكتور عبدالله عمر نصيف، الدكتور رضا عبيد، الدكتور أسامة شبكشي، الدكتور غازي عبيد مدني، وهم جميعا من خيرة الرجال خلقا ونبلا وكفاية وعلما. وتشرفت بزمالة العديد من قادة الجامعة ورجالاتها، منهم الإخوة الأفاضل: محمد علي حبشي، عبدالوهاب أبو سليمان، مدني علاقي، حسن أبو ركبة (يرحمه الله)، حمد العرينان، عبدالله الغذامي، عبدالإله باناجة، عبدالبر القين ونزار توفيق (يرحمهما الله)، وعشرات غيرهم ممن لم أذكر ولكنهم في مكانة من الوجدان، ومحل تقدير ومحبة.

ألقيت عصا الترحال إلى محطتي الأخيرة والأكثر ثراء وقيمة، أمينا عاما ومحررا رئيسا لموسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة. شرف من الله به علي أن يكون مسك الختام خدمة لأشرف بقاع الأرض مكة المكرمة، موضع الكعبة المعظمة، والمدينة المنورة، مثوى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. وهو كرم من الله تعالى ونعمة أسبغها على عبده الضعيف، أحمده عليها حمد الشاكرين.

• في موقعكم الحالي، أمينا عاما ومحررا رئيسا لموسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ماذا حققتم؟

•• علينا أولا أن نعرف أن الأعمال الموسوعية الشاملة ليست أعمالا تجميعية، يعاد فيها نشر الأعمال الجاهزة أو تحقيق نصوص مخطوطة، أو أن تنشر فيها وثائق، ولكنها تتكامل على مراحل عدة، وتجهيزات أساسية كثيرة. وقد واجهتنا في البداية مشكلات عدة، منها أن الأعمال الموسوعية الأساسية تتطلب زمنا كبيرا للإعداد، وأن تجهيز موادها يتطلب التوثق، والمراجعة والتحكيم، والتدقيق حتى تخرج بالشكل الذي يرضي الطموح العلمي. وفوق هذا وذاك فإن من أصعب الأعمال الموسوعية هي موسوعات المدن، ويزيد الأمر تعقيدا إن كانت الموسوعة تخص المدينتين المقدستين، مكة المكرمة، والمدينة المنورة، اللتين يمتد تاريخهما لعصور سحيقة في التاريخ، وهذا أمر في غاية الصعوبة. ومع كل ذلك، فقد عمل راعي هذا المشروع الضخم والمشرف العام عليه ورئيس المجلس العلمي معالي الشيخ أحمد زكي يماني، على تذليل الصعاب والمتابعة والتوجيه وتخطي العقبات.

ولولا توفيق الله وعزيمة هذا الرجل النبيل والعالم الجليل، لما أمكن تخطي تلك الصعاب والعقبات، جزاه الله خيرا وحقق أمانيه.

فقد كان التحدي صعبا في بداية المشروع، ولكننا تجاوزنا حواجز الخوف والإحباط، بعد أن تمكنا من إخراج المجلد الأول من الموسوعة بتوفيق الله حتى أخذت الأجزاء تترى مستكملة حرفا بعد حرف. وقد غطينا حرف الألف في ثلاثة مجلدات، ثم صدر المجلد الرابع والمجلد الخامس، شاملا حرف الباء بالتغطية.

• ما هي مصادركم الأساسية التي تعتمدون عليها في إعداد موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة؟

•• نحن نعتمد على أربعة عناصر رئيسة، ليتكامل إعداد الموسوعة وتخرج بشكل متابع. أول هذه العناصر هو التخطيط الدقيق لكل مرحلة، تسهم في ذلك توجيهات معالي الرئيس المشرف العام على الموسوعة ومتابعته المستمرة، كما يستعان أحيانا بالمجلس العلمي للموسوعة. وثاني العناصر هو ما يتعلق بالكوادر البشرية، كوادر البحث والدراسات، والكوادر الفنية والإدارية. ولا أقول بوجود أعداد كبيرة من الكوادر، فهي قليلة العدد، ولكنها غزيرة الإنتاج، وأعتز أنهم -مع قلة أعدادهم- قد كونوا مدرسة لها تميزها في إعداد الموسوعات، بل وأكثر من ذلك، فقد كونوا مدرسة خاصة بمنهج موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وهناك عنصر ثالث يتمثل في البنى الأساسية التجهيزية للموسوعة، وتتمثل في توافر مكتبة بحث متخصصة تضم المطبوعات من كتب ودوريات، والمخطوطات، والرسائل، والوثائق، ترفدها عدد من قواعد المعلومات، وهي: قاعدة الصور الفوتوغرافية، قاعدة الوثائق الخاصة بمكة المكرمة والمدينة المنورة، قاعدة مقالات الدوريات المتخصصة، وقاعدة الملفات الموضوعية. ويتكامل استخدام القواعد والمكتبة بشبكة داخلية تتيح الاسترجاع والبحث من كل محطة في مكاتب الباحثين.

إن جميع تلك العناصر تشكل المصادر التي نعتمد عليها في إعداد الموسوعة. وأضيف إلى كل ذلك، توافر مناخ علمي لا تجده في مراكز البحث في مراكز البحث، وهو تعود الباحثين على مناقشة الموضوعات التي يقومون بإعدادها في إطار حلقات مناقشة علمية جادة قد يشارك فيها عدد من الباحثين، وقد تقتصر على اثنين منهم، وهذا الأسلوب يوفر مناخا راقيا وعلميا ينعكس -بلا شك- على المادة العلمية التي يقومون بصياغتها. إن ما استهدف التعبير عنه هو التأكيد على المشاركة الجماعية، ووجود بيئة عمل تعمل المجموعة فيها في هيئة فريق متكامل يسعى إلى غاية واحدة. لذلك فإننا لا نميل إلى استكتاب الباحثين من خارج الموسوعة إلا نادرا.

• هل يحقق مشروع الموسوعة أعمالا أخرى ترفد الدراسات المكية والمدنية؟

•• الموسوعة جزء من مؤسسة أم، هي مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي في لندن، وتحت مظلة المؤسسة الأم، هناك مركز دراسات المقاصد الإسلامية، وهناك مركز موسوعة مكة المكرمة والمدينة والمنورة. لكل من تلك المراكز غاياتها وأهدافها وبرامجها، وكذلك أمورها العلمية والفنية والإدارية، وتعمل باستقلالية تحت مظلة المؤسسة الأم.

لقد تبنت موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة إصدار سلسلة من الدراسات المكية المهمة تحت عنوان (سلسلة مكة المكرمة عاصمة الثقافة الإسلامية)، فأصدرت عددا من المراجع والدراسات المكية بلغت حتى الآن 12 كتابا أعدت من أهم ما نشر حول مكة المكرمة من دراسات.

وتسعى الموسوعة للبدء في إصدار سلسلة عنوانها (سلسلة المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية)، وصدر من هذه السلسلة (وفاء الوفا) للسمهودي، محققا في خمسة مجلدات، وسوف يصدر في بداية الاحتفالية عددا من الدراسات.

• هل تحقق الجامعات ومراكز الأبحاث العلمية السعودية غاياتها من البحث العلمي، وهل يمكن القول إنها أصبحت روافد حيوية للتقدم العلمي في المملكة؟

•• البحث العلمي في الجامعات واحد من أهم أهدافها. أما في مراكز الأبحاث العلمية، فإنه هدفها الأول وإلا فلماذا أنشئت المراكز البحثية أصلا؟ والسؤال الأهم هو لماذا ارتبطت أهداف الجامعات وغاياتها وكذلك مراكز البحوث بالاشتغال بالبحث العلمي؟ ويحضرني هنا ما يدور في الجامعات ومراكز الأبحاث في الدول المتقدمة علميا وصناعيا، فأكثر تلك المراكز لا تمول الأبحاث، ولكنها توفر البيئة المناسبة لإجراء الأبحاث العلمية بشقيها التطبيقي والنظري، من خلال الكوادر المؤهلة والمعامل والتجهيزات الفنية والإدارية.

إن الميزانيات الكبيرة التي تخصصها الدولة للجامعات السعودية، إضافة إلى الموارد الذاتية الكبيرة التي توافرت للجامعات على هيئة منح وأوقاف وكراسي علمية لا تعفي الجامعات من مسؤولية بذل مزيد من الجهد في النشاطات العلمية البحثية الحقيقية، لتواكب طموح الدولة والأمة في التقدم العلمي بدلا من الاتجاهات الاستثمارية، والانشغال بنماذج استعراضية لا تعكس حقيقة الإمكانات.

• الأقسام العلمية لعلوم التاريخ والحضارة في الجامعات السعودية، ما مدى تفاعلها مع الحاجة للأبحاث العلمية التاريخية، وبخاصة ما يتعلق بالتاريخ الحضاري في مناطق البلاد؟

•• نسمع أو نقرأ في بعض الأحيان آراء فجة تجاه بعض الأقسام العلمية في الدراسات الإنسانية كأقسام التاريخ وغيرها. تقول تلك الآراء: لماذا لا يتم إيقاف تلك الأقسام؟ بحجة أن الخريجين منها لا يجدون فرص عمل في مؤسسات المجتمع. ذلك صحيح إلى حد ما، ولكن هل وظائف وأهداف الأقسام العلمية الإنسانية محصورة في تخريج دفعات من الحاصلين على الدرجة الجامعية ودفعهم إلى سوق العمل؟ هل هذا هو الدور الوحيد لأقسام التاريخ؟ وكافة الأقسام الإنسانية؟

قسم الدراسات الشرقية بجامعة لندن ظل يعمل منذ سنوات طويلة، وما زال، وسيظل رافدا عالميا رفيعا للدراسات الشرقية. وإن عددا من الجامعات الألمانية تعمل منذ سنوات في بعض القرى السورية لدراسة حضارات الآراميين، وتوصلوا حديثا إلى مفردات اللغة الآرامية، وتوغلوا في آثارها.

أين أبحاث أقسام التاريخ والحضارة عن الآثار التاريخية في منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة والحجاز بصفة عامة؟ أين دراساتهم عن ثمود ومدين والنقوش التي نقشت بحروف الأولين؟ أين دراساتهم عن طرق الحج المختلفة؟ وتاريخنا المليء بالروايات الأسطورية وأقوال الإخباريين، من المسؤول عن تحقيقه ومراجعته وتصويب أخطائه؟ حملة أبرهة إلى مكة، من يعيد قراءتها، ويقدم لنا دراسة تختلف عن روايات الطبري وغيره؟

• حظيت المدينتان المقدستان (مكة المكرمة والمدينة المنورة) نظرا لأهميتهما الدينية والحضارية باهتمام المؤرخين والرحالة ورجال العلم في كل العصور.. كيف ترون ذلك في الوقت الحاضر من اهتمام الدولة بالدراسات التي تخص المدينتين المقدستين؟

•• نعم، إن المدينتين المقدستين قد حظيتا -وما زالتا- باهتمام المؤرخين منذ القدم وحتى الوقت الحاضر. والكتابة عنهما لم تتوقف طيلة العصور. شهد عهد النبوة والخلافة الراشدة أحداثا حظيت بالتوثيق من خلال كتب المغازي، وعلم الحديث، وعلم نقد الرجال، والطبقات، وعلم التاريخ. ومن فضائل ذلك التوجه ظهور مناهج المحدثين والاتكاء على نقد رجال الرواية لتوثيق أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ومن ثم العناية برجال الرواية التاريخية. أما في الوقت الحاضر، فإن المدينتين المقدستين تحظيان بالاهتمام الكبير من الدولة ومؤسساتها كافة. إذ يوليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يحفظه الله) وسمو ولي عهده الأمير سلمان بن عبدالعزيز (يحفظه الله) كل الرعاية والعناية والتطوير. وبالنسبة للدراسات المكية والمدنية، فقد عمل سمو ولي العهد من خلال نشاطات دارة الملك عبدالعزيز ومراكز بحوث مكة المكرمة والمدينة المنورة على نشر الدراسات العلمية عن المدينتين المقدستين والإشراف على (موسوعة الحرمين والحج)، وهي مشاريع ضخمة تدعم دراسات الحرمين الشريفين والمدينتين المقدستين بمصادر مهمة ومتميزة، نسأل الله أن يكتب لهم الأجر والثواب.

• كما في حياتكم محطات، لا بد أن تكون هناك شخصيات، من أبرزهم، وكيف تأثر بهم عباس طاشكندي؟

•• لا يعيش الإنسان في عزلة، وإنما يتكامل مع من حوله. والمؤثرون في حياة الإنسان كثر، ولا شرط في أن يكون الإنسان على معرفة بهم، فقد يقرأ عنهم، ويتمعن في سيرهم الذاتية. ومن هذا المنطلق فإن التأثر بهم يخضع لمعايير الثقافة الذاتية للفرد.

أما إذا كان القصد من السؤال، الشخصيات الذين عاصرتهم في تجارب ذاتية، وتأثرت بهم، فهم كثر أيضا، ولكنني سأكتفي بالأبرز:

- والدي (يرحمه الله)، كان رجلا رقيق الحال، على معرفة ببعض علوم الشرع والتاريخ.

- الشيخ أحمد زكي يماني بكل قامته وتاريخه السامق ودوره في عالم الطاقة والبترول، وقد نذر جهدا لخدمة التراث الإسلامي من خلال مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي.

- عبدالله عبدالجبار (رحمه الله)، صلتي به امتدت منذ أن كان في القاهرة، ثم في لندن، حتى عاد إلى جدة مستشارا بجامعة الملك عبدالعزيز، وكان مكتبه بالجامعة قريبا من مكتبي، فكنت أنهل من علمه وتوجيهه كلما سنحت الفرصة، وكانت تربطني به صلة الابن بأبيه ولا أزيد على ذلك.