-A +A
علي فقندش (جدة)
عندما التقى الناس بإطلالات عبد الله رشاد الأولى في عالم الأغنية السعودية كصوت له ملامحه الواضحه وأهدافه التي وضعها أمامه في شارع الفن،
وكان من أهمها إيجاد مقعد خاص له في هذا المكان وتلك المساحة الصاخبة في دنيا الموسيقى والغناء استبشر الناس والمحبون للفن خيرا، ذلك لكونه دخل من بوابة الفن الأصيل المبني على التراث إلى جانب فكر نير في الفن الحديث، عندما انطلق لأول مرة مصادفة من خلال حفل نظمته جمعية الثقافة والفنون في الطائف، ليجد نفسه بديلا لمطرب آخر كان قد رشح للحفل، ثم تكون الانطلاقة ليأتي إلى جدة فنانا مكتملا ويقوم بتأسيس شركة إنتاج فني مع زميله الشاعر سعود سالم مرافق الانطلاقة في عالم الفن آنذاك، لكن مالبث أن انفرد بهذا النشاط وانتشر اسمه وشارك في الحياة الفنية بأشكال وأنماط عديدة مختلفة منها تجربته في إحياء أغنيات الديالوج «الحوارية المشتركة» وقدم لنا أشهر دويتو في تلك المرحلة التي رافقت انطلاق الفضائيات وهو العمل المشترك مع الكويتية نوال «كان ودي نلتقي» من كلمات علي عسيري وألحان خالد عبدالكريم، وهي الأغنية التي قابلت بنجاحاتها دويتو «من حبيبي أنا» لنوال الزغبي ووائل كفوري.. ثم تقديمه للعديد من الشعبيات على شكل جلسات فنية تعاون معه فيها الكثير من كبار الفنانين إلى جانب انطلاقه في عالم الكاسيت منذ ألبومه الأول مثل جميل محمود وسامي إحسان رحمه الله وطاهر حسين وعبدالرحمن حجازي رحمه الله وإبراهيم خفاجي وأمين قطان ومحمد شفيق رحمه الله وغيرهم. ثم إنتاجه لخطوة جد هامة في حياتنا الفنية وتبنيه لإنتاج وتسجيل تراث الموسيقار العميد طارق عبدالحكيم رحمه الله في ألبومات عديدة.

مثل كل هذه الإنجازات تجعلنا نتساءل: أين عبد الله رشاد اليوم وهل يكفي أن نلتقيه في الاستوديوهات في أعمال وطنية ومناسبات فقط ؟.
وهو المعروف بأنه عندما صعد على مسرح جمعية الثقافة والفنون في الطائف ليواجه الجمهور لأول مرة في اختبار صعب وغنى يومها أغنية (يا ريم وادي ثقيف) للموسيقار العميد طارق عبدالحكيم التي سبق أن شدت بها الفنانة اللبنانية الكبيرة نجاح سلام كذلك الفنان محمد عمر، تفاعل معه الجمهور وشاهده أستاذه يوسف محمد رحمه الله فأشار له بأن يغني أغنية أخرى فغنى عبد الله رشاد أغنية (يا أهل الهوى) وازداد تفاعل الجمهور معه وعندما انتهى من تقديم فقرته الغنائية ودخل إلى الكواليس وجد الفنان الراحل الكبير عبد الله مرشدي في انتظاره ليحتضنه ويهنئه على نجاحه واجتيازه ذلك الامتحان الصعب. وقال عبد الله رشاد يومها: منذ تلك اللحظة المهمة في حياتي التي لا أنساها بدأت أضع قدمي في أول خطوة في طريق مشواري الفني وأحسست من يومها أن أحلامي بدأت تتحقق خصوصا عندما استيقظت في صباح اليوم التالي للحفل لأتصفح الجرائد المحلية وأجد مقالا في جريدة المدينة بقلم الصحافي الكبير جلال أبو زيد رحمه الله يمتدح فيه موهبتي ويعلن أن هناك موهبة غنائية من مواهب الطائف الثمينة مطرب متمكن واثق من نفسه يدرس العلوم السياسية والاقتصادية بجامعة الملك عبدالعزيز صاحب صوت جميل وأداء مميز. وعندما انطلق رشاد إلى جدة واستقر فيها بحكم دراسته في جامعة الملك عبدالعزيز وكان قد التحق أيضا ليعمل في ميناء جدة الإسلامي لكي يعتمد على نفسه وتحمل مسؤولية ذلك.. ويقول عبد الله رشاد عن هذه المرحلة:
كنت مصرا في تلك الفترة على أن أخطط لمستقبلي الفني كمطرب حيث بدأت في لقاء عدد من كبار الفنانين والملحنين في المملكة وشاركت في عدد من الحفلات من خلال جمعية الثقافة والفنون بجدة وبدأت أفكر جديا في عمل أول شريط غنائي خاص بي ولكن تأخر المشروع لوقت لاحق.
خلال عمل عبد الله رشاد في ميناء جدة الإسلامي علم بأنه سيتم إرسال بعثة دراسية للأكايمية البحرية بالإسكندرية ولشدة ولعه وعشقه للبحر قام بسحب أوراقه من جامعة الملك عبدالعزيز بعد أن قضى فيها فصلين دراسيين لينضم للبعثة، وهكذا انتقل عبد الله رشاد إلى الإسكندرية لدراسة الإرشاد البحري، وفي هذه الأثناء لم ينس عبد الله رشاد حلمه الفني فكان يغني لزملائه البحارة في ليالي السمر وأوقات الراحة فكان هؤلاء البحارة هم جمهوره الذين مارس معهم هوايته وتعلم من خلال تعامله معهم كيفية التعامل مع الجمهور.
ويقول عبد الله رشاد عن هذه الفترة: لقد تعلمت من خلال عملي بالبحر الصبر والتحمل وحسن التخطيط كما تعلمت فن التجارة مما ساعدني كثيرا في إدارة عملي الخاص كمنتج من خلال مؤسسة الإنتاج الفني التي امتلكها «دانة» ، وفي هذه الفترة التقيت بمجموعة كبيرة من كبار الملحنين أمثال سراج عمر ومحمد شفيق وسامي إحسان..
في تلك الفترة ذهب عبد الله رشاد ليسجل في الإذاعة في إحدى الحفلات الخاصة ولكن لم يسمح له بالتسجيل لأن صوته لم يكن مجازا من الإعلام ولكنه واجه ذلك بكل إصرار وقابل الملحن سامي إحسان رئيس القسم الموسيقي في الإذاعة آنذاك للاختبار وإجازة صوته وبالفعل تم له ما أراد ليصبح أحد أسماء ومواقع خريطة الغناء المحلي لذا كان من المتوجب علينا أن نرفع لافتة تبحث عن موقعه اليوم بين النجوم.