المقام السامي الكريم أعاد ترتيب أولويات المركز الوطني للدراسات والبحوث الاجتماعية، فقد أصدر مؤخرا لائحة جديدة حددت بشكل واضح إطار عمل المركز في قادم الأيام، وأوكلت إليه رصد الظواهر والقضايا الساخنة في المجتمع السعودي والوصول إلى حلول لها، وسيقوم المركز بدور أكاديمي مطلوب، وينفذ بحوثا تقيم جوانب القصور في البرامج المجتمعية المختلفة، والأهم من هذا هو أن يستفاد من مخرجاته عمليا، وألا تترك حبيسة الأدراج، ومن الأمثلة: ما حدث مع ملف الإصلاح الإداري في التسعينيات الميلادية، وقيام معهد الإدارة العامة بدراسة متكاملة عنه رفعت لجهة الاختصاص ولم تغادرها.
مشكلة الأكاديميا المحلية أنها تهتم بالعلوم البحتة وتمجدها كثيرا، والإعلام يشاركها الاهتمام نفسه لأسباب معروفة ومقدرة، ودائما ما نقرأ أو نشاهد احتفالا إعلاميا وعناوين بارزة لإنجازات الأطباء والمهندسين وأهل التخصصات المشابهة في السعودية، وهم يستحقون التكريم والاحتفاء بالتأكيد، ولكن ما قيمة الصاروخ أو الريادة الطبية والإنجاز أصلا لمن يعيش حياة الكفاف ولا يستطيع شراء دجاجة، وفي رأيي، لا بد من التركيز على العلوم الإنسانية والدراسات الاقتصادية وتوظيفها بحثيا لعلاج المشكلات الاجتماعية وبأسلوب الحلول الإبداعية، واستثمار نتائجها وتوصياتها في رسم الاستراتيجيات والأهداف المستقبلية، وقبلها تشجيع من يقومون بها ماديا وأدبيا، خصوصا أن الناس في السعودبة يعيشون أحوالا معيشية متقلبة.
خرجت في الفترة الأخيرة أربعة تصريحات لوزراء العمل والزراعة والكهرباء والتجارة، وكلها تشير إلى أن التخطيط ما زال ضيفا ثقيلا عليهم، فوزير العمل يحدد زمنا نهائيا لانتهاء مكافأة حافز لمن صرفت له قبل سنة أو يزيد وما زالت البطالة مستمرة، ونسبتها بين الشباب من سن 19 إلى 25 أو من يفترض أنهم من حملة الشهادة الثانوية والجامعية وصلت إلى 30 في المئة، طبقا لآخر الإحصاءات الرسمية، ووزير الزراعة ينصح المستهلكين بالبحث عن بدائل لمواجهة ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء؛ لأن اللحم الأحمر سجل أرقاما فلكية، وقيمة الدجاج حاليا وصلت لسبعة عشر ريالا سعوديا، بينما سعرها في لندن لا يتجاوز سبعة جنيهات إسترلينية، والقيمة الشرائية للجنيه الإسترليني مطابقة تماما للريال السعودي، إلا في السجائر ولأغراض صحية خالصة لا علاقة لها بالتجارة، والارتفاع الأول ربما برره موسم الحج ويرتبط بالمواسم عموما، إلا أن الارتفاع الثاني غير مفهوم، فلم أسمع بأن الدجاجة تجوز كأضحية، وكلاهما يتهم «العلف» ويحمله المسؤولية، وبدائل وزير الزراعة قد تفسر بأنها دعوة لتغيير العادات الغذائية، أو أن يصبح المجتمع بالكامل نباتيا، وهذه قفزة كبيرة لا يمكن تحملها، فاللحوم طقس أساسي من طقوس الضيافة العربية، وتاريخها قديم ومتجذر، ويقترح وزير المياه والكهرباء حل مشكلة الانقطاع المتكرر للكهرباء بشراء مولدات، وينسى أن الناس قد تجاوزوا زمن المولدات صاحبة الصوت المزعج ولا يريدون العودة إليه، ووزير التجارة يقرر منع تصدير الدجاج مؤقتا حتى تتراجع الأسعار، والمفارقة أن تجار السعودية يصدرون سلعا ومنتجات بدون أن يكون هناك اكتفاء ذاتي في الداخل، ويستوردون أشياء يصدرها، ولا توجد عقوبات حازمة تمنع التلاعب بالأسعار؛ بحكم أن الاقتصاد حر، ولم ينفع مع هؤلاء دعم الدولة الملياري لمشاريع القطاع الخاص، والحلول المؤقتة أو المخدرة قد تضر.
معظم ما سبق يؤكد حاجة الدولة لأبحاث علمية في مجال الإنسانيات والاقتصاد، بما يخدم السياسات المحلية ويحقق التناغم في أداء المؤسسات الحكومية، وينظم طريقتها في التعامل مع الأزمات، وهو شبه مفقود بدليل التعارض بين تصريحات وزير الزراعة ووزير التجارة، رغم أن الأزمة واحدة، والدول الغربية تستعين بمراكز الأبحاث وجماعات التفكير مهما اختلفت مسمياتها، وتستخدمها في شؤون السياسة الداخلية والخارجية، عن طريق التمويل والإشراف المباشر أو غير المباشر، والاستفادة العربية منها لا تكون إلا في الأمور الأمنية وفي السياسة الخارجية، والفارق أن الغربيين يدرسون العرب، والعرب يدرسون أنفسهم أو جيرانهم، ويمولون في بعض الأحيان المراكز المهتمة بدراستهم.
binsaudb@yahoo.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة
مشكلة الأكاديميا المحلية أنها تهتم بالعلوم البحتة وتمجدها كثيرا، والإعلام يشاركها الاهتمام نفسه لأسباب معروفة ومقدرة، ودائما ما نقرأ أو نشاهد احتفالا إعلاميا وعناوين بارزة لإنجازات الأطباء والمهندسين وأهل التخصصات المشابهة في السعودية، وهم يستحقون التكريم والاحتفاء بالتأكيد، ولكن ما قيمة الصاروخ أو الريادة الطبية والإنجاز أصلا لمن يعيش حياة الكفاف ولا يستطيع شراء دجاجة، وفي رأيي، لا بد من التركيز على العلوم الإنسانية والدراسات الاقتصادية وتوظيفها بحثيا لعلاج المشكلات الاجتماعية وبأسلوب الحلول الإبداعية، واستثمار نتائجها وتوصياتها في رسم الاستراتيجيات والأهداف المستقبلية، وقبلها تشجيع من يقومون بها ماديا وأدبيا، خصوصا أن الناس في السعودبة يعيشون أحوالا معيشية متقلبة.
خرجت في الفترة الأخيرة أربعة تصريحات لوزراء العمل والزراعة والكهرباء والتجارة، وكلها تشير إلى أن التخطيط ما زال ضيفا ثقيلا عليهم، فوزير العمل يحدد زمنا نهائيا لانتهاء مكافأة حافز لمن صرفت له قبل سنة أو يزيد وما زالت البطالة مستمرة، ونسبتها بين الشباب من سن 19 إلى 25 أو من يفترض أنهم من حملة الشهادة الثانوية والجامعية وصلت إلى 30 في المئة، طبقا لآخر الإحصاءات الرسمية، ووزير الزراعة ينصح المستهلكين بالبحث عن بدائل لمواجهة ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء؛ لأن اللحم الأحمر سجل أرقاما فلكية، وقيمة الدجاج حاليا وصلت لسبعة عشر ريالا سعوديا، بينما سعرها في لندن لا يتجاوز سبعة جنيهات إسترلينية، والقيمة الشرائية للجنيه الإسترليني مطابقة تماما للريال السعودي، إلا في السجائر ولأغراض صحية خالصة لا علاقة لها بالتجارة، والارتفاع الأول ربما برره موسم الحج ويرتبط بالمواسم عموما، إلا أن الارتفاع الثاني غير مفهوم، فلم أسمع بأن الدجاجة تجوز كأضحية، وكلاهما يتهم «العلف» ويحمله المسؤولية، وبدائل وزير الزراعة قد تفسر بأنها دعوة لتغيير العادات الغذائية، أو أن يصبح المجتمع بالكامل نباتيا، وهذه قفزة كبيرة لا يمكن تحملها، فاللحوم طقس أساسي من طقوس الضيافة العربية، وتاريخها قديم ومتجذر، ويقترح وزير المياه والكهرباء حل مشكلة الانقطاع المتكرر للكهرباء بشراء مولدات، وينسى أن الناس قد تجاوزوا زمن المولدات صاحبة الصوت المزعج ولا يريدون العودة إليه، ووزير التجارة يقرر منع تصدير الدجاج مؤقتا حتى تتراجع الأسعار، والمفارقة أن تجار السعودية يصدرون سلعا ومنتجات بدون أن يكون هناك اكتفاء ذاتي في الداخل، ويستوردون أشياء يصدرها، ولا توجد عقوبات حازمة تمنع التلاعب بالأسعار؛ بحكم أن الاقتصاد حر، ولم ينفع مع هؤلاء دعم الدولة الملياري لمشاريع القطاع الخاص، والحلول المؤقتة أو المخدرة قد تضر.
معظم ما سبق يؤكد حاجة الدولة لأبحاث علمية في مجال الإنسانيات والاقتصاد، بما يخدم السياسات المحلية ويحقق التناغم في أداء المؤسسات الحكومية، وينظم طريقتها في التعامل مع الأزمات، وهو شبه مفقود بدليل التعارض بين تصريحات وزير الزراعة ووزير التجارة، رغم أن الأزمة واحدة، والدول الغربية تستعين بمراكز الأبحاث وجماعات التفكير مهما اختلفت مسمياتها، وتستخدمها في شؤون السياسة الداخلية والخارجية، عن طريق التمويل والإشراف المباشر أو غير المباشر، والاستفادة العربية منها لا تكون إلا في الأمور الأمنية وفي السياسة الخارجية، والفارق أن الغربيين يدرسون العرب، والعرب يدرسون أنفسهم أو جيرانهم، ويمولون في بعض الأحيان المراكز المهتمة بدراستهم.
binsaudb@yahoo.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة