-A +A
تحليل سفيان أبو زايدة
أهداف وأبعاد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عن انتخابات مبكرة، وحل الكنيست والدعوة لانتخابات عامة يوم الثاني والعشرين من يناير المقبل، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية تعصف بالدولة العبرية، جراء سياسة نتنياهو وشركائه من اليمين المتطرف، وهي خطوة كانت تطالب بها معظم الأحزاب الإسرائيلية للخروج من المأزق الذي تمر به إسرائيل، خاصة وأن المنطقة تمر بخريف ساخن في ظل تهديدات إسرائيلية بالحرب على إيران وغزة.

ليس هناك ما هو غريب أو استثنائي في تقديم موعد الانتخابات في إسرائيل، على الأقل من الناحية التاريخية، حيث تجرى الانتخابات لديهم كل ثلاث سنوات ومتوسط عمر الحكومات هو أقل من عامين، على الرغم أن القانون ينص على إجرائها مرة كل أربع سنوات. وأعتقد أن قرار نتنياهو الذهاب لانتخابات مبكرة، وإعلان الكنيست حل نفسه بعد ذلك، لم يفاجئ الأوساط السياسية والحزبية في إسرائيل، وتحديد موعدها بداية العام المقبل كان متوقعا منذ فترة طويلة.
تختلف التقديرات حول السبب أو الأسباب الحقيقة لاتخاذ نتنياهو هذه الخطوة على الرغم أن الخلاف حول موازنة الدولة هو السبب المباشر، لكنه لم يبذل الجهد المطلوب وفضل الذهاب إلى الانتخابات المبكرة.. نتنياهو يذهب إلى الانتخابات وهو مطمئن بأنه لا يوجد حتى الآن منافس حقيقي له على زعامة الدولة وأن حزب «الليكود» الذي يتزعمه سيزيد من عدد مقاعده ليصبح الكتلة الأكبر في الكنيست بلا منازع. وحسابات نتنياهو مبنية على أن الفوز محقق، وأن الاستطلاعات تعطي حزب الليكود من 32 إلى 35 مقعدا، وأن كتلة اليمين ستحافظ على الأغلبية ولن يكون لديه مشكلة في تشكيل حكومة يمينية جديدة، وأنه حتى اللحظة ليس هناك منافس حقيقي له على قيادة الدولة.
السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو لماذا فضل نتنياهو الذهاب إلى الانتخابات المبكرة؟ هل هناك اعتبارات أخرى غير موضوع الموازنة؟ هل هذا الأمر له علاقة بالاستعدادات للحرب مع إيران أو تنفيذ عمليات واسعة ضد غزة و جنوب لبنان؟ هل له علاقة بعملية السلام التي من المتوقع أن تكون هناك محاولات لإنعاشها بعد الانتخابات الأمريكية؟ أم أن هناك حسابات انتخابية ضيقة يعتبر نتنياهو أن إجراءها في يناير أفضل من موعدها الرسمي في أكتوبر المقبل لكي لا يعطي لخصومة السياسيين الفرصة لتنظيم صفوفهم؟
وعلى الرغم من أن السبب المباشر لتبكير الانتخابات هو موضوع الموازنة، إلا أن الموضوع الإيراني سيكون حاضرا بقوة في الانتخابات القادمة، وهو على الأرجح كان أحد الاعتبارات التي جعلت نتنياهو يفضل إجراء الانتخابات في مطلع العام الماضي. على جانب آخر، وعلى الرغم من أن عملية السلام مع الفلسطينيين ستكون غائبة في المعركة الانتخابية المقبلة وأن محاولات الأحزاب اليسارية في إعادتها إلى الصدارة ستفشل في ظل التركيز على قضايا داخلية أخرى مثل الوضع الاقتصادي وتجنيد المتدينين للجيش، وعلى الرغم أن نتنياهو لم يبذل أي جهد على هذا الصعيد ولا يملك أي حلول سوى تعزيز الاستيطان إلا أنه يدرك أن هذا الأمر لن يستمر طويلا، وأن بداية العام المقبل سيشهد محاولة جادة لكسر حالة الجمود في الموضوع الفلسطيني.