-A +A
أشواق الطويرقي (بعثة المشاعر المقدسة)
ثمن 500 حاج من الدفعة الأولى للبعثة الفلسطينية من ضيوف خادم الحرمين الشريفين الذين شملتهم مكرمة أداء فريضة الحج لهذا العام من أسر الشهداء والأسرى، الجهود والخدمات الجليلة التي قدمها القائمون على البعثة بتوجيهات كريمة من الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.




«عكاظ» التقت بمسؤول البعثة لقياس مستوى الخدمات المقدمة لهم والاستماع إلى حكايات أهالي الأسرى والشهداء، ذكر الشيخ تيسير إسحاق الرجبي الرفاعي مدير عام تحفيظ القرآن الكريم بوزارة الأوقاف الفلسطينية أن البعثة تعج بالقصص والحكايات المبكية عن الشهداء الذين قضوا أجلهم في غارات وهجمات جيوش الاحتلال وعمليات الاغتيال والتصفية في قطاع غزة والضفة الغربية، وعلى سبيل المثال لا الحصر وجود سيدة بين أفراد البعثة ابنها محكوم بالمؤبد في السجون الإسرائيلية، والمؤبد لدى الحكومة الإسرائيلية يعادل 35 عاما، أي بمعنى أنه لن يغادر السجن مدى الحياة، وهناك العديد من روايات القتل والأسر والتشريد المؤلمة، والتي تعبر عن مدى معاناة هذا الشعب الأبي.
وأوضح بأن فرصة الحج بمكرمة خادم الحرمين الشريفين تمنح للفرد مرة واحدة فقط ليكون هناك مجال لغيره من الكم الهائل من أفراد أسر الشهداء والأسرى، الذين ينتظرون دورهم لأداء فريضة الحج، وبلا شك أن المكرمة لا تستوعب جميع هذا العدد في موسم واحد وبالتالي يكون هناك تعاون في كل عام بين وزارة الأسرى ومؤسسة رعاية أسر الشهداء ووزارة الأوقاف الفلسطينية على اختيار الأسر التي ستستفيد من هذه المكرمة الملكية.
من جهته قال الحاج علي توفيق من محافظة جنين، وهو ابن شهيد اغتيل أمام عينيه على يد جنود الاحتلال عام 1992م، عندها كان عمره 14عاما وتكفل بإعالة أسرته المكونة من سبعة أفراد والدته وإخوانه وأخواته، إن المكرمة الملكية منحته فرصة الحج في سن مبكرة، حيث تم اختيار والدته ورافقها كمحرم لأداء الفريضة، لأن هذه الفرصة عادة تمنح لكبار السن من الرجال والنساء كون فرصتهم في الحياة أقل من الشباب بحسب المعايير المتعبة للخروج للحج في فلسطين، وإن خصوصية المكرمة لأهالي الشهداء والأسرى ترسخ مفاهيم عميقة لديهم، وهي ذات معان عظيمة وقيمة أخلاقية ووطنية ودينية كبيرة حث عليها الدين الإسلامي وجميع الأمة العربية والإسلامية يفتخرون بها، كما قدمت جميع التسهيلات لحجاج البعثة بداية من الحصول على الفيزا وجوازات السفر وتحمل خادم الحرمين جميع تكاليف الحج والأضاحي لأفراد البعثة الفلسطينية بأعلى المستويات الخدمية التي تشهد على أصالة المملكة العربية السعودية وعظيم كرمها، بالإضافة إلى بشاشة وتقدير العاملين بالبعثة من السعوديين رغم صغر أعمار البعض منهم إلا أنهم قدموا صورة مشرفة لهذا البلد الطاهر بسمو تعاملهم مع الحجاج، وذكر قصته مع عمدة مخطط بطحاء قريش طارق بغلف، الذي وقف إلى جوار الشبان وساعدهم في إنزال الأمتعة من الباصات وإدخالها إلى الفندق، وعندما سألوا عنه علموا بمنصبه الذي لم يمنعه عن خدمة الحجيج وتشريف بلاده، وكذلك الحال مع المشرف على البعثة مازن غازي ومساعده الدكتور عماد كتبي الذين يتجولون طوال الوقت بين الحجاج للوقف على خدمة الجميع وتلبية رغباتهم، وكذلك كل المشرفين على البعثة من فلسطين.
وذكرت والدة الأسير مرعي أبو سعيدة أن ابنها قضى تسع سنوات في السجون الإسرائيلية، وهو متزوج ولديه طفل واحد لم يره نهائيا فعندما اعتقل أبوه كان جنينا ينمو في رحم أمه ليخرج إلى الدنيا وبينه وبين أبيه أبواب السجون الإسرائيلية المصفدة بأغلال الظلم والاستبداد والشتات، فتهمة مرعي كما يدعون هي الشروع في القتل، وتتمنى أن تتمكن من رؤية ابنها الذي لم تره سوى مرة واحدة أثناء التسع السنوات منذ اعتقاله وأحوال زوجته وابنه تدمع لها العيون الجسورة على فراقه، وهو الابن البكر بين أبنائها السبعة عشر سائلة المولى أن تكون هي وأبناؤها شهداء فاتحين على أبواب الأقصى الشريف، وأن يوفق الملك عبدالله ويؤيده ويحفظ عزه وأمن المملكة على مر السنين.
والتقينا بزوجة الشهيد جميل أبو غوش، الحاجة فدوى النجحي، التي استشهد زوجها منذ 27 عاما في إحد الغارات التي نفذها الطيران الإسرائيلي على مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية عام 1985م، ومن جراء الغارة توفي 85 شخصا من بينهم زوجها وكان عمره آنذاك 37 عاما تاركا لها خمسة أبناء، ووفرت لها منظمة التحرير وظيفة بالتدريس؛ لتتمكن من إعالة أطفالها، وقدمت عظيم شكرها للملك عبدالله الذي حقق لها أمنية أداء فريضة الحج الذي يعد بمثابة الحلم البعيد لكثير من أفراد الشعب الفلسطيني، راجية من الأمة العربية والإسلامية والعالم جميعا النظر بعين الرأفة لهذا الشعب المقهور الذي يعاني ويلات الحرب والاستبداد من اليهود المعتدين الذين ضيقوا عليهم جميع سبل الحياة.