في الجزء الأول من هذا الحوار، تحدث سمو الأمير فيصل بن عبدالله عن هيئة مستقلة لتقويم التعليم ومراقبة الجودة فيه، وعن الشركة التعليمية القابضة المملوكة للدولة والتي اكتمل تأسيسها مع الشركات التابعة لها، شركة المباني والنقـــل والخدمـات التعليميـة إضافة إلى شركات أخرى تحت التأسيس ستتولى تطوير العمــلية التعليمية بكل جوانبها، وعن الحلول التي تم تقديمها لحل مشـــــكلة نقل ذوي الظروف الخاصة والتأمين الطبي لمعلمي ومعلمات التعليم الأهلي واستلام المدارس الجديدة ورياض الأطفال والعديد من الإنجازات التي أصبحت ماثلة للعيان تضاف إلى إنجازات الوطن ومكتسباته، واليوم يتواصل الحديث وإليكم التفاصيل..
سمو الوزير.. التعليم في المحصلة هو مخرجات تحقق القيمة المضافة للتنمية المستدامة وتسهم في دعم مسيرة البناء، هناك نقد يوجه للوزارة وأدائها مقابل نتائج طلابها، كيف تعلق على ذلك؟
• لدينا هاجس للوصول إلى معيار يساهم في قياس مخرجات التعليم وحوكمتها، وأهم معيار متوفر حاليا هو نتائج الطلاب والطالبات في اختبارات مركز القياس والتقويم بالإضافة إلى الاختبارات الدولية، ويشكل الفرق بين نتائج الطلاب في اختبارات الثانوية العامة ونتائج المركز تباينا ملحوظا ومقلقا، لذلك نحن نتجه الآن إلى تسخير كافة الجهود للوصول إلى ردم هذه الهوة بين نتائج الطلاب في هذه الاختبارات وهو ما سيعطي درجة من الاطمئنان حول مخرجات التعليم إلى حد ما.
وعموما فإن الوزارة ستبدأ بوضع اختبارات وطنية لقياس مستوى الأداء العام للطلاب والطالبات في مراحل مختلفة من مسيرة الطالب والطالبة، وسيتم تعزيز الاختبارات الوطنية في الصف الرابع الابتدائي، والصف السادس الابتدائي، والصف الثالث متوسط، وهي تقيس أداء الطلاب خلال المراحل الدراسية المفصلية في السلم التعليمي، وهي اختبارات محكمة بالتنسيق مع جهات مختصة دون أي إخلال أو تأثير في العملية التعليمية، وبالمقابل هي إضافة للطالب والطالبة لتحديد المستوى، بينما تعتبر فرصة مهمة للوزارة لتقييم أدائها بشكل أدق في مراحل التعليم المختلفة، وتعزيز وتقويم خططها التعليمية والتغلب على ما قد يعتريه من قصور. وستنتقل هذه المهمة إلى هيئة تقويم التعليم العام عند جاهزيتها.
من جانب آخر، فإن نتائج الطلاب والطالبات المتقدمة في المنافسات الدولية في العلوم والرياضيات وغيرها من جوائز التميز تعتبر مؤشرا لمعرفة مخرجات التعليم، فقد حققت المملكة المرتبة (29) بين أكثر من (100) دولة تشارك في هذه المنافسات من أوروبا وأمريكا وشرق آسيا وأفريقيا، إضافة إلى تقدم طلاب المملكة على نظرائهم كافة من الدول العربية، وهو مؤشر إيجابي ومهم، إضافة إلى اتساع دائرة الموهبة في مدارس التعليم العام وتحقيق أرقام متقدمة في أعداد المنتظمين في برامج العناية بالموهوبين ورعايتهم، وهو تأكيد على توفر الجانب النوعي في مستوى الأداء العام.
هل يعني هذا أن الوزارة لديها أيضا نية في تغيير مقرراتها الدراسية الحالية، والتحول إلى مقررات جديدة؟
• صناعة التعليم مليئة بالمتغيرات المتسارعة، على مستوى النظريات المتخصصة في طرائق التدريس، وبناء المناهج وتأليفها، ونحن في عمل يومي لمواكبة تلك المتغيرات، بل وأضيف بأننا نصحح ونحسن في مقرراتنا الحالية في كل عام، ولذلك طبعات الكتب التي بين يدي الطلاب في تغيير مستمر، ولكن التغيير الشامل للمقررات كما تم الآن هي عملية تتم على مراحل متباعدة وتفرضها ظروف ومتغيرات ملحة، والمتعارف عليه عالميا أن التغير الجذري للمناهج يكون لكل 5-7 سنوات.
لكن أستطيع القول إن المناهج الحالية هي مناهج وضعت بعناية، وتم بناؤها وفق منهجية علمية تسعى لتحقيق الفائدة القصوى من محتويات الكتب، وبما ينسجم مع سياسة التعليم في المملكة، وقد تم تأليفها من خلال فرق تأليف وطنية وبمشاركة علماء ومتخصصين وممارسين للعمل التربوي، وهي تخضع بشكل دوري للمتابعة من خلال لجان متخصصة. وآمل مشاركة أولياء الأمور والمعلمين والطلبة في تطوير المناهج وإرسال أي مرئيات أو مقترحات للوزارة.
سمو الوزير.. بالحديث عن المناهج هناك انتقادات تقدمت بها أوساط المثقفين والمراقبين للأداء التعليمي يتمثل في خطورة إدخال اللغة الإنجليزية للصف الرابع الابتدائي، وتأثيرها المباشر على اللغة العربية، مما قد يؤثر أيضا على العلوم العربية والأدبية والاجتماعية، كيف يعلق سموكم على ذلك؟
• أخي الكريم، إن أمة لا تهتم بلغتها، هي في الواقع تعيش أزمة حقيقية، بل تبني مستقبلها على أساس ضعيف، إن الدول تتبنى التدريس في مدارسها بلغتها الأم، ولا يمكن أن يتعلم الطالب بعيدا عن لسان قومه، وإن وقع ذلك فسيكون المخرج ضعيفا من حيث أولويات البناء الفكري، وترسيخ الثقافة والهوية.
هذا من جانب، ومن جانب آخر أدعى للاهتمام؛ فإن اللغة العربية هي من أرقى لغات العالم، وأوسعها وأشملها مفردات، وأدقها بيانا وتعبيرا، فهي لغة القرآن الكريم (كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون). و هي لسان خير أمة أخرجت للناس، واهتمامنا بها قبل أن يكون اهتماما قوميا وثقافيا، هو اهتمام ديني نتعبد الله به ونتقرب إليه به، فكيف نعلم طلابنا في المدارس الصلاة ونهمل في تعليمهم اللغة العربية التي يقيمون بها أركان صلاتهم، ويتعرفون من خلالها على عبادتهم وسيرة نبيهم وسنته.
سأعطي مثالا جليا حول الاهتمام باللغة العربية، عندما تم إقرار تطبيق سلسلة (ماجروهيل) الأمريكية للعلوم والرياضيات كان أول عمل قامت به الوزارة قبل إدخالها مرحلة التجريب هو نقلها من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية، بل تمت مواءمة المقرر بالكامل مع الثقافة المحلية واستبدال الصور والرموز والإشارات إلى ما يعرفه الطالب في بيئته المحلية.
إن اللغة العربية هي محور اهتمام مؤلفي المناهج وخضعت للتطوير بشكل كبير طبقت فيه أحدث المعايير، وتم تطوير المقرر ضمن المشروع الشامل للمناهج، الذي تم خلاله أيضا تطوير مقررات التربية الإسلامية، وإخضاعها للمراجعة لمدة طويلة حتى أصبحت على ما هي عليه الآن ولا تزال تراجع طوال العام وإدخال التعديلات على الطبعات التالية، بالإضافة إلى ذلك نعمل حاليا على وضع برنامج لتقوية تعليم اللغة العربية التي تعتبر الأساس لتطوير التعليم العام، وسترون بإذن الله نقلات كبيرة في تطوير تعليم القرآن الكريم.
أما إدخال اللغة الإنجليزية في الصف الرابع فقد جاء بعد دراسات مطولة حول الفترة التي يمكن فيها أن يستوعب الطالب لغة أخرى بجانب لغته الأم، واللغة الإنجليزية هي إحدى أهم لغات العالم، وهي الآن لغة موارد العلوم الحديثة، ولذا كان لزاما البحث في أفضل الطرق التي تمنح الطالب والطالبة القدرة على التعامل مع اللغة العربية واللغة الإنجليزية دون أن تؤثر إحداهما على الأخرى، وتدريس اللغة الإنجليزية في مرحلة متأخرة لم يكن مجديا خلال سنوات من تطبيق تدريس هذه اللغة في عقود ماضية، فكان هذا التطبيق مع تغيير شامل في منهج اللغة الإنجليزية، بما يعود على الطالب والطالبة بالفائدة المرجوة من تدريس هذه المادة. وهذا مهم لتقليص الفجوة بين التعليم الحكومي والأهلي ولتعزيز تكافؤ الفرص بين الطلبة سواء في الالتحاق بالجامعات أو في الحصول على وظيفة.
• سمو الوزير.. الرياضة المدرسية كثر الحديث عنها سواء للطلاب أو الطالبات ما هي خطة الوزارة تجاهها؟
• لدى الوزارة استراتيجية شاملة خاصة بالرياضة المدرسية، وتشمل الاستراتيجية إعادة بناء المناهج الخاصة بهذه المادة للطلاب، ورفع مستوى العناية بها في أوساط المتعلمين، ويتم حاليا رفع مستوى البنية التحتية للملاعب المدرسية العشبية والصالات الرياضية وتزويدها بكافة التجهيزات الكفيلة بإثراء هذه المادة المهمة، إضافة إلى مقررات خاصة للتربية الرياضية. والتركيز والاهتمام بصحة أبنائنا وبناتنا.
بصراحة، هل سيتم إدخال الرياضة لمدارس الطالبات؟
• أخي الكريم، الرياضة مفهوم وممارسة وليست فقط ألعابا محددة ومنافسات، نحن نتحدث في وزارة التربية والتعليم عن بناء مفهوم وترسيخ ملامح تنسجم مع ديننا وثوابتنا الشرعية وتوجيهات قيادتنا الرشيدة وعلمائنا الأجلاء وعلى رأسهم سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء سابقا الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- الذي أفتى بجواز رياضة البنات وفق ضوابط معينة بفتوى هذا نصها: (الرياضة تختلف فهي كلمة مجملة، فالرياضة بين البنات بأشياء لا تخالف الشرع المطهر، بمشي كثير في محل خاص بهن، لا يخالطهن فيه الرجال، ولا يطلع عليهن الرجال، أو بسباحة عندهن في بيتهن أو في مدرستهن خاصة لا يراها الرجال ولا يتصل بها الرجال، لا يضر ذلك. أما رياضة يحصل بها الاختلاط بين الرجال والنساء، أو يراها الرجال أو تسبب شرا على المسلمين فلا تجوز، فلا بد من التفصيل، فالرياضة التي تخص النساء ولا يكون فيها محذور شرعا وليس فيها اختلاط بالرجال في محل مستور ومحل بعيد عن الخلطة فلا بأس بذلك، سواء كانت بالمشي أو بالسباحة ونحوها، وهكذا المسابقة بينهن).
والرياضة التي نتحدث عنها هي تمكين الطالبة من المهارات الأساسية للثقافة الصحية البدنية التي تستطيع من خلالها المحافظة على صحتها العامة ولياقتها البدنية في كافة مراحل حياتها والتي أصبحت مطلبا ملحا في ظل الارتفاع في نسب البدانة وأمراض السكري والضغط لدى الأطفال حيث سجلت المملكة حسب تقارير منظمة الصحة الدولية نسبة عالية، ولكن مع المحافظة على القيم الدينية والمفاهيم الاجتماعية والتربوية على حد سواء.
وإدراج أي منهج دراسي في الخطة الدراسية يتطلب أن تتم دراسته وإقراره من جهات عليا ولجان مختلفة داخل الوزارة وخارجها وتشمل علماء شرعيين يقدرون كافة الأبعاد المعتبرة، بالإضافة إلى اعتبار أولويات التطوير المختلفة.
سمو الوزير.. ذوو الاحتياجات الخاصة هم فئة عزيزة على قلوبنا وهم أبناء هذا الوطن هل ترى أن الوزارة قدمت ما يجب تجاههم؟
• دعنا نحدد مفهوم التربية الخاصة أولا، ففي أدبيات التربية والتعليم ذوو الاحتياجات الخاصة هم الطلاب والطالبات غير العاديين الذين يتمتعون بقدرات أعلى من أقرانهم كالمتفوقين دراسيا والمبدعين، وكذلك الأقل من أقرانهم وهم المعوقون الذين لديهم ضعف في بعض إمكاناتهم العقلية أو حواسهم، لذلك يحتاجون إلى نمط تعليمي يتوافق مع إمكاناتهم، وسياسة التعليم نصت في عشر مواد صريحة بما يحقق الواجب علينا تجاههم، وحسب إحصاءات هذا العام فإن عدد معاهد وبرامج التربية الخاصة تبلغ قرابة 3000 للبنين والبنات ويدرس فيها حوالى 55 ألف طالب وطالبة.
يضاف إلى ذلك منظومة من الخدمات التربوية التي تقدم من خلال عدد من الأنماط والبدائل منها معاهد التربية الخاصة، وبرامج فصول التربية الخاصة الملحقة بمدارس التعليم العام، وبرامج الدمج الكلي، وكذلك برامج المعلم المتجول والمعلم المستشار ومراكز خدمات التربية الخاصة، والتي تقدم خدمات مساندة تتمثل في التشخيص، وعلاج عيوب النطق، وقياس السمع.
ويتم تزويد معاهد وبرامج التربية الخاصة سنويا باحتياجاتها من الكوادر البشرية وكذلك الأجهزة والمستلزمات التعليمية الخاصة بتعليم الطلاب المعوقين، كما تقوم الوزارة بصرف الاجهزة التعويضية لطلاب التربية الخاصة بشكل دوري كالمعينات السمعية الفردية لضعاف السمع، والمعينات البصرية بكافة أنواعها لضعاف البصر، والعصا البيضاء الخاصة بالمكفوفين، وآلة الكتابة الخاصة ببرايل، وغيرها من المستلزمات التعليمية للطلاب، كما تمنح الوزارة بطاقات التخفيض الخاصة بوسائل النقل العام الحكومية بنسبة 50% للمعوق ومرافقه من منسوبي الوزارة من الطلاب والطالبات.
بمقابل ذلك، فإن الخدمات التي تقدم أقل من المأمول وتتطلع الوزارة في هذه المرحلة إلى التوسع في دائرة خدماتها المقدمة لطلاب التربية الخاصة لتشمل فئات أخرى غير مخدومة مثل ذوي الاضطرابات السلوكية، وذوي اضطرابات اللغة والكلام، إضافة إلى الاستمرار في التوسع الكمي في الخدمات المقدمة بحيث تشمل جميع محافظات المملكة، كما تتجه الوزارة حاليا إلى التطوير النوعي في الخدمات المقدمة للمعوقين مثل تطوير الخطط والمناهج الدراسية، وكذلك الاستراتيجيات التدريسية باستخدام التقنية الحديثة، وتحسين البيئة المدرسية، وتطوير الكوادر البشرية، وسيتم الإعلان عن منظومة من البرامج خلال المرحلة القريبة القادمة بإذن الله. وسيتم قريبا إطلاق مركز متقدم للخدمات المساندة في التربية الخاصة في مدينة الرياض.
لكن اسمح لي يا سمو الوزير أن أقول إن مخرجات التطبيق لا تتفق مع البرامج والمقررات، ولهذا يذهب مئات من أبنائنا وبناتنا إلى الدول المجاورة (الأردن على سبيل المثال) بحثا عن التطبيق الجيد، فإلى متى هذا الوضع؟
• لدينا مراجعات مستمرة لأدائنا تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، ونعمل على توفير ما يحقق لهم فرصا تعليمية مناسبة أسوة بأقرانهم، وذكرت لك جانبا من تلك الجهود التي نبذلها، وتقع مسؤولية الوزارة في فئة ذوي الاحتياجات الخاصة القابلين للتعلم، وقد نظمت لهم البرامج المناسبة، لكن هناك من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة من هم بحاجة للتدريب وليس للتعليم وهي تتركز في الجانب الإيوائي ويتم ابتعاثهم على حساب الدولة وتوفير الخدمة لهم مسؤولية جهات أخرى، وهناك جهود لتحقيق الخدمة المناسبة لهم مع القطاع الحكومي والخاص.
سمو الوزير.. النقل المدرسي يشكل هاجسا يؤرق الكثيرين وأصبح مطلبا ملحا في ظل اتساع المدن وتباعد المسافات، فماذا تم فيه على أرض الواقع؟
• تقوم الوزارة منذ سنوات طويلة بتوفير خدمة النقل للطلاب والطالبات وبجهود ذاتية ومن خلال الشركات المتخصصة في هذا المجال، وأؤكد لك أن لدينا من المراجعات لهذا الموضوع والهواجس ما لدى كل مواطن ومواطنة، ونحن نعمل على توفير نقل آمن ومريح ومتخصص لكل طالب وطالبة، ولذلك فقد تم تأسيس شركة تطوير خدمات النقل التعليمي ضمن شركة تطوير القابضة والمملوكة بالكامل للدولة، وتم إسناد خدمات النقل لها، وهو مؤشر للرغبة بسرعة التوسع في الخدمات وتطويرها، وتحقيق الاستدامة في قطاع النقل المدرسي.
وقد تم مؤخرا عقد المؤتمر الدولي الأول للنقل المدرسي برعاية كريمة من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- وجرى خلال هذا المؤتمر استقطاب الشركات العالمية والخبراء المتخصصين في صناعة النقل، من أجل توطين هذه الخبرات والاستفادة منها في النقل المدرسي بشكل خاص وكذلك النقل العام.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن قرار مجلس الوزراء اعتمد خطط ومراحل التوسع بالنقل المدرسي خلال السنوات الخمس القادمة، حيث سيكون حجم التوسع في عدد النقل المدرسي 200% للطلاب والطالبات إضافة للمعلمات ورياض الاطفال والطلاب والطالبات ذوي الاحتياجات الخاصة.
• سمو الوزير.. دور الأسرة في العملية التربوية معروف لكن لا يتحقق إلا من خلال برنامج مدروس، فماذا أعدت الوزارة لإشراك الأسرة في العملية التعليمية؟
• الأسرة هي الشريك الرئيس للمدرسة في تحقيق أهداف العملية التربوية والتعليمية، وهي تسهم مع وسائل الإعلام بقوة في تشكيل الثقافة العامة وبناء شخصية الأفراد، فالطالب يبقى في المدرسة ست إلى سبع ساعات، بينما يتواصل مع أسرته في المتبقي من وقته وهو الأكثر، لذلك تبقى الأسرة هي المشكل الرئيس لشخصية الطالب والطالبة، والشراكة بين الأسرة والمدرسة شراكة استراتيجية تهدف إلى التكامل نحو ما يحقق المصلحة بإذن الله.
أعلنتم عن مشروع أندية الحي في مناطق ومحافظات المملكة، كيف وجدتم بوادر التجربة التي بدأ تطبيقها حاليا؟
• هذه الأندية هي نواة لتحقيق الشراكة المجتمعية بين المدرسة والمجتمع ونستهدف خلال الفترة القادمة تأسيس 1000 نادٍ في الأحياء وهي فكرة تعتمد على الاستفادة من المنشآت التعليمية بشكل أكبر وفتحها للمجتمع، وتحقق التواصل المأمول الرامي إلى تحقيق مشاركة مجتمعية تعتمد توفير مساحة لممارسة الأنشطة الترفيهية والثقافية المختلفة، وكذلك تبادل الخبرات والمهارات بين مرتادي النادي من أبناء الحي، وليس الطلاب فقط بل وحتى أولياء الأمور من المواطنين والمقيمين.
وقد تم تأسيس أكثر من 50 ناديا وأثبتت -ولله الحمد- فاعليتها خلال الأشهر الماضية، والوزارة ماضية في التوسع في إنشائها في إطار يحافظ على استدامتها وتحقيق الفائدة المرجوة منها.
سمو الوزير.. يبقى المبنى المدرسي أهم أضلاع مثلث العملية التعليمية، وانتقادات عدة توجه لوزارة التربية والتعليم بسبب مبانيها المدرسية، كيف تقيم جدية تلك الانتقادات ومصداقيتها؟
• بلا شك هي انتقادات جادة وبناءة وتستهدف الوصول إلى الأفضل، ولا يساورنا الشك في وطنية وأمانة من ينتقد أداء الوزارة تجاه ذلك، وربما نختلف ونتفق حول واقع هذا الانتقاد، نحن نتابع في الوزارة تنفيذ خطة تهدف إلى الانتهاء من المباني المستأجرة أو غير الصالحة للتعليم، ولدينا تعاون وتنسيق قائم مع المديرية العامة للدفاع المدني حول هذا الموضوع، وتتم المعالجة بشكل متسارع لكثير من تلك الملاحظات التي ترد للوزارة من الميدان التربوي أو وسائل الإعلام أو من أفراد المجتمع أو الجهات الرقابية.
ولكن بجانب تلك الانتقادات لدى الوزارة جهود كبيرة ومتزايدة في إنشاء المباني المدرسية وتطويرها بشكل ملحوظ حيث قامت الوزارة بتطوير آليات لادارة المشاريع مكنت الوزارة من استلام 3200 مشروع خلال السنوات الأربع الماضية وبمعدلات سنوية غير مسبوقة في تاريخها بلغت 3.3 مشروع يوميا، واستفاد من تلك المشاريع ما يزيد على 1.5 مليون طالب وطالبة، وذلك يعادل 30% من إجمالي الطلاب والطالبات، وتم الاستغناء عن 2669 مبنى مستأجرا، منها 806 مبان متدنية الجودة، لتنخفض نسبة المباني المستأجرة من 41% في عام 1430هـ الى 22% هذا العام.
كما أنهت الوزارة استكمال إجراءات طرح وترسية 868 مشروعا جديدا العام الحالى ستكون بديلة لـ1200 مدرسة مستأجرة إضافة إلى ما يقارب 2012 مشروعا تحت التنفيذ، من المقرر أن ينقل إليها 3877 مدرسة، منها 2413 مدرسة مستأجرة ومن المتوقع ان يستفيد منها 400.000 طالب وطالبة وسترتفع بذلك نسبة المباني الحكومية إلى ما يقارب 90% لتقترب الوزارة من تنفيذ خطتها الاستراتيجية للتخلص من المباني المستأجرة، إضافة لترميم وتأهيل أكثر من 4400 مبنى مدرسي وتنفيذ أكثر من 1800صالة متعددة الأغراض وملعب عشبى خلال السنوات الأربع الماضية وتوحيد أساليب التشغيل والصيانة وتطوير العقود والمواصفات والمقايسات بما يضمن جودة الأعمال المنفذة وإطالة العمر الافتراضي للمباني القائمة وجعلها أكثر ملاءمة للعملية التربوية والتعليمية، كما تم مؤخرا توقيع عقد مع شركة عالمية متخصصة لإعداد تصاميم جديدة للمدارس وفق رؤية طموحة لتحسين البيئة المدرسية، وسيتم أخذ مرئيات المهتمين قريبا حول ذلك.
والوزارة تعمل مع شركة تطوير للمباني (وهي مملوكة بالكامل للدولة) لتتولى مشروعات المباني المدرسية، وقد صدر أمر سام مؤخرا لإسناد نشاط المباني للشركة بناء على توصية الوزارة، ونتوقع بإذن الله أن تحقق الشركة بعد تأسيسها نقلات نوعية كبيرة في وقت وجيز، كما أنها ستخفف العبء بشكل كبير على الوزارة وإدارات التربية والتعليم، بما سيزيد التركيز على العملية التربوية التعليمية ويحسن المخرجات التعليمية.
ورغم كل ما سبق، فهناك جملة من التحديات التي تقف أمام الوزارة في المواقع التي تمثل هاجسا حقيقيا والتي من أهمها صعوبة الحصول على الأراضي، إضافة إلى ضعف بعض المقاولين والذي ينتج عنه تعثر بعض المشاريع التعليمية، إضافة إلى أن إعادة تأهيل بعض المدارس وترميمها تتطلب إخلاء المدارس وتحويل طلبتها إلى مدارس أخرى أو مواقع مستأجرة وهو ما يمثل أيضا تحديا أمام الوزارة، وبمقابل ذلك توضع الحلول ويتم تنفيذها وفق خطط زمنية.
المجتمعات التعليمية
سمو الوزير.. هناك مدارس عدد من ينتظم فيها أقل من 10 طلاب أو 20 طالبا، ويكلف المعلمون والمعلمات بالتنقل بين مقار إقامتهم إلى تلك المدارس وبعضها في مناطق نائية ولا تتوفر فيها الخدمات، والبعض ينظر لها على أنها هدر للمال العام فكيف تنظرون أنتم إليها؟
• أتفق معك تماما على وجود هذه المدارس ولكن لا أتفق مع من يرى فيها هدرا للمال العام، بل يؤكد حرص الدولة على توفير التعليم للجميع، ولكن دعنا نكن أكثر موضوعية في هذا الصدد، لدينا مدارس صغيرة وصغيرة جدا وحصرناها بالمدارس التي يدرس فيها أقل من 50 طالبا، ولكنها جاءت في إطار التوسع الأفقي والكمي الذي يبحث عن الطالب والطالبة لتعليمه من منطلق مسؤولية الدولة، وبدأ البحث عن الأسلوب النوعي الذي يلبي اتجاهات الدولة في التوسع، وينسجم مع خطط التطوير التي يشهدها التعليم.
من هذا المنطلق جاء البحث في الحلول الاستراتيجية بعيدة المدى ووصلنا في وزارة التربية والتعليم إلى فكرة إنشاء المجمعات التعليمية التي توفر بيئة تعليمية أفضل (للطلاب والطالبات) وتحسن جودة المخرجات التعليمية وطريقة للمعالجة على مختلف الأوجه، وهو مشروع ينسجم مع التوجهات الرامية إلى تطوير التعليم في كافة جوانبه وتقديم الخدمة التعليمية المتميزة لجميع فئات وشرائح المجتمع.
وهذا المشروع هو معالجة لكثافة أعداد المدارس الصغيرة من خلال إقامة مجمع تعليمي يضم مرحلة أو أكثر من المراحل التعليمية الثلاث في نطاق خدمة معين (داخل المدن وخارجها) ويستهدف هذا النطاق المدارس ذات الأعداد المتدنية من الطلاب وهي المدارس التي يقل العدد فيها عن 90 (طالبا/طالبة في المرحلة الابتدائية) وعن 45 (طالبا/طالبة) في المرحلة المتوسطة والثانوية بحيث يقدم لهم المجمع خدمات متميزة لا تتوفر في المدارس التي سينتقلون منها، والتي قد تضاهي أو تفوق بعض مدارس المدن.
هل هي فكرة قيد الدراسة أم مشروع تم تنفيذه فعليا على أرض الواقع؟
• المشروع حيز التنفيذ بدءا من العام الدراسي الحالي وتم تدشين 7 مجمعات تعليمية نقل إليها 45 مدرسة صغيرة، ويستفيد منها أكثر من 1100 طالب وطالبة، وتمت تهيئة هذه المجمعات وتجهيزها بكامل احتياجاتها والتي تشمل المعامل والمختبرات ومصادر التعلم إضافة إلى ملاعب مزروعة وصالات مغلقة وسبورات ذكية وغيرها، إضافة إلى توفير الكادر البشري الإداري والتعليمي والفني وكذلك توفير النقل المدرسي والتغذية لجميع الطلاب والطالبات ونفذ في منطقة الباحة ومنطقة حائل ومحافظة الدوادمي ومحافظة القويعية.
وتم حصر 236 نطاق خدمة يشمل عددا من المدارس الصغيرة وسيطبق فيها مشروع المدارس الصغيرة خلال العامين القادمين ويتم حاليا الإعداد لتهيئة 236 مجمعا تعليميا سيستفيد منها 46646 طالبا وطالبة في هذه النطاقات التي كانت تخدمها 1039 مدرسة صغيرة.
ملاحظات شرعية على البرامج
• سمو الوزير يتحدث البعض عن وجود ملاحظات شرعية في بعض برامج الوزارة ومناشطها وتكثر الكتابات في وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة كالتويتر وغيره عن بعض الملحوظات الأمر الذي قد يؤثر على علاقة الوزارة بالمستفيدين ومدى موثوقية المجتمع ببرامج الوزارة ومساهمته فيها وتقبلها.. فما رأي سموكم في ذلك؟
• بداية أود التأكيد على نهج الوزارة وحرصها الواضح في تطبيق ما قضى به نظام الحكم وسياسة التعليم العام (التي تنبثق من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدة وعبادة وخلقا وشريعة وحكما ونظاما متكاملا للحياة) ويتواصل مع وزارة التربية والتعليم أحيانا عدد من أهل الخير والعلم الذين لا أشك في حسن نواياهم ونصيحتهم وكذلك العديد من المتخصصين في مجالات التربية ويقدمون مرئياتهم وتتم دراستها والإفادة منها. وقد قابلت ويقابل زملائي النواب ومسؤولو الوزارة العديد منهم وتتم محاورتهم في أجواء من التفاهم والثقة.
كما أن لدى الوزارة وقياداتها لقاء دوريا مع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة، وكذلك اتصالا دائما مع عدد من أعضاء هيئة كبار العلماء ومنهم أعضاء في لجنة ذات علاقة بأعمال الوزارة.
ولمزيد من توطيد أواصر الثقة بين الوزارة وكافة فئات المجتمع فقد بادرت الوزارة بتشكيل فريق استشاري يتكون من عدد من أصحاب الفضيلة المتخصصين في العلم الشرعي من عدد من الجامعات السعودية يطلعون على كافة برامج الوزارة وأنشطتها ويقدمون الرؤية الشرعية والملاحظات في كافة القضايا التي يرون أهمية إبداء الرأي فيها، أو التي تحال إليهم من مسؤولي الوزارة بكل حرية وتجرد وقد قابل هذا الفريق سماحة مفتي عام المملكة وعددا من أصحاب الفضيلة أعضاء هيئة كبار العلماء وأصحاب الاهتمام، والوزارة حريصة على الإفادة من كل رأي ناصح وطرح مفيد.
بناء وتحفيز القيادات
سمو الوزير.. قبل أن أختم معكم هذا الحوار، أود السؤال حول منظومة القيادة التربوية على مستوياتها المختلفة، وسؤالي هو عن ماهية الدور الذي تعلقونه على مديري المدارس ومديري التعليم في المرحلة القادمة؟
• الدور المأمول كبير جدا ونعمل على بناء الثقة وتمكين القيادات القادرة على بلورة جهود الوزارة في الاتجاهات الفاعلة التي تحقق الخطط التي تم وضعها وتواكب المستجدات في المرحلة المقبلة، وذلك يقوم على منح وتفويض الصلاحيات وتمكينهم من الأدوات وبالمقابل المحاسبة وترسيخ مفاهيم الحوكمة، ونحن نعمل الآن على إمداد القيادات الحالية بالخبرات التي ستساعد خلال المرحلة القادمة في تعزيز دور الوزارة ومنح إدارة التربية والتعليم وكذلك المدرسة المزيد من الاستقلالية في اتخاذ القرار.
ولا يمكن لمسؤول في وزارة التربية والتعليم متابعة أداء 33 ألف مدرسة وإصدار القرار اللازم ولا يستطيع مدير التعليم ممارسة ذلك من خلال إدارته لمدارس قطاعه، ومن هنا جاءت أهمية العمل على تطوير الأدوات والإجراءات التي يتم من خلالها تنفيذ العملية التربوية والتعليمية وضبطها والعمل في إطار مهني ودقيق، وتوفير الوسائل الكفيلة بالمتابعة والدعم والمساندة آليا، وتتضمن خطة الوزارة في المرحلة القادمة الاعتماد على التقنية بشكل واسع في ادارة العمل التربوي، وتجسير الفجوات من خلال ممارسة الصلاحيات وتمكين الممارسين في الميدان من أداء الأدوار المأمولة منهم.
وقد تم وضع برنامج ضمن مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم يعنى ببناء القيادات وصناعتها لممارسة العمل الإداري على أسس منهجية وعلمية ومهنية، وسيعمل هذا البرنامج على تطوير القيادات الحالية واستقطاب وتهيئة الراغبين لممارسة العمل القيادي في وزارة التربية والتعليم وفق رؤية طموحة بهذا الاتجاه، كما تعمل الوزارة على مشروع تحفيز قيادات العمل التربوي بما يتناسب مع الجهد الذي يقومون به في الميدان التربوي، وستعلن بإذن الله في حال اكتمالها.
سمو الوزير.. اسمح لي أن أطرح سؤالا فيه الكثير من تساؤلات المهتمين بالتعليم في بلادنا: هل أنت راض عما تحقق منذ توليكم الوزارة، أي ما يقارب 4 سنوات؟
• شعور الرضا مطلب صعب، في ظل التطور المتسارع في صناعة التعليم، ولكن أقول إننا نعمل في وزارة التربية والتعليم -وأعني الجميع بلا استثناء مسؤولين وموظفين ومعلمين- لنحقق شيئا يضاف إلى مسيرة العمل التربوي والتعليمي التي تدخل في عام 1434هـ، عامها التسعين.
سأكون أكثر دقة وألخص في عجالة أهم ما تم إنجازه -بتوفيق الله- خلال هذه الفترة الماضية، ثم بدعم القيادة ومشاركة زملائي وزميلاتي في الوزارة، والتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.. أولا حرصنا على البناء على ما تم في الفترة التي سبقتنا، واستكمال المشاريع الاستراتيجية التي كانت قد بدأت، ووضع رؤية تنسجم مع ما تم تحقيقه وتستهدف تحقيق رؤية مستقبلية طموحه، وبدأ العمل على إعادة هيكلة الوزارة لتتناسب مع المحددات الجديدة التي ترتكز على أن تكون ذات طابع يقلل من المركزية تدريجيا ويكون أيضا نشطا وقائما على التنظيم وذا كفاءة عالية، وقد قاربنا على الانتهاء من ذلك، والهيكلة الجديدة ستخدم السنوات العشر القادمة -بإذن الله-، وتشمل هذه الهيكلة البناء على استراتيجية توحيد قطاعي البنين والنبات بما في ذلك الإدارات والوكالات المتناظرة وإدارات التربية والتعليم. وقد تحقق -بحمد الله- خلال المرحلة الماضية تعزيز اللامركزية من خلال التوسع في صلاحيات مديري التربية والتعليم، ومديري المدارس، والتي أصبحت ممارسة في الميدان التربوي فعليا ويتم حاليا تقييم مستوى الأداء بعدد من المعايير، كما تم اعتماد وتنفيذ صرف ميزانية تشغيلية للمدارس، وتم أيضا -ولله الحمد- اعتماد التشكيلات المدرسية من مجلس الوزراء.
أضيف إلى ذلك خفض نسبة المباني المستأجرة بشكل عام من حوالى 41% إلى حوالى 22%، وهذا باستثناء المدارس الصغيرة التي يدرس فيها 50 طالبا أو أقل، ويجري العمل الآن على معالجة وضعها من خلال إنشاء المجمعات المدرسية في القرى والمواقع النائية وبجودة عالية، يضاف إلى ذلك التوسع في الصالات متعددة الأغراض في المدارس، وبناء المرافق التعليمية المساندة التي تدعم العملية التربوية والتعليمية.
أيضا ما تحقق -ولله الحمد- من الإفادة من مخرجات الجامعات واستيعاب ما يقارب ربع مليون من المهيئين للتدريس والعمل في وزارة التربية والتعليم من خلال التثبيت والتعيين، كذلك إطلاق جائزة التربية والتعليم للتميز وتطبيق اختبار الكفايات للمعلمين والمعلمات، كما تم الانتهاء من مشروع رتب المعلمين ورفعه للجهات العليا لاتخاذ قرار بشأن تطبيقه.
وعلى الصعيد التنظيمي الاستراتيجي، فقد تم صدور قرار مجلس الوزراء لإنشاء هيئة تقويم التعليم العام، والموافقة على توسيع الشراكة مع القطاع الخاص، وفي ضوء ذلك تم تأسيس ثلاث شركات حكومية مملوكة بالكامل لشركة تطوير التعليم القابضة المملوكة للدولة، وهي شركة للنقل المدرسي، وشركة للخدمات التعليمية، وأخرى للمباني. وعلى صعيد التنفيذ فقد صدرت موافقة المقام السامي على إسناد نشاط النقل المدرسي والمباني والتغذية لهذه الشركات بحيث تتفرغ الوزارة وإدارات التربية والتعليم لدورها الأساسي، والهدف هو الرواق المعرفي وبناء الشركات المساندة للخدمات التعليمية للوصول إلى بناء اقتصاد معرفي مستدام ذي قيمة مضافة.
وتم -بتوفيق الله- تعميم المقررات الدراسية الجديدة للرياضيات والعلوم على جميع الصفوف الدراسية، والتوسع في تطبيق نظام التعليم الثانوي المطور (نظام المقررات) وستصل نسبة تعميمه إلى 27%، ويجري حاليا البدء في تعليم اللغة الإنجليزية من الصف الرابع الابتدائي وتم إعداد واعتماد سلسلة عالمية حديثة لمقررات اللغة الإنجليزية.
كما تم أيضا تعميم المشروع الشامل للمناهج الذي يضم مقررات مواد التربية الإسلامية واللغة العربية ومواد الاجتماعيات، وتتم الآن مراجعة وتقييم مناهج جديدة لرياض الأطفال تمهيدا لتطبيقها مع مراحل التوسع الحالية في رياض الأطفال، وأضيف كذلك البدء في مشروع مناهج جديدة للحاسب الآلي تحقق درجات عالية من الجودة في تدريس هذه المادة الحيوية وتم اعتماد تنفيذ معامل الحاسب الآلي والتوسع فيها وبلغت الآن 130 ألف جهاز حاسب آلي.
وفي الإطار المهني، يتم حاليا وضع معايير شاملة لتفاصيل العملية التربوية والتعليمية كافة، تشمل الطالب والمعلم والمبنى المدرسي والمقررات الدراسية، وهي معايير تضبط الأداء العام ويتم من خلالها حوكمة أنشطة الوزارة وتقييمها بمهنية وعلمية، وهذه المعايير يتم وضعها من خلال مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم بالتعاون مع المركز الوطني للقياس والتقويم.
كما تم -بحمد الله- تنفيذ أولمبياد وطني للإبداع العلمي يشارك فيه ما يزيد على 50 ألف طالب وطالبة، وهو يعد أحد ميادين المنافسة العلمية التي تحقق مستوى من الإبداع والمنافسة بين طلاب وطالبات التعليم العام، وكذلك تنفيذ معرض إبداع معلم الذي اختتم بمنافسة إبداع معلم حيث تنافس المعلمون والمعلمات في مناطق ومحافظات المملكة على مستوى الإبداع في عرض المادة التعليمية وابتكار الوسائل التعليمية، يضاف إلى ذلك ما تحقق من نتائج متقدمة لطلابنا وطالباتنا في المسابقات والمنافسات الدولية في العلوم والرياضيات والفيزياء وغيرها، والتي جعلت المملكة تحتل المرتبة 29 من بين أكثر من 100 دولة فضلا عن الصدارة عربيا في تلك المنافسات.
كما تم خلال السنوات الثلاث الماضية وضع العديد من الأنظمة والتشريعات المتعلقة بالأداء التعليمي على مستوى الوزارة وإدارات التربية والتعليم، وتقنين الكثير من الإجراءات والتعاملات المختلفة في الميدان التربوي.
كل ذلك نستطيع تقدير حجمه الفعلي بالقياس مع أعداد المستفيدين من خدمات الوزارة واتساع الرقعة الجغرافية، وتقدير أهمية استقرار وضبط الخدمة التعليمية خلال السنة الدراسية، ومن هنا أشعر بالرضا تجاه ما تم تقديمه في إطار تجسير البناء المؤسسي للتحول نحو مجتمع المعرفة، وأن الخطوات التي تم إنجازها خلال المرحلة الماضية ستكون أساسا متينا يمكن -بإذن الله- الاعتماد عليه لتطوير العملية التربوية والتعليمية، وأجزم بأن تحديات المستقبل واستهداف المنافسة العالمية واستحضار تطلعات قيادة هذا الوطن وآمال المواطنين تتطلب مضاعفة الجهد لتحقيق أعلى معدلات الجودة في صناعة التعليم وتحدي هامش الزمن لتحقيقها.
سمو الوزير.. كلمة أخيرة تختمون بها هذا الحوار.
• أؤمن بأن وزارة التربية والتعليم هي وزارة الوطن، وهي البوابة الرئيسة لبناء الإنسان، وأن العناية التي توليها حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- وسمو ولي عهده سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- شاهد على أهمية الدور المأمول من وزارة التربية والتعليم تجاه هذا الوطن، وأن التربية والتعليم هي عملية تتشارك فيها كل مكونات هذا الوطن من مؤسسات وأفراد، وواجبنا التكاتف نحو تجويد العملية التربوية والتعليمية لتحقيق التطلعات.
الجهود التي تبذل في وزارة التربية والتعليم حاليا هي خطوات متسارعة نحو تحول كبير سيشهده التعليم في بلادنا -بإذن الله- خلال السنوات القريبة القادمة، كما لا يفوتني بهذه المناسبة أن أقدم أجزل الشكر لكل من تعاون مع وزارة التربية والتعليم من جهات وأفراد وأخص بالشكر وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية ووزارة الشؤون البلدية والقروية والدفاع المدني وأرامكو السعودية والهيئة الملكية للجبيل وينبع الذين كان لتعاونهم آثار إيجابية واضحة في ما تحقق وسيتحقق بإذن الله.
وأسأل الله أن يسدد جهودنا ويبارك في الخطى وهو ولي التوفيق، كما أدعو المهتمين إلى زيارة الوزارة للاطلاع على الإنجازات المختلفة وتقديم المقترحات والملاحظات.