-A +A
عبدالقادر فارس (غزة)

توقع عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول ملف المصالحة الفلسطينية الإعلان خلال أسبوعين عن تحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس. وقال الأحمد في حوار مع «عكاظ» إنه سيتم في الأيام المقبلة اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه، مشيرا الى لقاء مرتقب بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس واجتماع للجنة العليا للقيادة الفلسطينية. واعتبر تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في المنظمة الأممية حدثا استراتيجيا سيغير قواعد اللعبة. وقال إن هذا الحدث ودحر العدوان الاسرائيلي على غزة مؤخرا يشكلان انتصارين مطالبا بتحقيق الانتصار الثالث المتمثل في انهاء الانقسام الفلسطيني. ورأى أنه سيأتي اليوم الذي يقف فيه المسؤولون الاسرائيليون أمام محكمة الجنايات الدولية لمحاكمتهم على ما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني. وفيما يلي نص الحوار:



• تحقق للفلسطينيين في شهر نوفمبر الماضي نصران في غزة ونيويورك، باندحار العدوان الاسرائيلي، ومنح فلسطين وضع دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، فكيف ترون هذين الإنجازين؟ وما المطلوب لتعزيزهما؟

• لا شك انهما حدثان مهمان خاصة في هذه المرحلة. فصمود أهلنا في وجه العدوان الاسرائيلي في غزة و فرض التهدئة، ثم قرار الأمم المتحدة منح فلسطين وضع دولة مراقب تحت الاحتلال، وحدا مشاعر الفلسطينيين. والحدثان يؤكدان حقيقة يجب استخلاصها وهي أنه لا يمكن التصدي للعدوان في ظل الانقسام . ويجب التأكيد على أن الانتصار الذي تحقق في الأمم المتحدة استراتيجي وتحول في عملية السلام. وعلينا الا نقلل من شأنه ونقول إنه رمزي. بل هو حدث استراتيجي سيغير قواعد اللعبة. ويجب ايضا تحويله الى فعل مادي نستفيد من مزاياه والحقوق الفلسطينية المترتبة عليه من اجل مواجهة الاحتلال. والخطوة الاولى التي علينا ان نعمل لتحقيقها بعد هذين الانتصارين هي تحقيق الانتصار الثالث المتمثل في انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة وإعادة اللحمة والوحدة لأبناء الشعب الواحد والسلطة الواحدة والدولة الواحدة.

• ردت إسرائيل على الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة، باتخاذ إجراءات عقابية، تمثلت في توسيع الاستيطان في القدس والضفة الغربية، ووقف تحويل أموال السلطة، بزعم أن دولة فلسطين لا تتحقق الا بالمفاوضات، فما ردكم على هذا الموقف الاسرائيلي؟

• نحن لسنا ضد المفاوضات، لكن أي مفاوضات تتحدث عنها اسرائيل؟ فنحن نعلم أن أي صراع في كل حركات التحرر ينتهي بالمفاوضات. وحتى التهدئة في غزة تم التفاوض حولها. فالمفاوضات بين الأعداء مسألة واقعية وجزء من الصراع، لكن قواعد اللعبة تغيرت رغم أنف نتنياهو. والاستيطان الاسرائيلي غير شرعي بموجب قرارات الامم المتحدة. ونقول للاسرائيليين ابنوا ما تشاؤون ففي آخر المطاف سيتم تفكيك هذه المستوطنات مثلما حدث في مستوطنة ياميت في سيناء وهدم جميع المستوطنات في قطاع غزة والمستوطنات الأربع في منطقة جنين. فكل المستوطنات الاسرائيلية غير شرعية وغير قانونية وفق قرارات الشرعية الدولية.

• أصبح يحق لفلسطين - بعد منحها صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة - تقديم شكاوى أمام محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة اسرائيل على جرائمها وممارساتها في الأراضي المحتلة، فهل تنوون الاستفادة من هذا الحق قريبا؟

• نحن لا نريد أن نستبق الأمور ونحول أنفسنا الى أدوات تكتيكية، قد تتخذ من بعض الدول الأوروبية ذريعة ضدنا في الوقت الحالي. فقضية محكمة الجنايات الدولية جزء من الحقوق المترتبة لنا، وبالتالي نحن الذين نحدد متى وكيف سنختار استخدام حقوقنا سواء في مجلس الامن او منظمة حقوق الانسان أو اتفاقية جنيف الرابعة او محكمة الجنايات الدولية، لكن بالتأكيد سيأتي اليوم الذي ستقف فيه اسرائيل أمام المحاكم الدولية، لمحاسبة مسؤوليها على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني؟

• برزت مؤخرا مواقف أوروبية تندد باعتزام اسرائيل بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة الغربية، غير أن اسرائيل تقول إنها لا تأبه بالمواقف الدولية، فكيف تقرؤون هذه المواقف الأوروبية؟

• الموقف الأوروبي رائع ويستحق التقدير. وقد لاحظنا خلال التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحد كيف صوتت الدول الكبيرة والمؤثرة لصالح الطلب الفلسطيني، وإن كانت امتنعت بعض الدول الأوروبية عن التصويت مثل بريطانيا والمانيا إلا أنها عادت وصححت خطأها. وأدانت قرارات الاستيطان التي أعلنت عنها حكومة نتنياهو. ووصل الأمر الى استدعاء سفرائها في تل أبيب. وحتى امريكا أكدت على أن الاستيطان عقبة في طريق السلام، وأنه ينهي عمليا حل الدولتين، الذي نادى به الرئيس باراك أوباما في بداية ولايته الأولى. ونطالب اشقاءنا العرب أن يتخذوا مواقف مماثلة ويقدموا للفلسطينيين المساعدات التي تعهدوا بها. فشبكة الأمان ضرورة سياسية ومالية من أجل التصدي لإسرائيل. وأقول للفلسطينيين تذكروا أنه عندما نكون موحدين سيكون الموقف الاوروبي الى جانبنا أكثر مما هو عليه الآن. وعندما يكون العرب الى جانب فلسطين ولا يخضعون للضغوط والابتزاز الأمريكي سيغير العالم مواقفه لأنه لا يفهم سوى لغة المصالح. ولذلك علينا ان نوحد صفوفنا ونلتحم بأشقائنا العرب لنقف صفا واحدا في وجه الاحتلال.

• ظهرت بوادر للتقارب بين حركتي فتح وحماس. وشارك قياديون فتحاويون في الاحتفال بذكرى انطلاقة حماس في غزة مؤخرا، بينما سمحت السلطة الفلسطينية لحركة حماس بإقامة مهرجانات في الضفة الغربية وتتردد أنباء عن قرب عقد لقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، فهل نحن على أبواب مصالحة فلسطينية حقيقية؟

-• آن الأوان الا نتحدث كثيرا عن مظاهر الانقسام الفلسطيني. ولا يكفي الحديث عن إطلاق سراح معتقلين هنا وهناك، أو عودة بعض عناصر فتح لغزة، فنحن لسنا تحت احتلال وبالتالي علينا ان لا نعير مثل هذه الأمور في المرحلة الراهنة أي اهتمام، رغم انها خطوات ايجابية باتجاه تهيئة الأجواء للمصالحة. ولاحظ الجميع الأجواء الإيجابية والطيبة في احتفالات حماس في غزة والضفة الغربية. ويجب بعد كل هذا ان نسرع في انهاء الانقسام، وأنا اقول لكل الفلسطينيين آن الأوان ان تنتفضوا في وجه أي قائد او تنظيم يعرقل تنفيذ اتفاق المصالحة وإنهاء الانقسام . ومن المؤكد أن هناك خطوات على الأرض سيبدأ تنفيذها خلال الأيام المقبلة حيث اللقاء المرتقب بين الرئيس ابو مازن وخالد مشعل. ولكن ذلك مرتبط باستقرار الأوضاع في مصر للاستفتاء على الدستور المصري الجديد.

كما سيعقد اجتماع قريب للجنة العليا للقيادة الفلسطينية التي تضم أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، وشخصيات وطنية مستقلة، من أجل تفعيل منظمة التحرير. والاتصالات جارية على قدم وساق من أجل عقد جلسات تطبيق اتفاق المصالحة وإنهاء الانقسام، حيث إننا لسنا بحاجة لمفاوضات أو محادثات جديدة، فقد تم التوقيع على اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة . والمطلوب الآن الاتفاق على التنفيذ فقط، وأنا أقول إن الفرصة متاحة الآن بشكل كبير بعد التقارب الذي تم في أعقاب حرب غزة، وقبول عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة. والمسألة الآن ظرفية بسبب انشغال الراعي المصري حاليا بترتيب أوضاعه الداخلية. وفي اعتقادي ستكون خلال الأسبوعين المقبلين هناك بشائر مفرحة للشعب الفلسطيني بالإعلان عن إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية.