-A +A
إبراهيم القربي (جدة)

«تعودنا على النقص» نزلت هذه العبارة كالصاعقة على المواطن علي الحربي عندما سمعها من موظفة مخصصة لاستقبال حالات المخاض.

الحربي الذي أصيب بالذهول قالت له الموظفة «لدينا أزمة حضانات، وسنعمل على تأمين حضانة».

هذا الحديث يعكس واقع أزمة الحضانات في العاصمة الاقتصادية جدة التي أصبح سكانها يتمنون أن لا تلد نساؤهم قبل إتمام الشهر التاسع حتى لا تحفى أقدامهم بحثاً عن حضانة في مستشفيات أصبحت متخمة بالأطفال الخدج.

جدة المدينة الساحلية الكبرى التي يزيد عدد سكانها على خمسة ملايين مواطن ومقيم لا يوجد فيها سوى مستشفيين مخصصين للولادة والأطفال، ورغم نداءات المواطنين الدائم بتأمين حضانات إضافية، وتسريع مشروع مستشفى الولادة الجديد، قالت لـ«عكاظ» أمس الأول الشؤون الصحية في المحافظة أن مشكلة النقص التي تواجهها مستشفيات المحافظة في حضانات الأطفال أزلية وتعودت عليها المحافظة.

في المقابل، ناشد أبناء جدة وزارة الصحة بالعمل سريعاً لتوفير حضانات اضافية وسرعة انجاز المشاريع الصحية التي تشهدها المحافظة وزيادة عدد مستشفيات وعيادات النساء والولادة.

«عكاظ» وقفت على معاناة المراجعين والمراجعات، وأزمة الحضانات داخل المستشفيات الحكومية وأقسام الولادة، المواطن مازن الزيادي يعيش صدمة حقيقية ومعاناة بعد دخول زوجته الى قسم الطوارئ بمستشفى المساعدية للولادة والأطفال، وهي في حالة حرجة جدا، يقول الزيادي: زوجتي حامل في الشهر السادس تقريبا، وبدت عليها بعض الأعراض الصحية تمثلت في ارتفاع الضغط، اعتقدت في بداية الأمر أنها أعراض حمل بسيطة، غير أن الاطباء أكدوا أن الوضع غير مستقر ما ينعكس على صحة زوجتي والجنين، فقرروا إدخالها الى قسم التنويم بعد أن ظلت في قسم الطوارئ لساعات، ومن هنا بدأت المعاناة بعد تشخيص الحالة بالولادة وأن الجنين عير مكتمل النمو ومن المتوقع أن تتم الولادة مبكرا، رضينا بما قدره الله، ولعله خير.. لكن صدمنا بإبلاغنا بعدم توفر حضانة داخل المستشفى، وتصريف المرضى بهذه العبارة واللجوء للمستشفيات الخاصة التي تستنزف الجيوب.

وطالب توفيق محمد، موظف في احد القطاعات الحكومية من وزارة الصحة، بزيادة عدد الحضانات داخل المستشفيات وتخصيص أماكن خاصة للحلات الحرجة التي تستدعي الرعاية الصحية، خصوصا الطفل الخديج وناقصي النمو الذين يحتاجون لعناية ومراقبة صحية.

وقال توفيق: هناك مشكلة حقيقية في قسم الحضانات، فقد طغت عبارات الاعتذار عن توفر الحضانة في الوقت الحالي معربا عن أسفه لعدم معالجة هذا الوضع ومراعاة ظروف المرضى والأمهات اللائي هن بحاجة إلى حضانة، لكنها غير متوفرة حتى أن الممرضات يحاولن تصريف المراجع قبل الولادة، وإخباره أنه لا تتوفر حضانة مطالبا بتزويد المستشفى بأعداد إضافية من الحضانات لاستيعاب المواليد الجدد، خاصة أن هناك من لا يستطيع دفع تكاليف أجرة الحضانات.

وفي الوقت الذي لا يتجاوز فيه عدد الحضانات في مستشفيات جدة الحكومية من 13-15 حضانة للأطفال الخدج في المستشفى الواحد، مثل مستشفى الملك عبدالعزيز، ومستشفى الولادة والأطفال بالعزيزية، بينما يصل في بعضها كما في مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز إلى 30 حضانة، و60 حضانة في مستشفى المساعدية، غير أن الشؤون الصحية في جدة تواجه حرجا كبيرا في استيعاب الأطفال المتوقع ولادتهم مبكرا أو غير مكتملي النمو.

مدير مستشفى الولادة والاطفال في العزيزية الدكتور ياسر الغامدي، أوضح أن هناك 13 حضانة عادية وعناية مركزة معتمدة داخل المستشفى، وتعمل بكفاءة عالية، كاشفا عن زيادة في عدد الحضانات تصل الى 60 سريرا، من خلال مشروع توسعة داخل المستشفى.

وبين الغامدي أن هناك آلية للتعامل مع حالات المواليد الخدج الذين يحتاجون للحضانة، مشيرا إلى أن هناك ثلاث فئات للحضانات وهي عناية مركزة المزودة بتنفس صناعي، الحالات المتوسطة في الخطورة، حالات بعيدة عن الخطورة ولكنها تحتاج إلى عناية.

وأضاف الغامدي: نسعى الى تقديم أفضل الخدمات للمراجعين، من خلال تقييم الحالة وتحديد احتياجها للتنويم وفق الامكانات المسموحة، فإن كانت الحالة من الدرجة الاولى يتم تحويلها الى المستشفيات الخاصة لمواصلة العلاج وفق اتفاقية مع وزارة الصحة بحيث تتكفل بتكلفة العلاج.

من جهته، أكد مدير الشؤون الصحية في محافظة جدة الدكتور سامي باداوود أن نقص عدد الحضانات وضع اعتادت عليه مدينة جدة، مبينا أن الوزارة على أتم الاستعداد لتحمل نفقات الولادة والمكوث في الحضانات طوال فترة بقاء الأم في أي مستشفى خاص تتوفر فيه حضانات للأطفال الخدج.

وأضاف باداود: هناك توسعة في عدد الحضانات من خلال المشاريع الصحية التي تشهدها محافظة جدة، وسيكون هناك عدد 100 حاضنة في مستشفى الولادة والاطفال شمال جدة والتوسع في حضانة مستشفى الولادة والاطفال في العزيزية لتصل الى 60 حاضنة بالاضافة الى 60 حاضنة في مستشفى الولادة والاطفال في المساعدية، اضافة الى مستشفى السليمانية الذي سيتوفر فيه عدد من الحضانات، مشيرا الى أن هذه المشاريع سوف تخفف الضغط الكبير الذي تشهده مستشفيات جدة.

يشار إلى أن الخديج، الطفل الحي المولود قبل الأسبوع 37 من الحمل، وعند ولادة الطفل مهما كان وزنه ووقت ولادته، تتخذ له العديد من الاجراءات المطلوبة الاعتيادية مثل تنظيف مجرى الهواء، العناية بالحبل السري وقطعه، العناية بالعينين، وإعطاءه فيتامين K، التنظيف العام، الدفء، وغيرها، ولكن الطفل الخديج وناقصي النمو يحتاجون لعناية ومراقبة لمدة من الزمن معتمدة على وجود الأعراض المرضية والتعامل معها، وهناك نقاط عامة وهي وضع الطفل في الحاضنة للمحافظة على حرارة الجسم، مراقبة معدل ضربات القلب والتنفس، إعطاء الأوكسجين عند اللزوم، التغذية المناسبة والوقاية من العدوى.