-A +A
محمد ناصر الأسمري
«من غشنا فليس منا» نظرية أخلاقية أرساها نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام فصارت قيمة أخلاقية في مسارات الحياة عملا وتعاملا لكل الأسوياء. لكن أن ينتقص منها أناس كنا نحسب أنهم يتطهرون فذلك عين فساد أخلاقي لا يبارك الله في كسبهم ولا علم ادعوه.
برز للعيان رجلان شجاعان من الأهل والعشيرة في هذا الوطن، قادا حملة تطهير لساحات النزاهة العلمية أمانة ودراية، فقد أبلى موافق الرويلي عضو مجلس الشورى وأستاذ جامعي ومعه طالب الدراسات العليا عبد الله الشهري بلاء حسنا في كشف ممارسات سقيمة قام بها فئام من أناس كان لهم منظر في مقامات التعليم والتعلم والتنظير سرعان ما تفتت إلى كيانات هزيلة متوجة بفضائح الدجل والإغواء والتدليس والكذب والغش والخداع.

عمل الرويلي والشهري على كشف ثقافة الوهم التي مورست باسم العلم افتراء وكذبا، فقد تمكنا من الوصول إلى عش الخفافيش ذات العفن وكشفا مواخير إفساد الذوق العام قبل العلم وأشراطه وشروط الارتقاء في مدارجه.
ظهر للعيان كيف مارست جامعات ورقية كرتونية خارج الوطن العربي بيع شهادات الوهم ومنح درجات عليا لأناس خيب الله فيهم كل ظن بالخير والصلاح والفلاح، فصار لدينا وعاظ وكتبة ومحامون وأساتذة جامعات بياعون للوهم والخداع. أساتذة جامعات باعوا كل وسيلة للفضيلة، فأشرفوا على شهادات من جامعات وهمية لا أحد يعترف بها في مؤسسات التعليم العالي في أي مكان في العالم، بل لقد تعدى الأمر هنا إلى ما يشبه التزوير في استغلال النفوذ في الإشراف.
الصاعق في أمر الشهادات الوهمية والجامعات الكرتونية أنها ناشئة في بلدان ليس للغة العربية فيها مكان بل هي في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وبعض ممن أشرف على الوهم لا يعرف بعضهم تهجئة اسم الجامعة الوهم ولا اسم الطالب المزيف الكاذب، وهنا الطامة الكبرى في شراسة الغش والكذب.
بات كشف أمر هؤلاء الكذبة والغاشين فرض عين على مؤسسات التعليم العالي في المقام الأول يليه مؤسسات التشريع والقضاء لوقف هذا التعدي على الناس ولعل في مسعى مجلس الشورى في وضع تشريع ينقذ العلم أولا من مدعي التعلم والفضيلة من مدعيها ما يبقي الأمل في وجود حماية للأمانة والشرف والحفاظ على الأجيال من تزييف الحقائق.
وأظن أن المجلس بحاجة إلى إلزام الجهات المانحة بالتصريح لأصحاب المهن في التعليم والمحاماة والتدريب بل والخطباء بضرورة التدقيق والتمحيص في مصدرية الشهادات التي تخول حامليها الحصول على التراخيص المهنية.
لقد تكاثر الوهميون والوهميات أيضا في التسابق لحمل شهادات وهمية من مؤسسات وهمية، ولا أجد أي مسوغ فكري أو سلوكي أو مهني قاد من تبع هذا السلوك الخادع الكاذب الغاش إلى هكذا مصير ومآل؟ أهو الجشع المادي والبحث عن مكانة اجتماعية. أيها الواهمون كفانا غشا فما زلتم تكذبون ولن يصدق أحد لكم قولا فقد أهلكتم كل فضيلة للعلم والشرف والأمانة.