-A +A
فارس القحطاني (الرياض)

ارتضى عدد من رقيقي الحال أن يسكنوا حي الصنادق العشوائية المتناثرة على أطراف حي النظيم شرق العاصمة الرياض، حيث لا يستطيعون تحمل تكاليف الحياة ومصاريف المعيشة. «عكاظ» تجولت في الحي والتقت بعدد من المواطنين الذين يعيشون فعليا في تلك الصنادق التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تقي من برد ولا من لهيب الشمس الحارقة في صيف الرياض.

العم عارف العنزي تجاوز الخمسين من العمر وبدت عليه علامات التعب والإرهاق من الكد للحصول على لقمة العيش، يقول إنه يعيش في هذه الخيمة منذ عدة سنوات وإنه من المستفيدين من الضمان ولكن ليس كمعاش ضماني بل كمساعدة ضمانية تبلغ 10 آلاف ريال في السنة، أي 833 ريالا في الشهر وهو مبلغ زهيد لا يوفر لقمة العيش له ولأسرته.

مضيفا أنه كان يعمل في جمع الحديد الخردة ويبيعه على محلات السكراب ومحلات تجميع الحديد، وكان يتحصل منها على مبلغ مالي يعاونه على مصاريف الحياة وتكاليفها، ولكن منذ ستة أشهر منع هو وآخرون من القيام بهذا العمل وذلك ما حرمهم مصدر رزق إضافي حيث كان يحصل في الشهر على 1500 ريال من بيع حديد الخردة الذي يجمعه من البر ومكبات النفاية خارج حي النظيم. مشيرا ــ في حسرة ــ إلى أنه يتمنى أن يعود لجمع الحديد الخردة وبيعه كما كان في السابق والذي كان يدعمه ويشعره بأنه إنسان يتمتع بكرامته، ورغم ضنك عيشه دعا عارف «عكاظ» لتناول الغداء فما كان منها ــ رأفة بحاله ــ إلا أن اعتذرت بأدب مراعاة لمشاعره.

العم عارف يكد ويتعب للحصول على مبتغاه حيث حرم نعمة القراءة والكتابة، ورغم ذلك لم تهتز عزيمته في الكفاح للحصول على لقمة عيش تكفيه وأسرته، إذ يعمل على سيارته الداتسون، ولم يبحث يوما عن العمل في وظيفة مكتبية، بل اعتمد على كفاحه لينال لقمة عيشه بشرف وعرق. وأكد ضيف الله العنزي موظف بمبلغ 3000 ريال أنه يتردد على العم عارف بحكم المعرفة والقرابة موضحا أن سكان الصنادق يعانون الأمرين حيث لا يوجد لهم مصادر دخل ثابتة والبعض يضطر للعمل لساعات طويلة لا تكاد تقابل القيمة المالية التي تقدم لهم كل نهاية شهر.

مضيفا أن لديه معرفة بالعديد ممن يرغبون في العمل ولا يعترضون ولكن ما يمنعهم هو أنهم لا يملكون وسيلة نقل تقلهم من وإلى العمل مما يعرقل عزائمهم، لافتا إلى حدوث سرقات محدودة لمولدات الكهرباء هي أحد أهم المشكلات التي يعانيها أهل الصنادق. وعلى الجانب التعليمي قال العنزي: إن هناك مدير مدرسة ابتدائية قدم دعما ماليا لكل طالب من أهالي الصنادق بقيمة 300 ريال من حسابه الخاص، ليعينهم على الحياة، مؤكدا أن أسر الصنادق لا يحصلون على أي رعاية صحية حيث إنهم يذهبون إلى المستوصفات الأهلية للحصول على العلاج بمقابل مالي ولا يوجد لديهم أي ملف طبي في المستشفيات الحكومية لغيابها عن الحي. ومن جانبه أكد مدير الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة الدكتور علي الحناكي بأن الأحياء العشوائية هي من الأحياء التي يشار إليها بالبنان من حيث السمعة السيئة وانتشار الجرائم والسرقات والمخدرات فيها.

وقال في تصريح لـ «عكاظ»: مثل هذه الأحياء تعاني من نظرة المجتمع لها على أنها أحياء سيئة السمعة، وهو ما يترتب عليه انغلاق تلك الأحياء على نفسها وهذا يدفع بعضهم إلى الوقوع في مأزق الجرائم والمخدرات والسرقات، منوها بضرورة انفتاح تلك الأحياء على المجتمع والعمل على منح السكان الأراضي السكنية وتوفير الخدمات التي يحتاجها سكان الحي من مركز للشرطة ومركز لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وأن تعمل الدولة على تصحيح أوضاعهم كما قامت به في منطقة مكة المكرمة تجاه الأحياء العشوائية وكذلك منطقة الحدود الشمالية في أحياء الصفيح.

أحياء الصفيح



نقص الخدمات في تلك الأحياء ومطالبات سكان أحياء الصفيح سيكون له انعكاسات سيئة على أبناء تلك الأسر من حيث سعيهم في الحصول على احتياجاتهم بأي طريقة.