-A +A
عادل المالكي
أجبرتني الصدفة ذات مرة أن أكون جالسا بين رجالات غزى الشيب مفارقهم، وانحسر الشعر الأسود في وجوههم، كانت المناسبة قسمة ميراث رجل رحل عن الدنيا ونعيمها مخلفا وراءه من الأموال ما يصعب عده، كان حضوري شرفيا وليس على سبيل (من حضر القسمة فليقتسم) ولكنه قدري.
في حصة الرياضيات البدائية تلك، المملة ببدائية الطرح والجمع وفلان الكبير، وأنت الصغير، وبعد كر وفر، بدأت تلوح في الأفق بارقة الفرج، ودبت في الأنفس بشائر الرضى، إلا أن أمرا استرعى انتباهي، لكني أرجأت التساؤل لحين إعلان الوثيقة النهائية، وقلت بيني وبين نفسي في العجلة الندامة، ولي في السابقين عبرة فكثرة السؤال أهلكت من كان قبلنا .. وبقيت مستمعا.

جاءت ساعة الحسم وعلى الحضور قرأت وثيقة توزيع الميراث، كل نال نصيبه، إلا أن الوسواس عاد يراودني عن تفكيري، وبدأت تؤلمني غصة سؤال سبق لي أن أرجأته، قلت لنفسي لم لا أصبح شجاعا ولو مرة ؟! .. أقدمت وسألت كبيرهم «نسيتم .. نصيب شقيقاتكم النسوة ..!!» .. التفت إلي سريعا .. ثم شهق عميقا .. وزفر في وجهي شيئا من غضبه .. وهمس في أذني: «عيب .. لا أحد يسمعك» ..
أيقنت حينها أن القسمة كانت ضيزى وأن الأسئلة عن أشياء أحيانا .. إن بدت لنا نتائجها تسوؤنا .. طلبت من الله العوض في الوقت الضائع .. رددت في نفسي كفارة المجلس .. ثم وليت.