-A +A
عبدالله راجح العبدلي، عيدالحارثي (جدة)
تشكل محطات الوقود على الطرق السريعة القشة التي غالبا ما يتعلق بها عابرو الطرق للتزود منها بما يعين على المضي قدما في الرحلة سواء للراحلة أو للعابرين من زاد وماء ووقود، إلا أن واقع المحطات على بعض الطرق، خاصة الطريق الرابط بين جدة والعاصمة المقدسة، التي تقترب كثيرا من العمران، لا يمكن تصوره على أنه يعين على عناء الطريق، بل يضطر البعض لتحمل العناء وصولا لأي من المدينتين بدلا من التوقف.
وتنتشر المحطات على امتداد جانبي طريق الحرمين، وعلى مسافة طولية تصل إلى 150 كم للاتجاهين، لكن الغريب أن بعض المحطات تحولت إلى مواقع مهجورة خالية من الحركة عدا بقايا المركبات الخربة وأكوام النفايات بعد إغلاقها أخيرا لعدم التزام ملاكها بتطبيق المواصفات والشروط النظامية الواجب توفرها في محطات الوقود، في الوقت ذاته بدت محطات وقود أخرى بفضل الإقبال الكبير لسالكي الطريق ذهابا وإيابا أشبه ما تكون بمدن صغيرة ساهمت الخدمات التي وفرتها كمحلات الصيانة للأعطال الخفيفة ومحلات إصلاح «البنشر» والوحدات السكنية «الشقق» والمطاعم وبيع مستلزمات الرحلات والمشروبات الساخنة في استقطاب المسافرين والعابرين لما تحتويه من خدمات متكاملة.
«عكاظ» في جولتها على طريق جدة - مكة القديم الذي يمر بمراكز بحرة، حدا، وادي فاطمة، طريق الحرمين الجديد المار بنقطة تفتيش الشميسي باتجاه مكة رصدت بعض مكامن القصور والنقص في عدة محطات بعضها يفتقر لأبسط المقومات لممارسة هذا النشاط والبعض الآخر رغم المساحة الواسعة والبناء الحديث لم تراع فيها المواصفات اللازمة كي تكون على أقل تقدير محطة وقود.
وكشفت جولة «عكاظ» على محطات قديمة ما زالت مغلقة وأخرى ما زالت تعمل رغم رداءة الوضع العام فيها من جميع النواحي في أولى المحطات البترولية على طريق الحرمين باتجاه مكة المكرمة، التباين الشاسع بينها وبين الأخرى على طريق مكة القديم، حيث كانت الخدمات التي تقدم فيها تضاهي المحطات الكبرى لما يتوافر فيها، وفي المحطة التي تليها من إمكانات ومواقع للراحة ومطاعم بالإضافة للجامع الكبير الذي يشهد توافد عدد كبير من المسافرين والزوار والمعتمرين والحجاج في مواسم الحج لاتساعه واحتوائه على عدد كبير من دورات المياه للرجال والنساء، وفر فيها مالك المحطة خدمات النظافة على مدار الساعة.
لكن على النقيض ظهرت المحطة الثالثة وكأنها خالية من كل الخدمات عدا بقالة صغيرة خلف المبنى المخصص للتزود بالوقود الذي كان مغلقا نظرا لعدم تطبيق الشروط اللازمة لتقديم الخدمات البترولية، أما المحطة الرابعة فكانت خدماتها مقصورة على مبنى قديم مخصص كمطعم ومسجد يعاني في بعض الأوقات من انعدام الماء في الدورات ما جعل المسافرين يغادرون لحظة التوقف لأداء الصلاة بسبب عدم وجود ماء في دورات المياه.
يعرف فوزي البركاتي من سكان وادي فاطمة أهمية طريق مكة المكرمة القديم للمسافرين والعابرين، سواء من سكان المدن المتاخمة أو الحجيج والمعتمرين، وإسهامه في تخفيف الضغط على طريق الحرمين، إلا أنه يتعجب من الحال الذي بلغته العديد من المحطات على مدى عدة سنوات، مبينا أن بعضها لازمه الإغلاق قبل 3 سنوات بسبب عدم التزامها بالمواصفات والشروط اللازمة لإنشاء المحطات، ولم يفكر أصحابها في تعديل الوضع، فيما لم يتم توفير البديل، وكأن الأمر أصبح حكرا على هؤلاء لمصلحة شخصية بعيدا عن مصلحة عامة تتطلب البديل سريعا، في ظل ارتياد مئات الملايين للطريق، الذين يتكبدون في أوقات كثيرة مشقة العودة نحو طريق الحرمين كي لا تتعطل مركباتهم لنفاد الوقود.
واعتبر البركاتي إغلاق المحطات تسبب في معاناة للعابرين، خصوصا سكان المراكز الواقعة على الطريق، كمركز بحرة وحداء ووادي فاطمة والجموم، وقال: القرار الوزاري الخاص بضوابط المحطات والاستراحات على الطرق رغم ما تضمنه من إيجابيات، خصوصا عدم منح ترخيص لافتتاح محطة ما لم تتوافر فيها جميع الخدمات المساندة إضافة للوقود، إلا أن هناك بعض المحطات تحتاج إلى منح ملاكها فرصة لتطبيق الضوابط تدريجيا حسب إمكاناتهم المالية وإعطاء فرصة لمواقع التزود بالوقود للعمل كي يتمكن المستخدمون لهذا الطريق من تفادي توقف مركباتهم بسبب نفاد الوقود.
وأكد محمد الحربي من سكان محافظة الجموم أن قرار مجلس الوزراء الصادر أخيرا بشأن ضوابط ومواصفات الاستراحات ومحطات الوقود على الطرق السريعة جاء مواكبا لتطلعات واحتياجات الجميع، حيث إن معظم هذه المحطات رغم المواقع الحيوية التي تتواجد فيها والدعم الذي تتلقاه من الدولة إلا أنها لا تقدم ما يشفع لها كي تكون على الأقل متواجدة في طرق برية طويلة تربط بين محافظات ومدن ومناطق المملكة، وتشهد كثافة كبيرة لحركة المركبات والمسافرين.
وقال الحربي إن بعض المحطات تعاني من تدني مستوى النظافة ورداءة الطبقات الأسفلتية فيها، وقدم ماكينات تزويد الوقود إضافة إلى عدم وجود أماكن للاستراحة تلائم العوائل، وتوفر مستوى جيدا من الخدمة والنظافة، لافتا إلى أن المحطات البترولية التي تتواجد على الطرق البرية الطويلة يتوجب قبل منح المالك ترخيصا للعمل في هذا النشاط التأكد من توافر ورش للصيانة السريعة واستراحات للعوائل والعزاب ومطاعم تحتوي على كافة شروط النظافة الصحية والسلامة بدلا من المطاعم البدائية التي تدار بأيد وافدة لا تحمل حتى شهادات صحية من البلديات.

قرار مجلس الوزراء
وكان مجلس الوزراء أخيرا أقر عددا من الإجراءات حول محطات الوقود، وذلك بعد الاطلاع على توصيات اللجنة الوزارية المشكلة لدراسة تحسين وضع مراكز الخدمة ومحطات الوقود على الطرق الإقليمية وبعد الاطلاع على ما رفعه صاحب السمو الملكي رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار بشأن مبادرة الهيئة لتحسين مراكز الخدمة على الطرق الإقليمية - المبنية على ما ورد في الاستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية الصادرة بقرار مجلس الوزراء (20) وتاريخ 24/1/1425هـ - وذلك بهدف تنمية السياحة الداخلية وتطويرها وبعد النظر في قرار مجلس الشورى رقم (57/51) وتاريخ 21/10/1432هـ.
وشملت الإجراءات ما يلي:
أولا: تعد وزارة الشؤون البلدية والقروية -خلال ستة أشهر من تاريخ صدور القرار- برنامجا شاملا لتحسين وضع مراكز الخدمة ومحطات الوقود على الطرق الإقليمية ينفذ خلال مدة سنتين قابلة للتمديد وفقا لما تراه لجنة للإشراف والمتابعة تشكل برئاسة صاحب السمو الملكي وزير الشؤون البلدية والقروية وعضوية عدد من الجهات الحكومية.
ثانيا: تقوم وزارة الشؤون البلدية والقروية -بالتنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار والجهات الأخرى ذات العلاقة- بتطوير برامج تحفيزية للمستثمرين في هذا القطاع الحيوي ومن ذلك تطوير برنامج امتيازات متكامل لمحطات الوقود ومراكز الخدمة وبرنامج لتوطين الوظائف.
ثالثا: تتولى وزارة الشؤون البلدية والقروية خلال مدة تنفيذ البرنامج المشار إليه في البند (أولا) عددا من المهمات من بينها ما يلي:
1 – تأهيل المنشآت الراغبة في إنشاء محطات الوقود ومراكز الخدمة على الطرق الإقليمية وإدارتها وتشغيلها وصيانتها وفقا لأسس ومعايير وضوابط التأهيل المعتمدة، وإصدار التراخيص لذلك بالتنسيق مع وزارة النقل.
2 – إعطاء ملاك محطات الوقود ومراكز الخدمة القائمة حاليا على الطرق الإقليمية مهلة سنتين من تاريخ بدء تنفيذ البرنامج لمعالجة أوضاعهم وفقا للأحكام الواردة فيه.