-A +A
منصور الطبيقي
تجده بهندامه الأنيق وحقيبته السوداء الساحرة، يقتحم المستشفيات الحكومية والخاصة والمستوصفات وأحيانا إدارات الشؤون الصحية والتموين الطبي بحثا عن أطباء يروج لهم دواء أو حليب أطفال أو جهاز طبي جديد، عندما تسأله من أنت يقول لك أنا الدكتور فلان الفلاني، وهو أصلا ليس بطبيب ولا يحمل درجة الدكتوراه، بل هو صيدلي يعمل لدى شركة أدوية كمندوب دعاية طبية. الغالبية العظمى من هؤلاء هم من جنسية واحدة، عندما يقابل الطبيب ويخبره عن بضاعته تجده يخبره، أنه إذا تعاون معه بإدخال الدواء الجديد ــ الذي تستورده شركته ــ في دليل وزارة الصحة، أو بزيادة وصف الدواء، فإن له مبلغا مقطوعا كمكافأة لصنيعه العظيم، وذلك حتى إن لم تكن هناك حاجة ماسة طبيا لهذا الدواء وفي ظل وجود البديل الأجود. أخبرني البعض عن طبيب أطفال مشهور يعمل في مستشفى يتقاضى مبلغا من المال من شركة حليب أطفال معروفة، عن كل علبة حليب يصفها لطفل مريض، ويبلغ إجمالي ما يتقاضاه فقط من هذه الشركة شهريا، عشرة آلاف ريال، فما هي أرباح الشركة من هذا المنتج يا ترى!
سوق الدواء والأجهزة الطبية في القطاع الخاص في الوطن سوق ضخم ويقوم عليه أغلبية غير سعودية، أما السعوديون فهم إما في مناصب شرفية وليست تنفيذية، وليس لهم الحق في توظيف أي سعودي وليس لهم أيضا القدرة على نصرة أي سعودي تعرض لأي مضايقات من أجل (تطفيشه).
أتحدى أي مسؤول في قطاع العمل أن يخبرنا عن أعداد السعوديين الموظفين في مجموعات الصيدليات الخاصة ومستودعات وشركات ومصانع الأدوية، ونسبة الصيادلة، وفنيي الصيدلة والفنيين المهنيين والإداريين السعوديين فيها، لأن الرقم مخجل جدا !!.
فنيو الصيدلة المضطهدون الذين معاناتهم يعرفها القاصي والداني، لا يجدون وظائف محترمة في قطاع الدواء الذي تبلغ الاستثمارات المباشرة فيه عشرات المليارات !!.
اسألوا كيف يتم وضع العراقيل في توظيف المواطنين في هذه الشركات، ومن هم الآمرون الناهون فيها، وماهي جنسياتهم وكم يتقاضون شهريا وكم يمنح لهم بدلات !!.
بدلا من التضييق على السباكين والحدادين والعمال البسيطين من أجل السعودة كما أخبر الزميل خلف الحربي، دعونا نركز على الوظائف المهمة المحتكرة من غير السعوديين في قطاع استراتيجي ألا وهو قطاع الدواء.
قطاع الدواء والتجهيزات الطبية هو قطاع حساس ومغر جدا، وفيه قابلية لإغواء ضعاف النفوس وصار مرتعا لحوادث مخيفة، كان آخرها ما تداولته بعض الصحف المحلية، عن وفاة مرضى سرطان في مستشفى حكومي نتيجة استخدام أدوية بيولوجية مقلدة، المصيبة أنه لم يتم تأمين الدواء من الشركة الأم التي يوجد لها وكيل معتمد في السعودية، وسعر الدواء المقلد أغلى بكثير من سعر الدواء الأصلي، لو تم التحقيق في هذا الموضوع بمصداقية وتجرد ولو صدقت هذه الأخبار، لوجدنا إفسادا من عناصر غير مواطنة في تأمين هذا الدواء، إلى جانب بعض المفسدين من أبناء جلدتنا.
وفي الختام.. قطاع الصيدلة والدواء الخاص بالوطن، قطاع استراتيجي مهم يحتاج إلى قرار إصلاحي وعاجل لتوظيف السعوديين فيه.

tobagi@hotmail.com