-A +A
رندا الشيخ
يتملكني رعب أحيانا من فكرة فقدي لبعض الذكريات! فالكثير منها -وللأسف- مبعثر! جزء منها يختبئ في ثنايا كتب أقتنيها أو دفاتر تتناثر عليها حروفي، وجزء آخر محفور في قصاصات ورقية أخفيها في محفظتي أو أنقلها إلى مذكرة هاتفي أو أنساها على أرفف مطبخي!.
ترعبني أيضا مزاجيتي في الكتابة التي تتحكم في الوقت الذي أستغرقه في الكتابة ليلا أو نهارا أو رغبتي في الكتابة من الأساس! فليس الأمر ظريفا كما يبدو للبعض. وأتعجب لمن يتباهى أمام الآخرين بسعادة قائلا بأنه مزاجي! فالأمر ليس مدعاة للفخر بل مزعج جدا! فالمزاجية أو التقلب في المزاج -إن صح التعبير- يزعج الآخرين، ويحرمك من الاستمتاع واستشعار جمال بعض اللحظات المميزة في يومك التي قد لا تتكرر، بل ويكمن جمالها في تلقائية حدوثها في تلك اللحظة دون غيرها، عدا عن أن مزاجيتك في الكتابة تتسبب في إحراجك في حال ارتباطك بوقت محدد لتسليم ما تكتب! كما يحدث معي في بعض الأحيان!.
لكن، وفي المقابل، لا أعتقد بأن هناك ما هو أكثر رعبا من الحجر الفكري! ولا أقصد المعنى الذي تبادر إلى ذهنك للتو، بل أقصد شيئا مختلفا. فليس الآخر هو السجان في هذا الحجر، بل نحن! نحن نمارس الحجر الفكري على أنفسنا حين نضع آراءنا وأفكارنا وتجاربنا وحتى مشاعرنا تحت رحمة الآخر! كالكاتب الذي يفكر كما يريد القارئ ويكتب كما يهوى، ويشعر بناء على رغباته، ولا يجرؤ على الاختلاف معه أو مناقشته، بل لا يعرف كيف يكون ذلك الاختلاف وما هو شكله أو نكهته، فقد جعل رضى القارئ أولوية! لدرجة دفعت البعض إلى الظن بأن الدعوة إلى التأمل والتفكير الذي سيفرز اختلافا في وجهات النظر والمبادئ والأفكار، هي تجريح وتطاول، أو تحليق خارج السرب يفقد الكاتب جزءا من ألقه الجماهيري!.
أخيرا أقول، إن الحجر الفكري هو سلاسل نقيد بها أنفسنا طوعا وباستسلام، ثم نلوم الآخرين على الآلام والآثار التي تركتها على أيدينا وأرجلنا، والحل برأيي هو نزعها دون تردد وتحقيق الاستقلال. يقول أحد الروائيين: العقل الواعي هو القادر على احترام الفكرة حتى لو لم يؤمن بها.


Randa_sheikh@yahoo.com