-A +A
محمد حضاض (جدة)
كشف الدكتور طارق مدني رئيس الجمعية السعودية للطب الباطني وأستاذ الأمراض المعدية في جامعة الملك عبدالعزيز، أن حالات الوفاة بسبب حمى الضنك في مستشفى الجامعة فقط ارتفعت إلى 10 حالات منذ بداية العام حتى الآن، محذرا من تفشي المرض وصعوبة احتوائه مستقبلا. وقال خلال محاضرة في الملتقى الثالث لأطباء الباطنة في جدة البارحة الأولى: «من ضمن حالات الوفاة هناك طفلان أحدهما في الشهر الرابع والبقية ما بين 15 و44 عاما». وعاد الدكتور مدني بالذاكرة إلى بداية ظهور المرض للمرة الأولى في جدة مطلع 2006م، وقال: في تلك الفترة كلفني وزير الصحة السابق الدكتور حمد المانع بتشكيل لجنة عاجلة والتعرف على مسببات المرض، بعد أن بلغ عدد الحالات 1308 حالات مؤكدة للضنك، وقدمنا تقريرا حينها نقله الوزير المانع إلى خادم الحرمين الشريفين والذي وجه على الفور بتوفير كل الإمكانات اللازمة لإنقاذ جدة من المرض، وصرفت وزارة المالية ما يقارب الـ 7 مليارات ريال ساهمت في مكافحة المرض خلال عام واحد من خلال المشاريع المتنوعة التي تمت آنذاك.
وأضاف ما يزيد القلق أن فيروس الضنك بلغ سلالته الرابعة، حيث تم الأسبوع الماضي عزل مريض مصاب بتلك السلالة، ووفقا للإحصاءات الخاصة بوزارة الصحة أن 72 في المائة من المصابين هذا العام بالضنك هم من السلالة الثالثة ونصف المصابين سعوديين ويتركز المرض في جدة في أحياء الجامعة والكندرة والسليمانية والنزلة. وبين أن فيروس الضنك تحمله بعوضة الأديس اتبجاي ذات الألوان البيضاء في أطرافها، وتعيش بين 15 و65 يوماً وتنقل الفيروس لبيضها، وهو ما يجعل مكافحة المرض صعبة للغاية لأن البيض لا يموت ولايتكسر ويمكن أن يعيش في أسوأ الظروف المناخية لمدة عام كامل حتى يتبلل في الماء خلال فترة العام ليفقس بعوضا أو يموت بعدها، ومعروف أن بعوضة الضنك لا تلسع إلا في فترات النهار فقط بعكس بقية أنواع البعوض التي تفضل فترات المساء. وكشف أن مريض الضنك يعاني عادة من صداع شديد وخصوصا خلف العين وآلام شديدة في العضلات والمفاصل، مع نزيف أحيانا للدم في البول واللثة، إضافة لهبوط في الضغط وهناك بعض الحالات تعاني من بقع حمراء على الجلد وهي حالة متطورة في العادة، وقال «من العلامات السيئة للمريض القادم لتوه إلى الطوارئ نومه المتواصل، ومرحلة الخطر للمريض في العادة من اليوم الثالث من إصابته إلى اليوم السادس»، مشيرا إلى أن حالات وفيات الضنك أكثر من حالات فيروس كورونا. وتطرق لحمى الخمرة التي تم اكتشافها في جدة قبل 20 عاما، وقال «الفيروس شبيه بالضنك ولكنه ينتقل عن طريق الأغنام والإبل من خلال ملامستها بشكل مباشر أو تقطيع لحمها بعد ذبحها أو عن طريق البعوض الذي ينقل منها الفيروس، وسجلت في مكة تقريبا 20 حالة عام 2003م، وحينها طلبنا بإنشاء كرسي علمي لدراسته في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وتجاوب رجل الأعمال محمد حسين العمودي، وتم إنشاء الكرسي بمشاركة فريق طبي وعلمي من عدة دول متقدمة علمية ونجح في الوصول للعديد من النتائج الملموسة خلال الأعوام الماضية». وأضاف عندما اكتشفنا فيروس الخمرة لأول مرة أرسلناه لمختبرات متقدمة في الولايات المتحدة الأمريكية وتم عزله هناك، وبعد إنشاء الكرسي طلبنا منهم عينة من الفيروس «الاكتشاف السعودي» لنبدأ دراساتنا العلمية عليه، إلا أنهم رفضوا، وأعتقد أن ذلك بسبب خوفهم من استخدامنا له بشكل سيئ أو تحويله لسلاح بيولوجي، وفي خضم المحاولات تلقينا معلومة عن اكتشاف حالات مشابهة في نجران، وانطلقنا إلى هناك ونجحنا في عزل الفيروس من جديد وإجراء كافة الدراسات اللازمة عليه، واكتشفنا 58 حالة في نجران عام 2009م.