-A +A
شتيوي الغيثي
في حادثة تروى عن أحد أئمة المسلمين في بدايات العصور الإسلامية أنه كان يعظ طلابه، وكانت دموعهم تقطر من الخشية، لكنه ما أن انتهى من موعظته إلا ويكتشف أن أحدهم قد سرق مصحفه المذهب.
هذه الحادثة تتكرر كثيرا في واقعنا المعاش، فالفساد الأخلاقي يمكن أن يحصل من أكثر الناس تمسكا بالقيم الدينية وحرصا على الظهور بذلك المظهر عند العامة والخاصة، كما تحصل من غيرهم أيضا، والسبب الوحيد الذي يمكن أن يساق عند الحديث حول الفساد هو غياب الوازع الديني.

لو ترك الناس حسب ضمائرهم ووازعهم الديني، فلن يتوانى الإنسان عن استخدام أي شيء بصالحه، بما فيه الدين والتدين دون أن يحس بأي تناقض في ذلك، وربما هو ذاته لا يعرف أن فعله هذا يناقض الدين، على اعتبار أن فعله ذاك من صميم العمل الديني. وعلى سبيل المثال، فإن الذين يدعون إلى الزواج من فتيات سوريا المنكوبات باسم الإنسانية والدين ومناصرة الإخوة السوريين، إنما يتحدثون عن غريزة طافحة بالشهوانية، وإلا فإن منكوبات أفريقيا الفقيرات حالتهن كحالات سوريا؛ وربما أشد، كون المأساة تمتد لسنوات طويلة، لكننا لم نجد أحدا يدعو للزواج من أخواتنا الإفريقيات الجائعات. هذا مثال على تناقض الرؤية الإنسانية التي تستغل كل شيء لصالحها بما فيه الدين نفسه.
كما نجد من يحاسب الناس على سماعه لأغنية من الأغاني، لكنه يصمت عن سرقات مادية واضحة باسم فعل الخير، كالخبر الذي انتشر قبل أيام حول سرقات كبيرة من داخل التبرعات للأخوة السوريين، وسبب الصمت هو ألا تنقطع التبرعات عن سوريا. هنا يتم قبول فعل الشر من أجل الخير في تناقض أخلاقي هو إحدى طبائع الجنس البشري، ولذلك، فالوعظ وحده لا يكفي؛ بل لا بد من صرامة القانون الذي لا يحابي أحدا.