إن المتأمل لواقع حال الأغنية العربية في أيامنا هذه لا بد وأن ينتابه إحساس بالحسرة على أيام الزمن الجميل، عندما كانت الأغنية لا تخرج إلى الوجود إلا بعـد أن تمر بمخاض طويل وعسير تتظافر فيها جهود كل من المؤلف والملحن والمغني للتأكـد من أن مشروع الأغنية قـد استكمل كل عناصر النجاح من حيث مطابقة الجمل الموسيقية لكلمات الأغنية وملاءمتها لصوت المغني قبل أن يدفع بها إلى السوق ويستقبلها الجمهور. كانت الأغنية في ذلك الزمن لها شخصيتها المستقلة عن بقية الأغاني من حيث اللحن، كما أن التنوع في القوالب والأشكال الغنائية كان أحد سمات ذلك الزمن الجميل، حيث كنا نسمع الأغنية العاطفية والأغنية الوصفية والأغنية الشعبية والأغنية الوطنية وأغنية الطفل، بالإضافة إلى الاسكتشات أو المنولوجات الناقدة وغيرها الكثير مما لا يتسع المجال هنا للدخول في تفاصيلها. بينما نجـد أن الأغنية اليوم تعاني من هبوط حاد في مستواها الفني، وهزال شديد في بنيتها، فالكلمات في معظمها ركيكة وبلا معنى، واللحن ليس به روح وكأنه شخابيط أطفال في مراحل تعليمهم الأولى، هذا بالإضافة للأصوات المنشزة التي امتلأت الساحة العربية بها.. وتربى أطفالنا على هذا النوع من الغناء الرخيص الذي يعتمد أساسا على الإيقاعات السريعة والمرقصة، وليس هناك لحن يميز أغنية عن أخرى، فالألحان كلها متشابهة وكأنها توائم، وكلها جاهزة التصنيع تستورد إما من تركيا أو الهند أو إيران، كما أنها تعتمد على أشكال المغنين لا على حسن أصواتهم مما أفسد ذائقة جيل كامل من أبنائنا.
ومما يزيد من تشاؤمنا بالنسبة لمستقبل الأغنية العربية والخليجية بشكل عام والسعودية بشكل خاص من انتشار وسيطرة الموجة الجديدة والهابطة من الغناء والموسيقى الصاخبة على الأجيال القادمة هو غياب المنافسة بين شركات الإنتاج، واحتكار الإنتاج من قبل بضع شركات عملاقة تتولى توجيه الموجة وفق العيار الذي تريده لأغراض تجارية بحتة، خصوصا إذا علمنا أن القائمين على هذه الشركات هم أناس لا تربطهم بالموسيقى والغناء أي رابط على الإطلاق، كما أنهم لا يملكون أية رؤية لمستقبل الأغنية العربية سوى التكسب من ورائها. لذلك، فهذه الشركات تستهدف فئة الشباب والمراهقين فقط الذين يشكلون نسبة كبيرة من القوة الشرائية في سوق الكاسيت.. وبعد أن بدأت تكسد هذه السوق نظرا لاقتحام الشباب لعالم الشبكة العنكبوتية «لإنترنت» لجأت هذه الشركات لتقديم تلك الأعمال عن طريق إنشاء قنوات فضائية متخصصة تعمل على مدار الساعة ملأتها بكل أنواع الإثارة لاجتذاب الفئات العمرية الصغيرة. وليس هناك من وسيلة أخرى للتصدي لهذا التسونامي المتنامي سوى القيام بتنمية الذائقة الموسيقية لدى الأجيال القادمة وترغيبها في الاستماع للموسيقى الصرفة «الآلاتية» وذلك بالدعوة إلى أن تكون التربية الموسيقية ضمن المناهج المدرسية، على أن يتم تدريسها بشكل علمي ومنهجي، والتركيز بشكل خاص على الموسيقى العالمية والكلاسيكية..
ومما يزيد من تشاؤمنا بالنسبة لمستقبل الأغنية العربية والخليجية بشكل عام والسعودية بشكل خاص من انتشار وسيطرة الموجة الجديدة والهابطة من الغناء والموسيقى الصاخبة على الأجيال القادمة هو غياب المنافسة بين شركات الإنتاج، واحتكار الإنتاج من قبل بضع شركات عملاقة تتولى توجيه الموجة وفق العيار الذي تريده لأغراض تجارية بحتة، خصوصا إذا علمنا أن القائمين على هذه الشركات هم أناس لا تربطهم بالموسيقى والغناء أي رابط على الإطلاق، كما أنهم لا يملكون أية رؤية لمستقبل الأغنية العربية سوى التكسب من ورائها. لذلك، فهذه الشركات تستهدف فئة الشباب والمراهقين فقط الذين يشكلون نسبة كبيرة من القوة الشرائية في سوق الكاسيت.. وبعد أن بدأت تكسد هذه السوق نظرا لاقتحام الشباب لعالم الشبكة العنكبوتية «لإنترنت» لجأت هذه الشركات لتقديم تلك الأعمال عن طريق إنشاء قنوات فضائية متخصصة تعمل على مدار الساعة ملأتها بكل أنواع الإثارة لاجتذاب الفئات العمرية الصغيرة. وليس هناك من وسيلة أخرى للتصدي لهذا التسونامي المتنامي سوى القيام بتنمية الذائقة الموسيقية لدى الأجيال القادمة وترغيبها في الاستماع للموسيقى الصرفة «الآلاتية» وذلك بالدعوة إلى أن تكون التربية الموسيقية ضمن المناهج المدرسية، على أن يتم تدريسها بشكل علمي ومنهجي، والتركيز بشكل خاص على الموسيقى العالمية والكلاسيكية..