-A +A
فهيم الحامد (إسلام آباد )

لن تكون مهمة الحكومة الباكستانية الجديدة التي أدت أمس الأول اليمين الدستورية أمام الرئيس آصف زرداري، وبحضور رئيس الوزراء شريف، سهلة على الإطلاق، فالحكومة الثالثة لنواز ستواجه جملة من التحديات الداخلية المعقدة وعلى رأسها أزمة الطاقة الخانقة، وانقطاعات الكهرباء في جميع أنحاء الباكستان لـ14 ساعة يوميا، مما أدى لحدوث شلل في القطاع الصناعي، فضلا عن الأزمة الاقتصادية المعقدة واستلام شريف من الحكومة السابقة لخزينة مفلسة، بالإضافة لإعادة الأمن والاستقرار الداخلي حيث شهدت الباكستان طوال السنوات الماضية تسونامي من التفجيرات الانتحارية.
ومن المؤكد أن القضايا الخارجية التي ورثتها حكومته ستكون أكثر تعقيدا من القضايا الداخلية، فقضية استمرار الضربات الصاروخية باستخدام الطائرات الأمريكية بدون طيار والمعروفة باسم «الدورن» ضد أعضاء حركة طالبان والتي تعارضها حكومة شريف باعتبارها اختراقا للسيادة والتعامل مع الوضع في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي والذي قد يحدث إعصارا جديدا من التفجيرات الإرهابية والتي ستكون باكستان هدفا رئيسيا لها، ووضع استراتيجية شاملة لمعالجة ظاهرة الإرهاب والتطرف بالتشاور مع الزعماء السياسيين وبعض الدول الصديقة ومناقشة العلاقات المتوترة مع واشنطن الحليف الرئيسي لبلاده خاصة أن إدارة أوباما بادرت في تهنئة شريف وأكدت حرصها على فتح قنوات الحوار مع إسلام آباد في جميع المجالات، ومهمة بناء علاقات مع الهند العدو - الصديق الذي تمكن شريف من تطبيع علاقاته معها في الفترة الثانية من حكمه عبر إطلاقه لدبلوماسية الحافلات، وتحسين صورة بلاده لاستعادة المكانة التي تليق بها بين المجتمع الدولي.
هذه التحديات الداخلية والخارجية سيتصدى لها شريف عبر فريق حكومته الجديدة المصغرة، والتي وصفت بأنها متمرسة ومؤهلة وصاحبة الكفاءة العالية في الإنجاز والشفافية في التعامل وإرساء دولة القانون وقطع رأس الفساد في المائة يوم الأولى من حكومته التي أدى خمسة وعشرون وزيرا فيها اليمين الدستورية والتي من بينها ستة عشر وزيرا فيدراليا وتسعة وزراء دولة بالإضافة إلى مستشارين لرئيس الوزراء ومساعدين خاصين. وسيحتفظ شريف بحقيبة الدفاع والخارجية بينما تم إعطاء حقيبة وزارة الاقتصاد والتي تعتبر من أهم الحقائب لإسحاق دار مهندس الاقتصاد والذي بدأ فورا في إعداد الميزانية الجديدة للحكومة والتي من المفترض أن تقدمها أمام البرلمان الأسبوع القادم ( 12 يونيو)، وشودري نصار علي خان لحقيبة الداخلية ومكافحة المخدرات والتي تعتبر أيضا من الحقائب المعقدة والتي ستتطلب جهدا مضاعفا من الوزير المتمرس الجديد في التعامل مع قضايا الإرهاب والتشدد. أما الحقيبة النارية وهي حقيبة وزير الطاقة والمياه فأعطيت لخواجه آصف، وبرويز رشيد كوزير للإعلام وعبدالقادر بلوش كوزير للشؤون الحدودية وخاقان عباسي لحقيبة البترول والثروات الطبيعية ورانا كوزير للإنتاج العسكري وتقلد سعد رفيق منصب وزير السكك الحديدية فيما أعطي زاهد حامد منصب وزير القانون وإحسان إقبال وزير التخطيط وسردار يوسف كوزير للشؤون الدينية. وتم تعيين السياسي المخضرم سرتاج عزيز كبير المستشارين للأمن الوطني والشوؤن الخارجية والدبلوماسي المخضرم طارق فاطمي كمستشار للشؤون الخارجية.
وبهدف سرعة تحريك الحكومة الجديدة في التعامل مع الخطوط الرئيسية للسياسة الخارجية الخاصة بحكومته أصدر شريف مذكرات لجميع البعثات الدبلوماسية الباكستانية في الخارج لبدء العمل على تنفيذها حيث حث السفراء في الخارج بالعمل على تعزيز الصورة الإيجابية لباكستان والعمل على تعزيز العلاقات والاقتصادية مع الدول الأخرى واستعادة المكانة التي فقدتها خلال السنوات الماضية وتبرز بين الدول الإقليمية الهامة كقوة اقتصادية نامية ودولة ديمقراطية معتدلة.
والتركيز على جذب فتح قنوات الاستثمارات في قطاع الطاقة لإخراج باكستان من أزمة النقص الحاد الذي تواجهه في هذا القطاع تأكيد رئيس الوزراء نواز شريف عزمه على حل أزمة انقطاع التيار الكهربائي تدريجيا باتخاذ عدد من الخطوات لزيارة إنتاج الطاقة الكهربائية حيث عقد أول اجتماع له مع قيادات حكومته بحضور خبراء باكستانيين لوضع استراتيجية شامله للتعامل مع أزمة الطاقة، بالإضافة لتعزيز العلاقات مع الدول الإسلامية والدول الصديقة في منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها المملكة وضرورة تطوير العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية ومعالجة الخلافات حول المسائل الخلافية بطريقة ودية. واعتبار الصين أهم وأكبر شريك اقتصادي واستراتيجي لها و ضرورة تحسين العلاقات مع كافة دول المنطقة ودعم عملية المصالحة الوطنية في أفغانستان ومواصلة حوار السلام الشامل مع الهند لتصفية الخلافات العالقة وحل نزاع كشمير.
حكومة شريف بدأت في خارطة طريق المائة يوم الأولى والتي ستكون محورية لأن الناخب ينتظر الالتزام بالوعود التي قطعتها حكومته إبان الحملات الانتخابية.