-A +A
أنور ماجد عشقي
في مدينة اسطنبول ذات العشرين مليون نسمة والمنفذ البري الوحيد من آسيا إلى أوروبا، شاركت في أواخر شهر مايو بمؤتمر استراتيجي عالمي ناقشنا فيه أوضاع الشرق الأوسط وإمكانية إخلائه من أسلحة الدمار الشامل.
اقتنصت فرصة لأسير في شوارع هذه المدينة والتقيت فيها ببعض رجال الأعمال والعلماء، وكنت سعيدا أن أرى دولة إسلامية تقفز إلى مرتبة الدول المتقدمة وتؤثر في مفاصل السياسة العالمية.

وتذكرت عملي كمساعد لقائد قوات الردع السعودية في بيروت في الحرب الأهلية خلال السبعينيات من القرن الماضي، وكيف كانت تطبخ في لبنان السياسة العربية، ويومها برزت المملكة العربية السعودية كلاعب مؤثر يسعى إلى تهدئة الأوضاع وخدمة القضايا العربية والإسلامية.
واليوم وفي أعقاب زيارة الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلى تركيا، وإجراء التفاهم بين البلدين، وتوقيع الاتفاقيات الصناعية والعسكرية، تقصدت أن أتابع التصريحات التركية وإشادتها بهذه الزيارة، ولعلي لمست ذلك، إذ أنني أول من يدخل إلى تركيا بدون تأشيرة دخول ودون رسوم، وكان ذلك من ثمار هذه الزيارة.
لقد تأكدت قناعتي بأن اسطنبول أصبحت مطبخا سياسيا مهما في سياسة الشرق الأوسط، فكانت زيارة الأمير سلمان تؤكد على أن المملكة أصبحت عضوا فاعلا في صناعة القرار الاقليمي وأن الأمير سلمان قد جاء إلى تركيا لكي يعزز العلاقة مع أنقرة لخدمة الأهداف القومية والإقليمية.
إننا نعيش اليوم مستقبلا جديدا فرضته المتغيرات على الساحة العربية والعالمية، لقد أرادت الدول الكبرى لإسرائيل أن تحتل المكانة في المنطقة، لكن المملكة دعمت تركيا وغرضها أن يكون لتركيا الإسلامية الدور الأول بعد أن خلعت عنها لباس العلمانية وارتدت الثياب الإسلامية الليبرالية.
لقد عبر عن ذلك النائب في البرلمان والفاعل في السياسة التركية البروفيسور أمر الله أشلر، عندما قال بأن للمملكة مكانة خاصة ضمن السياسة الخارجية الجديدة، إذ شهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في البلاد.. وبقدرت ما سعدت مما شاهدته في اسطنبول حزنت للاحتجاجات التي شهدتها والتي نأمل أن تنتهي بهدوء وسلام.